المختص اللبناني في علم النفس الدكتور محمد عمري للوفاق:

الغذاء الصحي غذاءُ متوازن يحتوي على كافة العناصر

خاص الوفاق: أهمية صحة الغذاء هي رأس الهرم وبيت القصيد، فمن خلال الغذاء يحصل الجسم على احتياجاته الجسمية والفيزيولجية وبالتالي النفسية

سهامه مجلسي

 

تتمثل أهمية الغذاء الصحي لجسم الانسان في أنه مصدر الطاقة الذي يعيش عليها الإنسان، حيث أن التغذية السليمة تبني أجسامنا لمقاومة الأمراض مثل سوء التغذية، أو النحافة الشديدة، أو السمنة المفرطة، أو مشاكل في الجهاز الهضمي بالإضافة إلى بناء عضلات الجسم. فالغذاء والماء هما المصدران الرئيسيان للتغذية وتقوية الجسم، لكن الكثير من الأطعمة التي نتناولها لا تحتوي على أي قيمة غذائية، بل على العكس من ذلك، يمكن أن تسبب مشاكل صحية مثل، مرض السكري وأمراض القلب المختلفة، لذلك علينا اختيار توفير ما يكفي من احتياجتنا للقيم الغذائية لجسمنا، واختيار غذاء صحي ومتوازن ذو قيمة غذائية عالية. فالنظام الغذائي الصحي والمتوازن هو نظام غذائي يحتوي على الكثير من الكربوهيدرات في الحبوب والبقوليات، والفيتامينات والألياف في الفواكه والخضروات الطازجة، والبروتين في اللحوم والدواجن والبيض، وكمية قليلة من الدهون والسكر، عندما يأكل الإنسان قدر كاف من نظام غذائي متوازن، فهذا سيكون له تأثير إيجابي على صحته، كانت هذه اهمية الغذاء الصحي لجسم الانسان، وفي هذا الصدد أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع المختص اللبناني في علم النفس الدكتور محمد عمري، فيما يلي نصه:

 

ما هي أهمية الصحة الغذائية اليوم في حياتنا بشكل عام؟

 

أهمية صحة الغذاء هي رأس الهرم وبيت القصيد، فمن خلال الغذاء يحصل الجسم على احتياجاته الجسمية والفيزيولجية وبالتالي النفسية وكما يقول أبو الطب أبُقراط: ” طعامك دواءك، ودواءك في طعامك”

 

فالغذاء هو أساس كل شيء ولعل أبرز من ركز عليه هو الامام علي(ع) وحتى الآن مقولاته هي من أسس علم التغذية العلاجية وسمية الطعام.

 

كيف تطور مفهوم الصحة الغذائية ليصبح نظاماً معتمداً؟

 

حقيقةً كنا نشهد في العصور السابقة تطوراً كبيراً في مفهوم الصحة من ناحية الغذاء أكثر من الآن بكثير، فمع تطور الحضارات تكنولوجياً وتزلف العولمة أصبحت “أنا” التكنولوجيا والإنتاج هي الأساس، وتبعثرت أهمية “أنا” الإنسانية .. ومع جشع مجتمعاتنا الرأسمالية التي تسعى للربح فقط بدون النظر في الأبعاد التي تؤثر على المجتمع من الناحية الصحية والنفسية، أصبحت تنتشر مفاهيم مغلوطة وتجارية في مجال الصحة والتغذية، حيث أن معظم الأنظمة المنتشرة اليوم هي وإن كانت تحت شعار الصحة إلا أنها تجارية وتقود الإنسان الى الهاوية في نهاية المطاف. فمعظم الأنظمة المعتمدة اليوم والتي تشهد تطور عكسي نحو الأسوأ تنادي بترك النشويات والإبتعاد عن الحبوب والإقبال على الدجاج واللحوم بشكل أكبر، على سبيل المثال، وهنا الطامة الكبرى، حيث أن اللحوم خاصة الحمراء تسبب حامضية في الدم مما يجعل الدم بيئة ممتازة لتكاثر الأمراض والعلل في الجسد ناهيكم عن الهرمونات التي تضخ بشكل ضخم في اللحوم الحمراء والبيضاء واستثني منها السمك البحري الطازج فهو من اللحوم النافعة والمهمة جدا..  والتي تكاد تخلوا من الهرمونات والمواد التي تضيفها أيدي البشر ..

 

ومن هنا، وإن كان هذا النظام خسرنا من خلاله بعض الكيلوغرامات إلا أننا أضعفنا مناعتنا وسببنا لجسمنا الأذى الكبير.

 

وبعد البحث المطول وإجراء الاختبارات المتكررة لا يوجد نظام صحي حقيقي سوى النظام الطبيعي المتوازن الملائم والمراعي للبيئة المحيطة وحقيقة لم أجد ذلك الّا في نظام الماكروبيوتيك، وهو بسيط جدا ولا يعتبر حمية متعبة، إنما نظام حياة شفائي شمولي.. يمنحنا البركة في صحة الجسد وصحوة الفكر والنفس والهمة العالية حيث يعمل على تغذية الجسد كوحدة متكاملة جسد ونفس وروح ويهتم بمختلف جوانب الحياة ويركز على طريقة الأكل ومعدات الطبخ  كالخشب والفخار وطناجر الستانلس ستيل عيار ١٨/١٠ .

 

والحالة النفسية اثناء الطبخ والرياضة، وأمور اخرى أساسية مثل المضغ والتنفس وتمارين الإسترخاء والتمدد فهو أسلوب حياة متشعب وليس مجرد حمية.

 

يركز الطب الطبيعي بمفهومه كحمية غذائية على تناول الحبوب الكاملة والبقول والخضار بكامل أجزائها بدون إقتطاع أي شيء منها، بالإضافة إلى الأعشاب البحرية والسمك… والكثير بما يتناسب مع كل بيئة وبما تنتجه كل تربة ويركز حتى على طريقة الزرع وأهمية راحة التربة وخصائصها وغيرها الكثير الكثير..

 

هل الصحة الغذائية يعني الإبتعاد عن الأطعمة الشعبية وإتباع فقط حميات غذائية؟

 

لا أبداً، حيث يمكننا وبحسب نظام الماكروبيوتيك أن نحضر أي طعام شعبي نريده حسب معايير صحية ومكونات نافعة. مثلا لنفترض أننا سنقوم بتحضير وجبة  fettuccineالمطلوب: استبدال الباستا المُحضّرة من القمح المقشور، بالباستا المصنوعة من حبة القمح الكاملة. وبدل كريمة الطبخ الجاهزة، نحضر نحن الكريمة الخاصة بنا من حليب الماعز أو حليب نباتي مع طحين القمح الكامل وزبدة حيوانية والتوابل الخاصة التي نحبها. كذلك نستبدل ملح الطاولة بالملح البحري الكامل أي ما يسمى بــزهرة الملح، ونضيف الفطر الطازج مع القليل من الدجاج إن كان متاح من مزرعة نثق بها وبأهلها. كما وعلينا الإمتناع تماما عن الزيوت المهدرجة وهناك الكثير من الأمور في هذا الشأن. وهكذا تُصبح أكلاتنا أقل ضررَا وصُحيّة وتزيد من مقدار فائدتنا الصحيّة الجسديّة والنّفسية والفكريّة..

 

لماذا يربط البعض مفهوم الصحة الغذائية بإتباع حميات غذائية والإبتعاد مثلاً عن السكريات والدهون و و؟

 

برأيي الإبتعاد عن السكريات والزيوت المهدرجة أمر ضروري لصحة الإنسان. حين نتخلى عن إدمان السكر، سيبدو جسدنا مرهقا في بداية الأمر، لكن لاحقا سرعان ما نجد أنّ الجسم أصبح أنشط ولا يتأثر بالتلوث، ويتحسن المستوى الذهني، ويقوى جهاز المناعة، وتشدّ العضلات، ….. وهناك بدائل طبيعية للسكر:  كالدبس وسكر القصب الأورغانيك، والستيفيا، وأفضل الدبس حقيقة.

 

بالنسبة للدهون منها الصحية النافعة التي لا يجب التخلي عنها كــ زيت الزيتون والزبدة الحيوانية ..

 

وهناك الضارة كالزيوت المهدرجة (زيوت القلي) والزبدة النباتية والسمنة .. قطعا يجب أن نتخلص منها ولا يجب أن تكون موجودة في أي بيت وعلى لوائح طعامنا.

 

وبهذا، نكون نحن غير مقيدين بحمية لكنّنا نتبع أسلوب حياة صحي، وهذا هو الأساس..

 

الصحة الغذائية يعني حياة أفضل، كيف تشرحون ذلك؟

 

نعم، حين يكتفي الجسم  بما يحتاجه من فيتامينات ومعادن، سيعمل بشكل صحيح. ومن هنا  تنشأ الصحة مما يقدم لنا طاقة للحياة، طاقة للسلام، وطاقة للحب. إن أي خلل في مكونات الجسم يؤدي إلى تدهور عدة أمور، فمثلا: نقص بروتين الكولاجين يؤثر سلبا على البشرة، ونقص الفيتامين (دال) يؤثر على كل الجسم ليس فقط على العظام، لأن الفيتامينات تعمل بتناغم لتكون وقودا للجسم.

 

من هنا اتباع النظام الكامل مع مكملات (الفيتامينات والمعادن) يمنحنا حقا حياة ذات جودة وبركة، وهذا يقلل من إنفعالاتنا وعصبيتنا ويؤثر حتماً على الصحة النفسية والفكريّة وليس فقط الجسدية.

 

الجانب النفسي من إهتمامات العصر اليوم، كيف تنعكس الصحة الغذائية على الجانب النفسي؟

 

بكل بساطة اقول في هذه الجزئية، أن الانسان إن لم يكن يعاني من الوجع في جسده وتعمل أعضاؤه بشكل سليم ومتناغم، إضافة إلى أنّه يمارس تقنيات الإسترخاء والتمدد ويختار ما هو صحي من طعام وغذاء وعلاقات إجتماعية وشخصية، سيشعر الإنسان حتما بالإتزان النفسي بخاصة الإنفعالي.. وأشدد على أنه لا صحوة بدون صحة ولا إستقرار نفسي  بدون عافية جسدية.

 

سبق وتحدثتم عدة مرات عن نظام الماكروبيوتيك هل يمكنك توضيح هذا النظام وأساسيته؟

 

الماكروبيوتيك يعني فنّ العيش لمدّة زمنيّة أطول، فكلمة ماكروبيوتيك Macrobiotic مشتقّة من الكلمتين اليونانيّتين Macros “ماكروس” ومعناها “طويل” و Bios “بيوس” وتعني “الحياة”. الماكروبيوتيك يعني -أيضاً- النّظام الحيويّ الأكبر أو النّظام الحياتيّ الجمعيّ، إذ يعود أصل الـ Macrobiotique  إلى كلمتي Macro “الجمعي أو الأكبر و Biotique الحياتيّ أو الحيويّ. وهنا لا نأخذ التفسير على معناه الحرفي فنحن نقصد بالفترة الزمنية الأطول بركة في العمر- عمر الخلايا – والصحة …

 

كيف نعوّد أنفسنا على حياة تعتمد الصحة الغذائية؟ أعطنا نصائح وإرشادات عائلية للتوجه والإهتمام بالصحة الغذائية؟

 

سؤال جميل ومهم جداً..

 

إنّ الإهتمام بالصّحة الغذائية هو خطوة مهمة جداً نحو حياة صحية ونشيطة . هذه بعض النصائح والإرشادات العائلية للتركيز على التغذية الصحية الجّيدة:

 

  1. الإهتمام بالرياضة خاصة رياضات التمدد والمرونة البدنية.
  2. إتقان التنفس العميق وإستخدامه.
  3. تعلّم تقنيات إدراة الضغوطات وتطبيقها بشكل مستمر.
  4. إعداد مطبخ يحتوي على أدوات صحيةّ.

 

إذ أنّه يجب أن لا يحتوي مطبخك الصّحيّ على أوانٍ مصنّعة كيميائيّاً أو طناجر تفلون أو أيّ نوع آخر غير السّتانلس ستيل، ولا ضرورة لوجود سلّة مهملات.. كلّ ما تحتاج إليه هو: فرن غاز منزليّ، لوحة خشبيّة غير مدهونة، سكين من الستانلس ستيل أو الفولاذ المصقول، طنجرة من السّتانلس ستيل عيار 18/10 أو الفخّار أو صبّ الرّمل . (castiron) أمّا محور هذا المطبخ فيجب أن يكون معرّضاً للهواء النّظيف ويحتوي على نباتات خضراء، ويجب أن تكون جميع قوارير حفظ الطّعام من الزّجاج مغطّاة بأغطية خشبيّة.

 

كما وأنّ الطهي في المنزل يُمكّن الشّخص بالتحكم مكونات الوجبات وبكميات الملح والسكر والدّهون وغيرها.. مع العمل بحرص على أن تكون الوجبات متوازنة من حيث الكربوهيدرات، البروتينات، والدهون الصّديقة الصحية.

 

كذلك لا ننسى تشجيع أطفالنا على المشاركة في أعمال المطبخ و الطهي، وهذا ما يُحفّذ عندهم تعلم مهارات جديدة زيُعزّز عادات الأكل الصحيّة.

 

5- الإكثار من المأكولات النباتية من حبوب كاملة وخضروات بكامل أجزائها وفاكهة. كذلك تجنب اللحوم الحمراء وحليب البقر واستبدالهما بالسمك والحليب النباتي أو مشتقات حليب الماعز.

6- التّسوّق الذكي من خلال الإعتماد على المشتريات الطازجة والمكونات الطبيعية بدلاً من العلبة والمبسترة.

7- إنتظام الوجبات اليوميّة بحيث يتناول الشّخص ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين في اليوم للحفاظ على تمثيل غذائي صحيح ومتوازن وعلى مستوى الطاقة المطلوبة لجسم صحي، نشيط، ومفعم بالحركة والراحة..

 

ومن الضروري  أن نُشدد دائماً على الحفاظ على بيئة نفسية مستقرة في البيت يسودها الحوار والتفاهم … ودمتم بخير مودتي ….

 

 

المصدر: الوفاق/خاص