غزة تبكي السيد الناصر في زمن الخذلان

 لم يسبق أن اجتمع الفلسطينيون، وتحديداً الغزاويون، على موقف موحد، كما جمعهم شعور الحزن العميق والصادق على استشهاد السيد حسن نصر الله. المظهر السائد في الشارع هو أن تبادل الأهالي التعازي والمواساة؛ «عظّم الله أجركم في السيد»، أكثر العبارات التي تكررت أمس. وكذلك الأمر في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يشعر الجميع بأنهم فقدوا القائد الأصدق، الذي نصرهم بالدم حينما عجز العرب والمسلمون جميعهم عن نصرتهم حتى بالموقف والبيانات.

 

منذ مساء الجمعة، توقفت عقارب الساعة في انتظار ما ستحمله الساعات القادمة. وحينما أعلن “حزب الله”، رسمياً، استشهاد أمينه العام، توالت المواقف الفصائلية والحزبية التي نعت قائد المقاومة وناصرها. من “حماس” و”الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية”، ثم الأذرع العسكرية للفصائل التي أصدرت بيانات ومواقف منفردة، وصولاً إلى المؤسسة الرسمية ممثلة بالرئيس محمود عباس… التقى الجميع على أن سيد المقاومين ضحّى بدمه نصرة لغزة وفلسطين. أما في مواقع التواصل، فلم يعكر صفو الإجماع سوى قليل من أصوات الشواذ وأقلامهم.

في نعي السيد، كتب الكاتب محمود جودة على صفحته في فيسبوك: «والله إننا أحببناه وأعليناه فوق جراحنا، وكان انتصار تموز شرفاً رفيعاً، ذاك زمن عز ومفخرة، والأيام دول». كما كتب رمضان الحلاق، وهو أحد الصامدين في شمال القطاع، على صفحته في «فيسبوك»: «كل الكلمات وكل قواميس اللغة لا تعبر عن حزني وألمي وقهري لرحيل السيد الحبيب، كان الشيخ والقائد والسيد والأب الروحي، تليق بك الشهادة يا سيد، وعلى أمثاله فلتبك البواكي، نهاية مشرّفة تليق بك». كذلك، كتب الحقوقي حسام الوادية: «سيكتب التاريخ أنه مضى في أقدس طريق وأطهر قضية، وأجمل خاتمة يتمناها العارفون، إلى رحمة الله ورضوانه يا سيدنا». وكتب محمد العيلة، بدوره: «حقَّ ل”إسرائيل” أن تفرح كثيراً باغتيال السيد حسن نصر الله، فهو من أذلّها وحرر لبنان من قذارتها، وبنى على حدودها جيشاً سيستكمل تحرير فلسطين من بعده. وحقَّ لفلسطين أن تحزن وللمقاومة أن تبكي بحرارة على حليف سار معها في حربها الأقسى، وضرب العدو بالنار قبل إصدار الآخرين بيانات النصرة العاجزة. على ثقة بأن السيد ترك رجالاً وقدرات ستؤلم العدو قريباً بإذن الله». أما بلال قنديل، فقال: «في أمان الله يا سيد حسن، الحمد لله الذي شرّفنا برؤية كرامتك في الحياة وكرامتك في الشهادة دفاعاً عن المظلومين، أبدلنا الله بك خيراً وألحقك بإخوانك في حضرة رسول الله وآله، وكتبك في الشهداء والصالحين ولا أوحشنا من بعدك».

ومن جهتهم، عبر الصحافيون في شمال القطاع وجنوبه عن حزنهم عبر منشورات ومقاطع فيديو. إذ كتبت الصحافية في الجنوب، يافا أبو عكر، في صفحتها في «فيسبوك»: «قال لن نتوقف قبل أن تتوقف الحرب على غزة، فعل كل ما بوسعه واستشهد حراً». كما كتب محمود الشريف، وهو صحافي ومدون في شمال غزة: «حياً ساندت وأسندت غزة، وميتاً ارتقيت وأنت عنوانك غزة، فحق لأهل غزة أن يبكوا عليك». كذلك، قال أحمد البطة «رحل السيد مع قادته وجنوده لأجل نصرة غزة، إلى رضوان الله، ولا عزاء لغثاء السيل الذين خذلونا».

أما رسام الكاريكاتير الفلسطيني من الضفة الغربية، محمد سباعنة، فعبّر عن حزنه، بلوحة ظهر فيها وجه السيد نصر الله بدراً في السماء المظلمة. كما نشر الرسام حسين زقوت لوحة ظهر فيها ميزان غزة، وقد وضع في إحدى كفتيه عمامة السيد الثقيلة، وفي الأخرى أكوام العرب المتخاذلين، لترجح كفة السيد. أيضاً، كتب الناشط من الضفة الغربية، عقيل عواودة، على صفحته في «فيسبوك»: «عندما اغتال الاحتلال الشيخ أحمد ياسين قبل سنين، عاد إليهم اليوم على شكل لهب يصهر دباباتهم، هذا الطريق نهايته واضحة، ولن يخلد أحد على هذه الأرض، لكن الأسماء تخلد في ذاكرة الشعوب وتتحول إلى منارة تنير دربها (…) هذا الاحتلال جعلنا نتلفت حولنا جيداً لنعرف مَن منا ومن منهم. لن ينال الشامتون من شسع نعل السيد، لقد قال لكل الدنيا الحل يبدأ في غزة ومن غزة».

المصدر: الاخبار