في الیوم الوطني للشعر والأدب الفارسي

“شهریار”.. أمیر شعراء الشعر الفارسي المعاصر

كان شهريار يكتب الشعر بالأسلوب الكلاسيكي إلا أن أسلوبه في البيان ونمطه الشعري يعد دليلاً على حالة من التجدد في طبعه.

یصادف اليوم الثلاثاء 17 أيلول/سبتمبر الیوم الوطني للشعر والأدب الفارسي وذلك احتفاء بذکرى الشاعر الایراني الفذ محمد حسین شهریار.

 

الشعر هو لسان الأمة ومرآة ثقافتها وصورة واقعها، والأمم الحیّة هي التي تحیي إبداعات مبدعیها، وتتغنّى بما قدّموه، وتخلّد ما أضافوه، وهذا ما یلحظه الناقد المتابع لحرکةَ الإبداع في الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة.

 

ولا ینکر أحدٌ أنّ الشعر الفارسي قد وصل إلى العالمیة، وترجم إلى معظم لغات العالم، فنهلت العربیة من عظمة شعر جلال الدّین الرومي الشيء الکثیر، وترجمت أشعار حافظ الشیرازي إلى الإنکلیزیة والفرنسیة والألمانیة والعربیة، ودوّنت أشعار سعدي الشیرازي على جدران الأمم المتحدة، إذ عدّ مدرسةً قائمة بذاتها، وأباً للنثر الفارسي، لذلک تأهل لیکون رمزاً للمحبّة الإنسانیّة، واستحقّ أن یزیّن مدخل مقرّ الأمم المتّحدة في نیویورك بأبیاته الشهیرة التي تدعو إلى الإخاء والمحبة والألفة والاتّحاد؛ یقول في مطلعها: “الناس کالأعضاء في التعاضد/ لخلقهم کنه من طین واحد/ إذا اشتکى عضوٌ تداعى للسّهر/ بقیّة الأعضاء حتّى یستقرّ.

 

 

الأدب الفارسي

 

یعتبر الادب الفارسي من اعظم المدارس الأدبیة في العالم ویعد الشعراء الایرانیون کفردوسي وسعدي وحافظ وجلال الدین الرومي والخیام من اعظم الشعراء على مر التاریخ وقد امتزج هذا الادب بالادب العربي فأثر به وتأثّر منه.

 

الأدب الفارسي  ظهر إلى الوجود في القرن التاسع المیلادي، وبخاصة في الجزء الشمالي الشرقي من إیران، بظهور اللغة الفارسیة الحدیثة.

 

وأقدم الأسماء التي یطالعنا بها هذا الأدب هي أسماء الرُّودَکي الذي یُلقَّب بـ “أبي الشعر الفارسي”، و “دقیقي” الذي نظم ملحمةً تغنّى فیها بمآثر أبطال إيران الأسطوریین، والفردوسي صاحب “الشاهنامة” أو “کتاب الملوك”.

 

وبعد هذه الطبقة من الشعراء ظهرت طبقة أخرى لا تقلّ عنها شأناً وأثراً.

 

 

شهريار

 

محمد حسين بهجت تبريزي المعروف بـ “شهريار”، شاعر ايراني شهير من مواليد قرية “خوشكناب” التابعة لناحية “قرة جمن” بمحافظة آذربايجان الشرقية في عام 1906 م. ونظم الأستاذ شهريار أشعاراً باللغتين الفارسية والآذرية في أربعة أنواع “الغزل والقصيدة والرباعيات والقطعة (شعر عامودي بقافية واحدة تكون في العجز «الشطر الثاني من البيت»”.

 

وما يميّز الأستاذ شهريار عن باقي الشعراء الكبار هو براعته في نظم مختلف أنواع الشعر وخاصة القصيدة حيث كان هذا النوع من الشعر يتجه نحو الاندثار والاضمحلال قبله ولكن الأستاذ شهريار قد أحياه مجدداً.

 

أمضى شهريار طفولته في قريته التي تقع بجوار جبل جميل يعرف بإسم “حيدر بابا”، حيث إقترنت ذكريات طفولة شهريار بسفوح هذا الجبل الخلابة الجميلة، كما إستلهم من إسم هذا الجبل أحد روائعه الشعرية وهي قصيدة “حيدر بابايه سلام”.

 

 

أسلوب شعر شهريار

 

كان شهريار يكتب الشعر بالأسلوب الكلاسيكي إلا أن أسلوبه في البيان ونمطه الشعري يعد دليلاً على حالة من التجدد في طبعه، كما أن صور الخيال الأخرى التي يتميز بها شعره تضفي عليه مظهراً لامعاً.

 

وتتسم قصائده باللغة الآذرية بمميزات خاصة وتحمل أفكاراً متجددة قلما يشاهد نظير لها عند الآخرين. لقد خلف شهريار ديواناً يضم 15000 بيت شعري تشتمل على الغزل والقصيدة والقطعة والمثنوي كما إن شعره الآذري بلغ أكثر من3000 بيت.

 

 

شعره لأمير المؤمنين(ع)

 

رُوي عن السيد المرعشي النجفي رحمه الله أنه توسّل الله سبحانه يوماً أن يرى في منامه ولياً من أوليائه، فهكذا يروي القصة: “وفي تلك الليلة رأيت نفسي في عالم الرؤيا جالساً في زاوية مسجد الكوفة وأمير المؤمنين(ع) حاضر هناك مع جماعة، فنادى أمير المؤمنين(ع): أحضروا لي شعراء أهل البيت(ع)، فحضر عدد منهم.. ثم قال: أين شهريارنا؟

 

فتقدّم رجل وألقى قصيدة بالفارسية بدأت بقوله “علي اي هماي رحمت”.

 

وسأل السيد المرعشي في اليوم التالي عمّن يكون هذا الشاعر “شهريار”، فهو لم يكن يعرفه من قبل. فقيل له أنه يعيش في مدينة تبريز. فدعاه إلى قم المقدسة، ولما رآه السيد المرعشي عرف أنه هو ذات الشخص الذي رأه في منامه.

 

فسأله متى نظمت قصيدة “علي اي هماي رحمت”؟، فدهش شهريار وسأل السيد متعجباً عمّن أخبره بذلك، فهو لم يطّلع أحداً على إنشائه القصيدة.

 

ولما سرد له السيد المرعشي رؤياه، قال له شهريار: كتبت القصيدة في تلك الليلة! حين كنت ترى تلك الرؤيا.

وفيما يلي نذكر ترجمة بعض أبيات القصيدة:

علي يا غياث الرحمة أي آية لله أنت؟!

فقد جلّلت ظلالك كل شيء سوى الله

أيها القلب لو كنت عارفاً بالله فانظر إلى تجليه في وجه علي

فوالله إنما عرفت الله بعلي

ووالله أنه لن ينال العالمين أثر للفناء

لإنه قد أمسك علي بينبوع البقاء

ولولا فيضك الهاطل يا سحاب الرحمة

لطاولت شعل غضب جهنم كل الأحياء

هلّم أيها السائل المسكين واطرق باب علي

فإنه يعطي سائله بكرمه جوهرة الملك والسلطنة

مَن غير علي عساه يوصي ابنه

أن يرفق بأسيره وإن كان قاتله

 

توفي شهريار في 17 أيلول /سبتمبر عام 1987 بطهران بعد أن أدخل المستشفى بسبب المرض، ووري جثمانه الثرى في مقبرة “الشعراء” بتبريز إلى جانب شعراء معروفين آخرين وذلك حسب وصيته.

 

وتكريماً لمكانته الرفيعة بادر المجلس الأعلى للثورة الثقافية إلى إطلاق اسم “اليوم الوطني للشعر والأدب” على يوم وفاته رحمه الله.

 

المصدر: الوفاق