ما هو مجتمع المعرفة
مجتمع المعرفة هو مصطلح لوصف المجتمعات التي تتميز اقتصاديًا وثقافيًا بدرجة عالية من الاعتماد على إمكاناتها لخلق المعرفة العلمية والتكنولوجية، واستنادًا إلى تقنيات معالجة البيانات في عصر المعلومات فإن المعرفة تستخدم بشكل استراتيجي كعامل لخلق المنافسة الاقتصادية بين الدول، وكذلك بين الشركات وحتى لتقديم الخدمات داخل الدول.
وقد بدأ هذا المصطلح في الظهور بداية من ستينيات القرن الماضي حيث اعتقد مجموعة من الاقتصاديين أن المجتمعات الرأسمالية المتقدمة يتم تحديها من خلال استغلال المعرفة والمعلومات، كما أكد مجموعة من الاقتصاديين مثل بيتر دراكر ودانيال أن المعرفة بالنسبة لمجتمع الصناعة ستكون بمثابة ثورة، مثلما كان مجتمع الصناعة بمثابة ثورة للمجتمع الزراعي في السابق.
وفي مجتمع المعرفة يعتقد أن أدمغة القوى العاملة ستكون هي المساهم الأكثر أهمية في تكوين الثروة في السنوات القادمة، لذلك ركز الأكاديميين على أنه بدلًا من توظيف العمال اليدويين ، سيتم توظيف ” عمال المعرفة” وهم العمال الذين يمكنهم التحول بنجاح من العمل اليدوي للعمل مع المعرفة واستغلالها والسيطرة عليها بحيث يكونوا أكثر قوة وتأثيرًا.
ومصطلح مجتمع المعرفة هو مصطلح استراتيجي -مثل “مجتمع ما بعد الحداثة” و “مجتمع ما بعد الصناعة” و”مجتمع التجربة” و “المجتمع الاستهلاكي” و “مجتمع المخاطرة” و “مجتمع الإعلام” أو “مجتمع المعلومات” ومصطلحات مماثلة الهدف من استخدامها هو تحويل الانتباه إلى جانب معين، والجوانب التي يركز عليها مصطلح “مجتمع المعرفة” هي المعرفة والتعليم.
ويعتقد حاليًا أن المعرفة بجانب رأس المال أصبحت عامل أكثر أهمية في المجتمع الحديث، فالمعرفة حاليًا موجودة في صورة مادية وهي التكنولوجيا ، كما أن الابتكار والعلم تم تحويلها لصورة مادية عن طريق حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع وحقوق الاستخدام فكل هذه أشكال تترجم المعرفة لصورة مادية، وهذا الدور للمعرفة يزداد أهمية يومًا بعد الآخر.
والمجتمع القائم على المعرفة أو مجتمع المعرفة أصبح مفهوم ناجح للغاية، حتى أن الاتحاد الأوروبي قد تبناه ويستخدمه كعصا قياس لإستراتيجيته للتعليم المهني والعالي.
والتعليم بالرغم من أنه حق من حقوق الإنسان ، إلا أن التعليم العالي الجيد قد لا يكون متاح بسهولة لكثير من البشر، لذلك فإن الدول من أجل الوصول لمجتمع المعرفة يجب أن تعمل على تطوير كلًا من التعليم وأيضًا البنية التحتية التكنولوجية من أجل الوصول للتعليم والمعرفة.
كما أن أحد علامات مجتمع المعرفة هو الابتكار المستمر الذي يتطلب التعلم مدى الحياة وتنمية المعرفة وتبادل المعرفة، لذلك يجب أن تستجيب المؤسسات التعليمية للمتطلبات المتغيرة، وحتى المعلمين أنفسهم سوف يحتاجوا إلى التعلم جنبًا إلى جنب مع أي شخص آخر في مجتمع المعرفة.
مميزات مجتمع المعرفة
ومن مميزاته أنه يهدف إلى التوجيه نحو التوظيف ، ويعزز بشكل عام الترقية والتحديث المستمر للمهارات المهنية والوظيفية الإضافية.
يلعب فيه التعليم دورًا رئيسيًا في المقارنات بين لدول ومدى تأثيرها السياسي ، فمن وجهة نظر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن الدول التي تكون فيها نسب كبيرة من الشباب الذين يصلون لمرحلة التعليم العالي وما يليها تكون هي الأكثر جاهزية لمواجهة تحديات مجتمع المعرفة، ولذلك فإن تبني أو توصية الدول للانتقال إلى مجتمع المعرفة يحتوي بداخله توصية عاجلة لتلك الدولة لدفع مزيد من الشباب لديها نحو التعليم العالي وإتاحة المزيد من الفرص لهم لاستكمال هذا التعليم.
في مجتمع المعرفة ينظر لارتفاع عدد خريجي التعليم العالي على أنهم نجاح.
تركيز مجتمع المعرفة على التعليم الجيد والأفضل قبل أي شيء، يكون له نتائج اقتصادية يظهر آثرها على المجتمع.
إنه من الشروط المسبقة لمعالجة المهام الاقتصادية في مجتمع المعرفة هي قدرة الفرد على تكوين ذاته ، وهذا قد يزيل حدود العمل حتى الزاوية الأخيرة من حياته الخاصة، بمعنى أن الإنسان قد يقضي كل وقته في التعلم وبناء معرفته بحيث تختفي حياته الخاصة، وبالرغم من أن البعض يرى أن هذا قد يكون من عيوب مجتمع المعرفة، إلا أن البعض الأخر يراه فرصة للتحرر من الحدود.
يساعد في تقليص قدرة أرباب الأرباب على السيطرة التقليدية على القوة العاملة، فالأعمال في مجتمع المعرفة يتم تنظيمها بشكل كبير على أنها مشروع تعاوني وتواصلي.
سلبيات مجتمع المعرفة
واحد من أهم سلبيات مجتمع المعرفة والقائم بالأساس على التعليم هو الذعر التربوي والذي يدفع الأباء للضغط على الأبناء منذ مرحلة رياض الأطفال.
هناك العديد من الانتقادات ضد فكرة الاقتصاد القائم على المعرفة وافتراضاته من قبل علماء الاجتماع، حيث يرع بعضهم بأن اقتصاد المعرفة لا يدرك المدى الفعلي الذي يستخدمه العمال للمعرفة في مكان العمل.
إن أغلب المهن أو العاملين في اقتصاد المعرفة يحتاجون مجموعة متنوعة من المعرفة وليس فقط المعرفة الرسمية والمجردة المرتبطة بالتعلم الرسمي الذين يحصلون عليه في المدارس والجامعات، لكنهم يحتاجون لمهارات شخصية متعددة.
منذ ظهور مصطلح مجتمع المعرفة كان هناك قلق من أن هذا التقدم التكنولوجي من شأنه أن يقسم المجتمع إلى فائزين وهم (رواد أعمال ، مستثمرون ، أشخاص ذوو مؤهلات عالية) وآخرون خاسرون مثل أشخاص ذوو مؤهلات منخفضة ، عاطلون ، متدهورون ، مثقلون بالأعباء)
أيضًا من الانتقادات التي وجهها علماء الاجتماع لمجتمع المعرفة أنه سيؤدي لتفكك الأوساط التكوينية والتوجيهية والأحزاب السياسية الجماهيرية “الشعبية” التي نشأت في المجتمعات الصناعية، وأيضًا ستقل قيمة النقابات العمالية كمؤسسات ممثلة للطبقة للعمالية يمكن أن تحميها ضد قوى رأس المال.
إن تخفيض قيمة وحل نظام التدريب المهني الذي يربط الاقتصاد والنقابات والدولة كشركاء اجتماعيين في مسؤوليات محددة لكل منهم في المجتمع الصناعي لصالح مستوى عالٍ من التدريب المهني ، سيحد من المكاسب الاجتماعية التي حققها المجتمع الصناعي.
يتم استبدال المجتمع الطبقي ومؤسساته (طبقة عليا، وطبقة متوسطة وطبقة فقيرة) بالفردنة ، فالتقدم في مجتمع المعرفة يعتمد على الجهد الفردي للإنسان في المجتمع ومدى قدرته على التقدم والحصول على المعرفة والتعليم ؛ وبذلك سينم استبدال التقسيم الطبقي الاجتماعي داخل المجتمع إلى تقسيم أخر وهو إما أفراد مشمولين داخل مجتمع المعرفة أو المستبعدين من مجتمع المعرفة.
يعتمد مجتمع المعرفة بشكل أساسي على التكنولوجيا والبنية التحتية التكنولوجية وأهمها الإنترنت والذي سهل الوصول الشامل للمعلومات والحصول على فرص متساوية في التعليم، ومع ذلك فقد يخل ذلك بمبدأ تكافؤ الفرص ، حيث أن الفجوة الرقمية الكبيرة بين الدول قد تعيق الكثير من سكان العالم للموارد اللازمة للتنمية داخل المجتمع المعرفي.
علا علي