لا يتحمل سماع كلمة لا: كيف تؤدّب طفلك بطريقة ذكية وصحيّة؟

يؤكد الخبراء أن معاقبة الأطفال جسديا لا تؤدي إلى تقويم سلوكهم، بل تولد مشاعر سلبية تؤثر على نموهم وتوازنهم النفسي، وسلطت دراسة علمية حديثة الضوء على مخاطر هذا النوع من التنشئة

 

في علاقتنا مع أطفالنا نواجه كثيرا من التحديات كأننا في مغامرة لا تنتهي، كل يوم في رحلتنا التربوية يحمل داخله مواقف وردود أفعال مختلفة، نتعلم فيها معهم ونحن نعلمهم، وخلال الرحلة هناك جولات من خيبات الأمل التي تشعرنا بأن الطريق صعب وما نقوم به بلا جدوى، فعندما يقابل الأبناء توجيهات الآباء بالرفض أو العناد أو الردود غير اللائقة فهذا يشعرهم بالحزن والإحباط…

يؤكد الخبراء أن معاقبة الأطفال جسديا لا تؤدي إلى تقويم سلوكهم، بل تولد مشاعر سلبية تؤثر على نموهم وتوازنهم النفسي، وسلطت دراسة علمية حديثة الضوء على مخاطر هذا النوع من التنشئة.

 

عواقب خطيرة، أثبتت الدراسة أن ضرب الأطفال يؤدي إلى عدة عواقب خطيرة؛ إذ يعزز لدى الطفل مشاعر سلبية مثل الكراهية والإذلال والحزن، ويفهم الطفل عندما يتعرض للعقوبة الجسدية أن الضرب هو الأسلوب المثالي لحل المشكلات التي تعترضنا في حياتنا اليومية، ويتعود بالتالي على السلوك العدواني ضد الآخرين.

 

كما يشعر الأطفال بالخوف المستمر جراء العقوبات الجسدية، مما يؤثر على ثقتهم في أنفسهم، ويؤدي إلى تدني احترام الذات ونوبات من القلق عند التعامل مع الآخرين، وعدم بناء علاقات اجتماعية صحية، لأن الطفل الذي يتعرض للعنف الجسدي من والديه قد يعتقد أن الجميع يريدون تعنيفه، كما يؤدي هذا الأسلوب إلى شعور مستمر بالذنب لدى الطفل، ولا يفهم على وجه التحديد طبيعة الخطأ الذي ارتكبه والعواقب السلبية لذلك السلوك، كما أنه يشعر بعدم الأمان تجاه والديه، ويصبح أكثر عزلة وأقل رغبة في الحديث عن تجاربه والتعبير عن رأيه.

 

ضرب الآباء والأمهات للأطفال، يعد الحوار أفضل طريقة لتربية الطفل، لأنه يشعره بالأمان والحماية والدعم، ويجعله أكثر استعدادا لسماع توجيهات ونصائح الوالدين، وتصحيح سلوكه الخاطئ.

 

هل الصراخ في وجه أطفالك هو الأسلوب الصحيح للتأديب؟

 

أنت كأم ستسمعين من أطفالك كل شيء بدءاً من نوبات الغضب والكلام المبهم والبكاء الحاد، ما يقلب عالمك رأساً على عقب. وسط هذه المشاجرة، نتفهم أنك قد تفقدين أعصابك. قد تصرخين، لكن القيام بذلك باستمرار يمكن أن يضر بطفلك بعدة نواحٍ يدلك عليها الأطباء والمتخصصون.

 

اسألي نفسك لماذا تصرخين؟ يحدث ذلك عندما أكون غاضبة من شيء تسبب به شخص ما، ولا أجد طريقة أخرى للتعبير عن معاناتي. ومع ذلك، فإن فهم أسباب صراخك هو أحد أهم الخطوات للمساعدة في كبح جماح هذا الصراخ. إن معرفة ما أدى إلى مثل هذه المشاعر المكبوتة يمكن أن يجنبك حدوث نفس الشيء مرة أخرى في المستقبل.

 

ربما كان الصراخ يؤدب طفلك لفترة من الوقت، لكن قد يكون له تأثير سلبي على ذهنه وقد يعطيه انطباعاً خاطئاً عن كيفية التعامل مع مواقف الأزمات.

 

كيف يؤثر الصراخ على عقل طفلك؟

1 – تشير الأبحاث إلى أن الصراخ يمكن أن يجعل الأطفال أكثر عدوانية جسدياً ولفظياً. نظراً لأنه تعبير عن الغضب والاستياء، فمن غير المرجح أن يكون له أي تأثير إيجابي على عقل الطفل.

2 – إذا كان الصراخ مصحوباً بإهانات لفظية وجسدية، فيمكن تصنيفه تحت اسم الإساءة العاطفية، والتي يمكن أن يكون لها تأثير نفسي طويل المدى على الطفل. هذا يمكن أن يسبب مزيدًا من التأثير على احترام الذات والثقة.

3- قد يبدو أن الصراخ يخفف من المشكلات السلوكية لدى الأطفال لفترة قصيرة، ولكن على المدى الطويل، قد يؤدي إلى تفاقمها ويزيدها سوءاً. حيث يعتقد الخبراء أن الصراخ يمكن أن يسبب تغييرات في نمو الدماغ، ما يعني أنه يمكن أن يغير كيفية تطور الدماغ، وكيف يعمل الأطفال مع تقدمهم في السن.

4 – قد يتسبب الصراخ المستمر أيضاً في إصابة الأطفال بالاكتئاب. فهناك روابط قوية بين الإساءة العاطفية والاكتئاب، والصراخ ليس سوى جانب واحد منه.

 

ماذا تفعلين بدلاً من ذلك؟ بدلًا من الصراخ وجعل الأمور أسوأ، ابحثي عن نهج أكثر هدوءاً. هذا لا يعني أن تتركي طفلك بعيداً عن العقاب، ولكن ساعديه على فهم أنه مخطئ.

 

وبغض النظر عن نواياك، قد يبدو الصراخ من الكبار مخيفاً جداً للأطفال. يجب عليك أن تشعري الطفل بالأمن والأمان. الصراخ لا يفعل ذلك على الإطلاق. لذلك افتحي حواراً مع طفلك ، وتحدثي عن العواطف والمشاعر ، وافهمي ما يمر به ولماذا يتصرف كذلك.

 

لماذا يعتبر الاتصال هو المفتاح؟

 

يمكن للحديث وإجراء المحادثات أن يحل معظم المشكلات في العلاقة بين الوالدين والطفل. حيث يساعدك التواصل مع طفلك على معرفة ما يشعر به. وبالمثل، فإنه يمنح طفلك الفرصة للتعرف عليك وفهمك وتقديرك لما تفعلينه من أجله.

 

إذا أظهر طفلك سلوكاً سيئاً فلا تصرخي، بل تعاملي معه بهدوء ولكن بحزم. اسأليه عما إذا كان يعتقد أن تصرفه صحيح. ومع ذلك، وبالمقابل إذا أقدم طفلك على عمل جيد، كافئيه واعترفي بسلوكه. سيعطيه ذلك شعوراً بالاعتراف، ويشجعه على أن يكون الأفضل.

 

كيف تمنعين نفسك من الصراخ على الأطفال؟ افهمي أن أطفالك لا يحاولون تجربة صبرك

 

إليك بعض الأشياء التي يجب أن تضعيها في اعتبارك عندما تشعرين بالرغبة في الصراخ على طفلك:

– تعرفي على ما يثيرك ويزعجك

– افهمي أن أطفالك لا يحاولون تجربة صبرك

– بالصراخ، أنت فقط تضعين أمثلة سيئة لطفلك – تذكري ذلك!

– بدلاً من الصراخ، استخدمي الدعابة لمعالجة الموقف

– اعملي على إجراء محادثة هادئة. أجلسي طفلك من دون أي تهديدات أو إهانات، وقومي بمحاورته.

 

الضحك.. حيلة طفلك للدفاع عن نفسه عند تأديبه

 

في علاقتنا مع أطفالنا نواجه كثيرا من التحديات كأننا في مغامرة لا تنتهي، كل يوم في رحلتنا التربوية يحمل داخله مواقف وردود أفعال مختلفة، نتعلم فيها معهم ونحن نعلمهم.

 

وخلال الرحلة هناك جولات من خيبات الأمل التي تشعرنا بأن الطريق صعب وما نقوم به بلا جدوى، فعندما يقابل الأبناء توجيهات الآباء بالرفض أو العناد أو الردود غير اللائقة فهذا يشعرهم بالحزن والإحباط.

 

وأحيانا ما يقابل الطفل توبيخات أمه بالضحك من غير سبب، وكأنه بهذا السلوك المتكرر يضغط على زناد الجنون لديها، ليشعرها بأنه لا يحترمها ولا يبالي بما تقول.

 

لماذا يضحك طفلك؟ تقول المستشارة التربوية والأسرية ومدربة البرمجة اللغوية العصبية، مروة راجح، إن الطفل يلجأ عادة إلى الضحك في أثناء توبيخه لسببين، الأول يسمى “حيلة دفاعية”، وتنقسم إلى 3 أقسام تختلف حسب شخصية الطفل:

الإنكار، ويعني أن يشعر الطفل من داخله “أنا لا أصدق أن هذا يحدث، وهو لا يحدث لي، ودليل ذلك أنني أضحك”.

 

نوع من أنواع الهجوم، “ما تفعلينه يا أمي لن يأتي بنتيجة معي، توقفي عنه فهو لا يجدي”، وهذا النوع عادة يكون داخل شخصية طفل ضعيفة وحساسة تحاول الدفاع عن نفسها في مواقف التوبيخ بسلوك الضحك.

 

التخدير، “أنا لا أريد الإحساس بهذه المشاعر السيئة، ولا أستطيع تحملها”، فتجد هذا الطفل يضحك على شكل أمه وهي غاضبة، وكأنه يخدر نفسه من الشعور بالعار أو الألم مما فعل رغم إحساسه به.

 

عندما يصبح الضحك انتقاما! وتابعت مروة راجح حديثها عن السبب الثاني وراء ضحك الطفل، كرد فعل منه أو إجراء، عندما يكتشف أن هذا السلوك نوع من أنواع الانتقام من أمه، وكأنه يقول “سأنتقم منك باستفزازك بتصرفاتي حتى أضايقك”.

 

وتوضح الفرق بينهما فتقول إن “الحيلة الدفاعية تكون بشكل لا واع، ومهما واجهته الأم لا يمكنه رؤية ما يفعله”، وأشارت إلى أن قلة من الأطفال (من 9 أنماط يوجد نمطان فقط يفعلون ذلك) عند مواجهته بسلوكه الضاحك فإنه يعترف بوضوح بفعلته، ويقول “فعلت هذا حتى أغيظها”! ولأن هذا السلوك لا يسبب مشاكل للوالدين فقط، وإنما قد يسبب مشاكل للآخرين من حوله لأنه في النهاية يمثل خللا أو إخفاقا في التواصل، وجب على الأبوين مواجهته والتعامل معه.

 

المصارحة أساس كل شيء، وتوضح راجح بعض الأساليب العملية للحدّ من سلوك الضحك غير المرغوب فيه، كتلك التي تعتمد على المصارحة، بأن تعبّر الأم عن مشاعرها بوضوح لابنها “حينما أوبّخك وأنت تقابل ذلك بالضحك، هذا يجعلني أغضب وأعاقبك لأن هذا التصرف معناه أنك غير مهتم بي، فعندما أكون غاضبة أو حزينة وأنت سعيد، هذا يسبب لي الشعور بالألم ، فأصبح غاضبة ومتألمة”.

 

وتوضح له أن هذا الشعور لا يقتصر عليها فقط وإنما أي شخص يفعل معه هذا السلوك فهو يتألم، وهذا يستدعي العقوبة، التنبيه أول خطوة في العلاج “لا تفعل ذلك”، ثم تعريفه بوسيلة عقابه، وأخيرا إيقاع العقاب الذي يكون على الفعل الأساسي الذي استدعى التوبيخ، وعلى سلوك الضحك أيضا.

 

وتؤكد مروة أهمية توضيح الأم لطفلها أنه المسؤول عن الاختيار، “فأنت من اختار سلوك الضحك، ويمكنك التوقف عن ذلك حتى لا تعاقب”.

 

طفلك يحمي نفسه بالضحك، تقول الكاتبة لوان مارلو في مقالها “لماذا يضحك طفلك عند التأديب؟”، إن عليك أن “تتذكري أن الغاية من الانضباط هي تعليم أطفالنا، وما نبحث عنه هو تغيير السلوك، وليس بالضرورة كيف يتفاعلون معنا في أثناء تعلمهم ذلك”.

 

فلدى طفلك استجابة حماية ذاتية، يتصرف كأنه لا يهتم عندما يواجه مشكلة لأنه يحمي احترامه لذاته، ولا يريد أن يراه أحد يشعر بالخجل أو الإحراج أو الأذى، ويمكن رؤية ذلك السلوك لدى الأطفال الذين يواجهون كثيرا من المشاكل، وفي مرحلة ما قبل المدرسة، كذلك الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمندفعون الذين لا يعرفون حتى ما الخطأ الذي فعلوه. ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى الشعور ببعض النجاح لتحفيزهم والحصول على بعض المساعدة لتحسين سلوكهم.

 

الغضب يشعرهم بفقدان الأمان، وتوضح مارلو أن الأطفال الصغار قد يشعرون بفقدان الأمان والقلق عند توبيخهم، فنبرة صوتك العالية أو غضبك يعني لهم أنك لا تحبهم، لذا من المهم إظهار عاطفتك حتى لو كنت غاضبا من أطفالك، كأن تقول “أنا أحبك ولكني لست سعيدا لأنك فعلت كذا”، أو يمكنك احتضان طفلك وأنت تتحدث معه عن سلوكه الخطأ.

 

التجاهل قد يكون الحل، وتقدم الاختصاصية الاجتماعية والمعالجة النفسية كلير ليرنر في مدونتها الشخصية نصائح عملية لمواجهة سلوك الضحك لدى الأطفال في أثناء التأديب، وتقول “إذا ضحك طفلك في أثناء تأديبه فتجاهله لأن إخباره بالتوقف أو سؤاله عن سبب ضحكه يعزز هذا السلوك، فضلا عن أن بعض الأطفال لا يعرفون سبب رد فعلهم بهذه الطريقة”.

 

الضرب لا يجعل الطفل يعدل من أخطائه، ويجعل تربية الطفل أصعب على المدى الطويل؛ لأن الطفل لا يتعلم السلوك الذي يجب تجنبه في المستقبل.

 

1-التواصل مع الطفل: يجب الحرص على التواصل مع الطفل والاستماع إلى مشاكله، وتشجيعه على اتباع السلوكيات الإيجابية ومشاركة مشاكله؛ لأنه إذا كان الطفل يتعرض للضرب دائماً؛ فقد يرى فقط الأم شخصية متسلطة، وليست شخصية يمكنه الاعتماد عليها ومشاركة مخاوفه لديها.

 

يجب وضع القواعد والحدود للمواقف المختلفة، مما قد يقلل من نوبات الغضب والعدوانية لديكِ، والتي غالباً ما تؤدي بكِ في النهاية اللجوء إلى الضرب والصراخ كأسلوب عقاب.

 

2- كوني قدوة لطفلك: يجب أن تكوني قدوة للطفل في تصرفاته ومحاولة الحفاظ على الهدوء في جميع المواقف. والتأكد في الوقت نفسه من اتباع نفس السلوك والقواعد التي تتوقعين أن يتبعها طفلك.

 

3- مدح الطفل: يجب عند قيام الطفل بالالتزام ببعض السلوكيات الإيجابية مدح الطفل وتشجيعه، سيعزز ذلك من سلوكياته الإيجابية، وتشجيعه على تكرارها في المستقبل.

 

يمكنكِ تجربة أساليب تأديبية أخرى؛ مثل إعطاء طفل فرص أخرى لتبني عادات إيجابية أو سحب الامتيازات المفضلة، وبمجرد أن ينهي الطفل الإجراء التأديبي، اشرحي له بهدوء أخطاءه دون توبيخه.

 

4- تحدثي معه بلغة سهلة: يجب الشرح بأسلوب مبسط للطفل سبب عقابه والتصرف الصحيح الذي يجب القيام به وفقاً لعمره، حتى يبدأ الطفل في تبني السلوكيات الصحيحة.

 

5- التخطي لبعض السلوكيات: يجب تجاهل بعض التصرفات التي قد لا تكون خاطئة أو سيئة تماماً، بل يجب لجوء الأبوين إلى محاولة تعديل سلوك الطفل بدلاً من توبيخه.

 

6- جدول زمني: بقاء طفلك منشغلاً بالأنشطة والمهام يمكن أن يجعله منضبطاً تلقائياً. إذا كان طفلك يشارك في أنشطة متعددة على مدار اليوم، فسيتعين عليه اتباع جدول زمني معين لأداء كل هذه الأنشطة، مما يؤدي إلى ضبط سلوكيات الطفل وتعليمه النظام في نهاية المطاف.

 

غالباً ما يلجأ الأطفال الصغار إلى نوبات الغضب للحصول على ما يريدون. يصبح من الصعب للغاية على الآباء منعهم؛ لأنهم قد يصابون بالضجيج، لكن في المقابل في المرة القادمة التي يتصرف فيها طفلك بتلك السلوكيات الخاطئة كنوع من الضغط لتلبية رغباته؛ يجب تجاهل الطفل تماماً وعدم منحه الاهتمام؛ للتوقف عن تلك السلوكيات الخاطئة.

 

المصدر: شبكة النبأ