يصادف اليوم 17 ربيع الاول ذكرى ولادة خاتم الأنبياء والمرسلين الرسول الأعظم محمد (ص) الصادق الأمين مع ذكرى ولادة حفيده الامام الهمام جعفر الصادق (ع) .
ان بمولد النور الحبيب المصطفى (ص) تحققت بشارات السماء بمجئ الرحمة الالهية للعالمين خاتم الرسل والرسالات، وبولادة الامام الصادق (ع) تم الحفاظ على الدين الحق من خلال باني صرح المذهب الحق .
اذا جاء الرسول محمد (ص) بنور الهداية من الشرك والضلال، فإن حفيده الامام الصادق ( ع ) كان كل همه في كيفية الحفاظ على دعوة الهدى من كل الوان التشويه والتحريف من قبل المتربصين شرا بالرسالة الخاتمة، والحفاظ على اصالة الدين في زمن تكالب الاعداء والاهواء على حرف الاسلام عن الجادة، ولكن هيهات لهم ذلك ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ) صدق الله العلي العظيم .
ففي السابع عشر من ربيع الاول عام الفيل ولد المصطفی (ص) في مکة المکرمة، وشاء الله تعالی ان يولد يتيما، فقد توفي أبوه عبد الله بن عبد المطلب في طريق عودته من تجارة الشام وهو لايزال في رحم أمه آمنة بنت وهب.
وعلی عادة أهل مکة أرسل محمد (ص) مع حليمة بنت ابي ذؤيب السعدية الی البادية لرضاعته وقد لقيت حليمة من رضيعها محمد (ص) الخير الکثير. وعندما بلغ المصطفی (ص) الخامسة من عمره عادت به حليمة السعدية الی مکة، حيث وجد في جده عبد المطلب خير راع إذ وفر له کل ما يتطلب من حنان فياض وعطف أبوي غامر فکان يشدد علی العناية به أکثر من عامة اهله وبنيه.
وأسس النبي الاکرم (ص) أول دولة اسلامية، ولقد واجهت هذه الدولة الفتية وکذا الدعوة الاسلامية مواجهة شرسة من جانب قريش التي عزمت علی اکتساح الدولة والدعوة الاسلاميتين فشنت الحرب بعد الحرب علی المسلمين ولكن كان لابد للنبي الاکرم (ص) والمسلمين من الدفاع.
وشاء الله تعالى ان يقام الاسلام بدعوة الرسول محمد صلی الله عليه واله وسلم وسيف علي بن ابي طالب وحمزة عم الرسول خاصة، وسيوف المسلمين الاوفياء بشکل عام .. فسلام علی أعظم هاد وأجل مرب عرفته الارض والسماء…
ميلاد الإمام الصادق (ع)
کما نحتقل في هذا التأريخ أيضاً، بذکری ميلاد الامام الصادق عليه السلام…حيث ولد في المدينة المنورة في السابع عشر من شهر ربيع الاول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة.
وترعرع الإمام جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، في ظلال جده الامام السجاد عليه السلام وابيه الامام الباقر عليه السلام وعنهم أخذ علوم الشريعة ومعارف الاسلام.
وهکذا فان الصادق عليه السلام يشکل مع آبائه الطاهرين حلقات متواصلة مترابطة متفاعلة، حتی تتصل برسول الله (ص)، فهي تشکل مدرسة وتجربة حية يتجسد فيه الاسلام الاصيل وتطبق فيها احکامه وتحفظ مبادؤه.
فان الائمة من اهل البيت عليهم السلام ورثوا العلم ابنا عن أب حتی ينتهوا الی علي بن ابي طالب عليه السلام الذي قال رسول الله (ص) فيه:(انا مدينة العلم وعلي بابها). وهو بذلك ينتهي الی رسول الله (ص) وهو الوارث لعلومه ومعارفه.
من هنا کان الامام الصادق (ع) يحمل الاسلام بنقائه وصفاته کما نزل علی رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبلغه، ولذا قصده العلماء من کل مکان يبغون علمه ويرجون فضله حتی جاوز عدد تلاميذه آلالاف الذين نقلوا العلم الی مختلف الديار، فکان الصادق بحق محي السنة المحمدية ومجدد علوم الشريعة الالهية.
کانت شخصية الامام العظيمة بما تجسد فيها من هدي الاسلام وبما حملت من نور تجذب الناس اليه وکان بما حمل من علم وفهم وخلق واخلاص لله تعالی يذکرهم بسيرة الرسول الاکرم (ص) والسابقين من اهل بيته عليهم السلام.
ولم يحتل احد المکانة المرموقة والمقام السامي في عصر الامام جعفر بن محمد عليه السلام کالمکانة التي احتلها هو. فعامة المسلمين وجمهورهم کانوا يرون جعفر بن محمد (عليه السلام) سليل بيت النبوة وعميد اهل البيت ورمز المعارضة للظلم والطغيان الاموي والعباسي وحبه والولاء له فرض علی کل مسلم .
كلمات في مولد الرسول(ص) و الامام الصادق للوحدة الاسلامية
علينا في هذه المرحلة من التاريخ الإسلامي، أن ننقل الإسلام إلى الأجيال القادمة، إسلاماً قوياً صافياً حضارياً، ينفتح على المحبة والوحدة والقوة والعزة والكرامة.
لابدَّ من أن نعيش مع النبي(ص)، لنستهديه ونستحضره في كل حياتنا، ولو كان(ص) غائباً عنا بجسده فإنه حاضر بيننا برسالته وشريعته علينا في هذه المرحلة من التاريخ الإسلامي، أن ننقل الإسلام إلى الأجيال القادمة، إسلاماً قوياً صافياً حضارياً، ينفتح على المحبة والوحدة والقوة والعزة والكرامة إن الله تعالى يأمرنا عندما نختلف في شيء أن نرده إليه وإلى الرسول، لا أن نردّه إلى عصبياتنا وأنانياتنا وذاتياتنا، وإلى كل شياطين العصبية والعائلية والحزبية والطائفية المتجمّعة في نفوسنا عندما نقف في ذكرى ولادة رسول الله (ص)، علينا أن نقول له: يا رسول الله، سنحتفل بولادتك بأن نتوحّد باسمك،وسنتحاور، حتى لو اختلفنا في المذاهب لقد أراد النبي(ص)أن يصنع أمة مسلمة يحترم فيها المسلم مال المسلم الآخر ودمه وعرضه وأمنه، ليكونوا قوة في وجه الذين يكيدون للإسلام وأهله في مولد الرسول(ص)، لا يكفي انفتاحنا على اسمه وذكراه وأن نعيش الأجواء الاحتفالية، بل أن نتطلع إلى مسؤوليتنا عن الإسلام العقيدة، وكيف نعمّقها في نفوس أجيالنا.
كذلك كانت مدرسة الإمام الصادق(ع) منفتحة على كل المسلمين، فكان يأتي إليها كل من يلتزم إمامته من المسلمين، كما يأتي إليه من لا يلتزم إمامته، ولكن الجميع يرتشفون من معين علمه عندما نطل على ذكرى الإمام جعفر الصادق (ع)، فإن علينا أن نؤكد على خط الأئمة من أهل البيت (ع)، في وعيهم للإسلام وفي تفصيلهم له وفي شرحهم لمفاهيمه، وفي تصحيحهم لكل الانحرافات التي طرأت عليه بين وقت وآخر إن المسألة التي أراد الإمام الصادق(ع) أن يؤكِّدها في المجتمع الإسلامي، هي إبعاد الناس عن الخرافة، والارتفاع بهم إلى درجة الوعي والعلم، فكان يقودهم إلى أن يستنطقوا عقولهم لا غرائزهم وتخلّفاتهم كان الإمام الصادق(ع) يوحي إلى الأمة كلها أن تكون أمة العلم لا أمة الجهل، وأن تأخذ بأسباب العقل لا بأسباب التخلّف، لأن الأمة التي ترتفع بما تحصل عليه من علم، وبما تؤكِّده من عقل، هي الأمة التي يمكن أن تكون خير أمة أُخرجت للناس في ذكرى مولد الرسول(ص).