في مناسبة ذكرى استشهاده:

شهيد المحراب آية الله مدني.. بذل الروح من أجل علو الإسلام

الشهيد آية الله سيد أسد الله مدني هو أحد رموز الثورة الإسلامية الذي كان دائما مهتماً بالدين ودائم السعي لإدخاله في ميادين العمل المختلفة الاجتماعية والسياسية الاقتصادية، حاول آية الله مدني تعزيز القيم الإسلامية من الناحيتين العملية والنظرية

2024-09-10

يصادف يوم  11 ايلول/سبتمبر1981 ذكرى استشهاد ثاني شهداء المحراب في تاريخ الثورة الاسلامية ففي مثل هذا اليوم قامت زمرة النافقين وخلال اقامة صلاة الجمعة بإغتيال آية الله اسد الله مدني الذي قال الامام الخميني(قدس) في رثائه “كان عالماً وعادلاً ومعلماً للأخلاق والروحانيات فكما استشهد جده أمير المؤمنين (ع) قامت أيدي المنافقين الخبيثة بإغتياله في محراب العبادة فهو بذل الروح من أجل علو الإسلام”.

الشهيد آية الله سيد أسد الله مدني هو أحد رموز الثورة الإسلامية الذي كان دائما مهتماً بالدين ودائم السعي لإدخاله في ميادين العمل المختلفة الاجتماعية والسياسية الاقتصادية، حاول آية الله مدني تعزيز القيم الإسلامية من الناحيتين العملية والنظرية. واعتبر نفسه مطيعاً للولي الشرعي وأكد على طاعة الجميع له، وكانت وحدة المسلمين وتماسكهم، ومراعاة المعايير الإسلامية في الأنشطة السياسية، ونشر العدالة الاجتماعية، والاهتمام بالاستقلال الاقتصادي، من القضايا المهمة  التي تبناها وسعى إلى تحقيها في كل حياته الشريفة. كان من المناضلين النشطين وقادة الثوار في فترة الحركة الإسلامية، وبعد انتصار الثورة الإسلامية، تقلد أيضاً مناصب ومناصب مختلفة.

 

الخدمة الصادقة للناس

ومن خصائص النظام السياسي المرغوب فيه في فكر وسلوك آية الله مدني السياسي، الخدمة الصادقة للشعب. قال: “إننا لن نولد ثانيةً؛ هذه هي المرة الوحيدة التي يجب الإستفادة منها بشكل كامل.” ولذلك فإن خدمة الناس ورعاية الفئات الأضعف في المجتمع كان ينصح به دائماً ولم يشعر أبداً بالتعب في تنفيذه. فلم يأخذ معه عائلته بعد أن كلفه الإمام الخميني (قدس) برعاية شؤون مدينة تبريز وبعض المدن الأخرى. لأنه كان يعتقد: “إذا اصطحبتها معي إلى تبريز، فلا بد لي من قضاء ساعة أو ساعتين في اليوم معها بينما أستطيع أن أخدم الناس بهاتين الساعتين.” وكان يشدد على أن المؤسسات الحكومية يجب أن تتصرف بطريقة “تُفيد الشعب والنظام”.

 

الوحدة الداخلية والتماسك الإجتماعي

 

وقد أولى آية الله مدني اهتماماً جدياً في مسألة وحدة المجتمع والأمة، وكان يشعر بأهمية هذه القضية، خاصةً في تلك الظروف. وكان يعتقد أن ما يخافه العدو هو الوحدة والتضامن، وبالتالي يجب على المسلمين القضاء على خلافاتهم والتوحد. ومما جاء في أحد خطاباته حول هذا الموضوع: “أنتم الذين ساهمتم بشكل كبير في هذه الثورة الإسلامية العظيمة بتضامنكم وتوحدكم، لقد قطعتم بمساعدتكم خطوات كبيرة في دفع هذه الحركة المقدسة إلى الأمام، حتى أتت ثورتكم هذه ثمارها والحمد لله. أما الأشخاص الذين يريدون خلق انقسام فيما  بينكم في مواضيع مختلفة فهم  ليسوا أصدقاءكم. هؤلاء هم أعداء الدين وضد حركة الثورة المقدسة، فلا تستمعوا إلى تفاهاتهم وأثبتوا نموكم الفكري بالتعاون مع رجال الدين الملتزمين والمقاتلين”.

 

ولاية مطلقة لولي الفقيه

كان الشهيد آية الله مدني يعتبر نفسه مطيعاً خالصاً للولي الفقيه، وقال في أحد خطبه: «إن سلطان الفقيه من ولي العصر، وولي العصر(ع) من النبي(ص) والنبي(ص) من الله، وقد جعل الله (سبحانه وتعالى) هذا السلطان للفقيه”، لكن في عهد الطاغية والنظام البهلوي البائد لم يسمحوا بممارسته كل هذه السلطة. لقد كانوا العائق أمام هذه القوة وأوقفوها، أما الآن وقد أصبحت السلطة في أيدي الشعب المسلم، فالفقيه في المقدمة بأمر الإمام الزمان (عج)، وإمام الزمان بأمر النبي (ص)، والنبي (ص) بأمر الله. ولذلك فإن ولاية الفقيه ليست شيئاً أعطاه الناس للفقيه، بل هذا  أمر إلهي أعطاه الله إياه، فالأمور كلها بيد الفقيه العارف بالأحوال.

 

ويقول عن أهمية السلطة الدينية في النظام السياسي للإسلام: “ولاية الفقيه هي حامية ديننا، نُغير العالم كله بإصبع واحد من القائد”، واعتبر ولاية الفقيه أفضل حكومة: ” من الواضح أننا بحاجة إلى حكومة. لكن عليك أن تسأل نفسك هل سيدير ​​الحكومة طاغوت أم إسلامي؟ إن حكم الله وحكم الإمام الزمان(عج) هو في الواقع نفس ولاية الفقيه، وهو تجسيد لهذه الآية التي يعتبر فيها الله (تبارك وتعالى) أن تشكيل الحكومة الإسلامية أمر ضروري. أمر الله النبي(ص) بالحكم  وفق تعاليم الإسلام وإلا فإن الدين معرض للانحطاط والخطر. ولاية الفقيه هي القانون الأساسي للحكم الإسلامي الحقيقي، الذي جعله الله هو الأعلى. إن سلطة الفقيه هي التي حرضت المظلومين في جميع أنحاء العالم ضد المستكبرين”. وفي مكان آخر يصف الشهيد نظام الحكم الإسلامي فيقول: “كل ما يعطينا الإمام  يجب علينا أن نطيعه دون سؤال؛ حتى لو كان ذلك على حساب حياتنا”.

ويؤكد آية الله مدني على حكومة العدالة الإسلامية ويرى أن هذه الحكومة ستجعل الناس يحققون أهدافهم بشكل أسرع. ويعتبر أنشطة المؤسسات الثورية مثل الجهاد البناء عاملاً في تعميق العدالة الاجتماعية ومن أجل نشر العدالة في جميع أنحاء إيران إلى أنشطة مثل “بناء الطرق، وإصلاح المدارس، والعيادات، وما إلى ذلك”.

 

الالتزام بالمعايير الإسلامية في الأنشطة السياسية

 

ومن وجهة نظر الشهيد آية الله مدني، يجب أن تكون الأنشطة السياسية متوافقة مع القواعد والضوابط الإسلامية. ولم ير جواز الانحراف عن القيم الإلهية في التصرفات الاجتماعية والسياسية. على سبيل المثال، أكد في مقابلة أجراها مع صحيفة الجمهورية الإسلامية :”إن هذا الحزب وغيره من الأحزاب والجماعات مقبولون لدينا ما داموا على خط الإسلام والإمام، وإذا قاموا، لا سمح الله، في يوم من الأيام باتخاذ خطوة ضد المعايير الإسلامية والقائد، فسوف نعارضه أيضًا”.

 

ويعتبر آية الله الشهيد مدني أنه يجب على المؤسسات التعليمية والحوزات العلمية  تعزيز ومأسسة القيم والمعتقدات الإسلامية: “دور رجال الدين، دور المعاهد الدينية، الحفاظ على قواعد ومبادئ العقائد وأسس الإسلام. وأن هذه الأحكام التي جاءت عن رسول الله (ص) وأئمة الهدى(ع)  يجب أن تنتقل إلى الناس إلى زمن ظهور النبي الكريم (ص) ، فهذا كان ولا يزال من واجبات المجالات العلمية ومن طرق الالتزام بالمعايير الإسلامية في الشؤون السياسية استيعاب القواعد والقيم الإسلامية في المجتمع والمؤسسات السياسية. وبهذه الطريقة، من الضروري الإنتباه إلى بعض المعايير. ويؤكد الشهيد أنه”لا ينبغي أن يعتمد تطبيق الأحكام الإسلامية على العواطف، وهذا النوع من تطبيق الأحكام الإسلامية على أساس العواطف ليس مستدامًا. أما عندما يكون بسبب المعرفة بحقيقة الإسلام، فإنه يشمل مكافآت الآخرة والدنيا، ويكون أيضًا دائمًا وأبدًا”.

 

الاستقلال الاقتصادي

ومن وجهة نظر الشهيد مدني، فإن القناعة والإقتصاد في الأمور الإقتصادية هي إحدى خصائص الإسلام المهمة. ويعتقد أن النظام الإسلامي يجب أن يكون مكتفياً ذاتياً في  كافة المجالات في سبيل الاستقلال عن الخارج وتقليل الاعتماد على الأعداء. وجاء في أحد أقواله: “التقليل من الإستهلاك هو الأهم أولاً وقبل كل شيء، وخاصةً الأشياء غير الضرورية. لقد عانينا من الأضرار الاقتصادية من الاستهلاك المفرط، وقد جاءنا العدو بمساعدة المستهلكين أنفسهم،  الإفراط في الاستهلاك هو رغبة العدو. العدو هو الذي يريد أن نزيد الاستهلاك حتى نصبح محتاجين. يأمرنا الإسلام التقليل من استهلاكنا حتى لا نحتاج إلى الغرباء على الإطلاق.”

المصدر: الوفاق