في ثالث محطة من جولته الإقليمية هذا الأسبوع، أجرى وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، يوم الثلاثاء، زيارة الى تركيا لمدّة يوم واحد بعد زيارته لدمشق، إلتقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان، بالإضافة الى نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وبحث معهما القضايا ذات الإهتمام المشترك لا سيما فيما يخصّ الملف السورية والتقارب الحاصل مؤخراً بين البلدين الجارين لحلّ الأزمة السورية العالقة.
المواضيع التي ناقشها الطرفان العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل تطور التبادلات التجارية ومجموعة من الاتفاقيات التي كانت قد وقعت في الأشهر الأخيرة والتي تستكملها وزارة الخارجية من خلال النقاش مع وزير الخارجية التركي.
وهذه هي الزيارة الثانية من نوعها التي يقوم بها وزير الخارجية حسين امير عبد اللهيان الى تركيا بعد توليه منصب وزارة الخارجية.
علاوة على ملفات السياسة خيّمت على المباحثات قضية هامة بالنسبة لتركيا، وهي أزمة الطاقة وانخفاض كمية الغاز الايراني الوارد الى تركيا الى نسبة تقل عن 70% وهو موضوع هام هيمن على طاولة النقاش بين البلدين.
والتقى أميرعبداللهيان خلال الزيارة التي جاءت تلبية لدعوة من نظيره التركي جاويش أوغلو، بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان واجرى معه جولة من المحادثات بحضور نظيره التركي.
وفي مؤتمر صحفي جاء بعد مباحثاته مع الرئيس التركي، قال وزير الخارجية الايراني: لقد اجريت محادثات اساسية ومتنوعة مع المسؤولين الاتراك واخي السيد تشافيش اوغلو، مضافا الى مباحثاتي التي استغرقت 90 دقيقة مع رئيس جمهورية تركيا السيد اردوغان، والتي تضمنت شتّى القضايا في الصُعد الثنائية والاقليمية والدولية”.
*القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية
واوضح وزير الخارجية الايراني، بان القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية طُرحت في هذه المباحثات، كما تم التنويه الى ضرورة التسريع اكثر فاكثر في وتيرة تطبيق خطة التعاون الستراتيجي الشاملة بين طهران وانقرة، والتي كانت قد ابرمت على امتداد زيارة اردوغان الاخيرة (لطهران). وعودة الى موضوع زيارة “رئيسي” المرتقبة لتركيا، قال امير عبداللهيان: لقد كان من المقرر ان تجري هذه الزيارة بنهاية العام الميلادي المنصرم، لكنها ارجئت بناء على طلب ايران وذلك في ضوء جدول اعمال اية الله رئيسي المكتظ.
*العلاقات على المسار الصحيح
ولكن فور وصوله إلى أنقرة أكد للصحفيين بأن العلاقات بين ايران وتركيا تسير على المسار الصحيح، ويمكننا اليوم أن نذكر تركيا كواحدة من الجيران التي تتمتع بأفضل العلاقات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، وقال: اليوم أتيحت فرصة للتباحث مع نظيري والسيد أردوغان للتباحث معهم حول بعض القضايا الإقليمية، بما في ذلك غرب آسيا وجنوب القوقاز، والقضايا الدولية. وقبل مغادرته طهران متوجهاً إلى أنقرة، أعلن أمير عبداللهيان أنه سيناقش خلال زيارته إلى أنقرة العلاقات الثنائية، ودعوة أردوغان لآية الله رئيسي للقيام بزيارة رسمية إلى تركيا معلناً أنها ستتم قريباً، والتطورات في بلاد الشام وغرب آسيا، فضلاً عن تطورات الأوضاع في جنوب القوقاز معلناً أن زيارته إلى موسكو سيتم إرجاؤها لمدة زمنية وجيزة.
*ما هي اهداف الزيارة؟
دون أدنى شكّ تناول السيد أمير عبداللهيان خلال زيارته هذه التطورات في سوريا ولبنان وغرب آسيا وجنوب القوقاز، وهي إشارة الى ملفّين حاسمين وهامين جداً بالنسبة للجمهورية الإسلامية فيما يخصّ التقارب السوري-التركي المزدهر مؤخراً، والذي أكدت ايران على دعمه بقوّة لما سيكون له من أهمية في إنهاء الازمة السورية، علاوة على ملف القوقاز المتمثّل بالتوترات بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان والخلافات الحدودية الشائكة بينهما، وتداعيات أي تصعيد في هذه المنطقة.
وكان عبد اللهيان قد بدأ جولته من بيروت حيث التقى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والأمين العام لحركة الجهاد زياد نخالة ونظيره اللبناني عبد الله بو حبيب، وانتقل بعدها الى دمشق وعقد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية السورية فيصل المقداد، كما عقد اجتماعاً مع قادة الفصائل الفلسطينية بدمشق بحضور وفد من حماس.
*دور ايران المحوري في التقارب السوري-التركي
ولكن يظلّ أن نؤكد وإن كانت لم تخرج من غرف المباحثات بين وزير الخارجية وكبار المسؤولين الأتراك تفاصيل حول المباحثات التي جرت بينهم، لا سيما تلك الساعة والنصف التي جرت بين وزير الخارجية الايراني والرئيس التركي، أن الملفّ السوري هو الملف الذي كان مُخيّماً على الأجواء دون شكّ، حيث تعمل كل من طهران وأنقرة على تبادل وجهات النظر بشأن قضايا لبنان وسوريا.
وللتأكيد على دور ايران المحوري في لجم التصعيد على الأراضي السورية، كشف أمير عبد اللهيان في الآونة الأخيرة، أن طهران تدخلت لمنع تركيا من الهجوم على شمال سوريا، وذلك بعد أن أعلنت تركيا عن نيتها هذه.
وأوضح أمير عبداللهيان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد، قبل زيارته الى أنقرة: “عندما علمنا عن احتمالية شن القوات التركية هجوما على الشمال السوري تدخلنا لمنعها..”. وأضاف: “نحن سعداء بأن الجهود الدبلوماسية لإيران أدت إلى أن يحل الحوار محل الحرب”.
وعن أهمية دور ايران في هذا الملفّ، قال المقداد: “إن دمشق تقدر جهود إيران لإصلاح العلاقات بين سوريا وتركيا”. وأعرب المقداد عن أمله في أن تكلل الجهود الإيرانية فيما يخصّ حلّ الأزمة السورية بالنجاح في المستقبل. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال سابقا إن أنقرة تعمل في مجال التحضير لعملية عسكرية في شمال سوريا، ونوه بأن كل شيء يمكن أن يحدث فجأة.