ومنذ إعلان استشهاده، تصدّر اسم السيد قائمة الأسماء الأكثر تداولاً في مصر، مع عبارات رثاء ومقتطفات من بيان الحزب لنعيه، واستذكار دوره في حرب تموز 2006، وما قام به في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب آلاف التدوينات التي تعتبر المشاركة في الفرح مع العدو خيانة لا تغتفر.واللافت أن الخلاف السياسي بين مصر وسياسات الحزب، لم يمنع القاهرة من التفاعل بشكل سريع مع تداعيات استشهاد نصر الله، بل وإبداء مخاوف من انعكاساتها على جهود التهدئة في قطاع غزة، لاسيما مع التقديرات السابقة بأن ما «يقوم به الحزب على الأرض يدعم الجهود الديبلوماسية التي تبذلها القاهرة للضغط على إسرائيل». وبخلاف المستوى الرفيع من الاتصالات التي جرت، أمس، بين المسؤولين المصريين ونظرائهم اللبنانيين، وكان من ضمنها الاتصال الذي أجراه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، برئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، فإن التحركات المصرية شملت العمل على إرسال مساعدات إلى مطار بيروت خلال الساعات المقبلة، والتباحث في كيفية ضمان الاستقرار السياسي والأمني في لبنان.
وفيما من المتوقع أن يصل مسؤولون مصريون إلى لبنان، خلال اليومين المقبلين، لتنضم جهودهم إلى «الدور النشط» للسفارة المصرية في بيروت، عدّ المسؤولون المصريون استشهاد السيد نصر الله بمثابة «زيادة لتعقيدات المشهد السياسي الإقليمي». واللافت في التقديرات والمناقشات المصرية «ثقة القاهرة في قدرة الحزب على تجاوز التداعيات بشكل سريع حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت لإعادة ترتيب الأوضاع»، واعتبارها أن فصل جبهة لبنان عن قطاع غزة، والذي تسعى إليه “إسرائيل” «ستكون تداعياته كبيرة على الجرائم التي ترتكبها الأخيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
ويرى مسؤولون مصريون قدموا رأيهم بشكل استشاري إلى الجهات المعنية، «وجود ضرورة لفتح قنوات اتصال أعمق» مع «حزب الله» خلال الفترة المقبلة، إلى جانب التواصل الذي سيجري مع رئيس مجلس النواب، نبيه بري، على المستوى السياسي الرسمي، في وقت يطالب فيه هؤلاء المسؤولون بتكثيف الانخراط في الملف اللبناني، خصوصاً في ضوء الاتصالات التي جرت منذ مساء الجمعة مع مسؤولين خليجيين من السعودية والكويت.
وعلى خط مواز، أجرى مسؤولون إماراتيون اتصالات مع نظرائهم المصريين طالبوا فيها بـ«ضرورة إقناع المسؤولين اللبنانيين بإعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد والتوقف عن مهاجمة الكيان الصهيوني»، وهو ما أبدت القاهرة استغراباً منه، واصفة هذا الطلب بـ«المتسرع كونه يصعب قبوله ليس فقط لأسباب لها علاقة بحساسية الوضع والصدمة التي يجب تقديرها في لبنان، ولكن أيضاً لكونه سيعقد الأوضاع الإقليمية ولن يسمح سوى بأمور تخدم مصالح الاحتلال، الأمر الذي تعتقد مصر أنه لا يمكنها المشاركة فيه».