عام دراسي جديد

نحن الآن مع بدء سنة دراسية جديدة من التعليم، وهذه المرحلة الجديدة لا تختلف عن سواها من المراحل الدراسية السابقة، سواء في الانتقال من دراسة ابتدائية، إلى ثانوية، إلى جامعية؛ تبقى في حالتها التقليدية التي عرفناها منذ سنوات، وقد امتدت حتى الآن وربما على الأرجح ستبقى في الأعراف والتقاليد نفسها من دون تغيير ولا تطوير

2024-09-22

 

ما زلنا نثقل على الطلبة بكم من المواد من دون العناية بنوعيتها وانتقاء ما هو مفيد في حياتهم اليومية، كذلك نحن نرهق الطلبة بساعات طويلة وفراغات أطول وواجبات اكثر ثقلا على حياتهم، ما يجعل نشاطاتهم الطبيعية محدودة جدا واشغالهم بدروس هامشية لا تكسبهم خبرة في حياتهم الاجتماعية…

 

نحن الآن مع بدء سنة دراسية جديدة من التعليم، وهذه المرحلة الجديدة لا تختلف عن سواها من المراحل الدراسية السابقة، سواء في الانتقال من دراسة ابتدائية، إلى ثانوية، إلى جامعية؛ تبقى في حالتها التقليدية التي عرفناها منذ سنوات، وقد امتدت حتى الآن وربما على الأرجح ستبقى في الأعراف والتقاليد نفسها من دون تغيير ولا تطوير.

 

 

بينما يفترض أن تكون في أوضاع متغيرة ومتجددة بين سنة دراسية و أخرى، وذلك بسبب المتغيرات التي تتزامن مع حياة دائمة التغيير. ولا بد أن تنعكس هذه المتغيرات على الواقع التعليمي في بلادنا. ولأننا في قلب العالم، فإنه لا يمكن لنا أن نعيش بمعزل عن متغيرات هذا الكون، ودخول وسائل تعليمية وبرامجية، باتت تؤثر تأثيرا كليا في حياة وسلوك ودراسة الطلبة في واقعهم الاجتماعي ومناهجهم الدراسية، وعلى وجه الخصوص تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت تدخل كل البيوت والمدارس والجامعات ومواقع العمل وكل افراد العائلة، وتؤثر تأثيرا كليا في حياة الأفراد والجماعات، فضلا عن الذكاء الاصطناعي الذي بات يشغل البال والأحوال.

 

وما دامت هذه المتغيرات قد أصبحت تشكل تأثيراتها السلبية والايجابية معا، كان لا بد لنا أن نضع أمام من يعنيهم شأن التعلم والتعليم، وذلك عن طريق الوقوف عند تجربة فنلندية تعليمية فذة كما نراها.

 

يقول صاحب هذه التجربة التعليمية د. راسي راسلبرج، الذي يعد الأب الروحي للتعليم: إنه لكي نسهم في تطوير التعليم في بلادنا، فإننا لا بد أن نتخلص من ستة (جراثيم) تواجه حركة التعليم، ليس في فنلندا وحدها، وإنما في الكثير من بلدان العالم ومنها بلادنا، ويحدد راسي راسلبرج هذه الجراثيم كالآتي:

 

1 – كثافة المواد التي توضع امام الطلبة، وذلك بالاعتماد على كمية المواد وليس على نوعيتها واهميتها ورصانتها.

 

2 – يدين راسلبرج كثرة الاختبارات والامتحانات، التي تجعل الطلبة في حالة استنفار وقلق من الامتحانات التي تلاحقهم.

 

3 – إطالة ساعات الدوام، مما يؤثر سلبا في حياة الطلبة، ومن ثم تحول هذه الاطالة من الدراسة إلى عدم استمتاع الطلبة وفهمهم إلى جانب انعدام وجود فراغات امامهم إلى جانب ضعف تركيزهم.

 

4 – يرفض راسلبرج الدروس الخصوصية، والتي من شأنها أن تعود الطلبة على قبول استغلالهم، وبالتالي لا يمكن أن يتعلموا إلا لقاء ثمن خاص يقدمونه لمعلميهم، وبالتالي إهمال الالتزام بالتعليم الرسمي الجاد.

 

5 – الدراسة المنزلية وتحضير الواجبات البيتية، تأخذ من الطالب حصته من الترفيه والمتعة والحرية.

 

6 – المواد المعقدة التي يتلقاها الطلبة، يمكن أن تكون غير مفيدة لهم في حياتهم الاجتماعية. والتي يسميها راسلبرج (المعرفة المعزولة).

 

وفي مراجعة لهذه السلبيات التي يسميها (الجراثيم) وفي فنلندا تحديدا، نتبين أن ما يتحدث عنه راسلبرج، لا يختلف كثيرا عن أوضاع التعليم عندنا.. حيث تغزو عملية التعليم الكثير من العقبات، التي تحول دون التوجه إلى تعليم سليم، والتي يفترض أن نتوقف عندها ونحاول العمل على التخلص منها، حتى لا تظل عقبة امام تطوير التعليم المنشود.

 

فالدروس الخصوصية مثلا باتت مورد رزق لعدد من (الأساتذة)، الذين أهملوا التدريس الحقيقي، ويتقاضون عنه رواتبهم وانصرفوا إلى إغراء الطلبة والتوجه نحو الدروس الخصوصية.

 

وما زلنا نثقل على الطلبة بكم من المواد من دون العناية بنوعيتها وانتقاء ما هو مفيد في حياتهم اليومية، كذلك نحن نرهق الطلبة بساعات طويلة وفراغات أطول وواجبات اكثر ثقلا على حياتهم، ما يجعل نشاطاتهم الطبيعية محدودة جدا واشغالهم بدروس هامشية لا تكسبهم خبرة في حياتهم الاجتماعية.

 

نعم.. لقد قطعت فنلندا شوطا كبيرا في تقدمها التعليمي وكذا اليابان والصين وكثير من البلدان، التي عملت على دراسة ابجديات الحياة التعليمية، التي يفترض أن نتوقف عندها ونفتح الأبواب امام كل فكر نير يسهم في إغناء طلبتنا المعرفة الجادة والرصينة.

 

من هنا لا بد أن نتوقف عند خطاب تعليمي ينير الدروب أمام طلبتنا ويفتح امامهم المستقبل المعرفي المنشود

حسب الله يحيى