مدير شبكة إعلام النجف الأشرف علاء الفتلاوي للوفاق:

السيد نصرالله ذاكرة المقاومة وتاريخها

 فقدنا قائداً إسلامياً متشبعاً بروح الرسالة المحمدية وتلميذاً نجيباً وفياً لمدرسة الإمام الخميني(قدس) لا يفرق بين الجبهات الإسلامية لأن المعركة في ثقافته هي معركة حق ضد الباطل حيثما وجدت

2024-10-01

 

سهامه مجلسي

 

الشهيد السيد حسن نصرالله، سيبقى نهجاً يفرض واقعاً قلبُه المقاومة وجوهره العزة وبوصلته الكرامة، فبقلوب يعتصرها الألم، وبمزيد من الرضا والتسليم لقضاء الله وقدره تليقينا نبأ استشهاده، فكان مجاهدا مخلصا من أبطال ميادين الجهاد وإعلاء كلمة الحق، ومثابراً أفنى عمره الشريف ملازماً للجهاد في لبنان، ومناصراً لقضايا الدين الحنيف والأمة الإسلامية، وعلى رأسها قضية الإسلام الأولى، القدس الشريف.وبإستشهاده ستبقى المقاومة راسخة في صميم القلوب والعقول. لأن القادة الكبار يبنُون في حياتهم عقيدة النضال ونهجها وطريقها، ويرحلون ويتركون خلفهم منظومةً فكريةً ونهجاً عملياً في المقاومة والشرف. يبنُون لساعة القَدَر الحتمية التي لا تأتي صُدفةً، بل فيها عبرةٌ ونتيجة، إذ تنقلهم من الحضور المؤقت بيننا إلى الخلود الدائم في وجداننا وعقولنا قدوةً في الكفاح، جيلاً بعد جيل.

 

فالمقاومة فكرةٌ وفكر، والشهيد حسن نصر الله هو ذاكرتها وتاريخها، وهو لن يكون يوماً أسطورة، بل سيبقى نهجاً يُنتج حقيقة تفرض واقعاً قلبُه المقاومة وجوهره العزة وبوصلته الكرامة وعنوانه التحرير ومنارته عبر الأجيال هو الشهيد حسن نصرالله، وبهذه المناسبة أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع مدير شبكة اعلام النجف الأشرف علاء الفتلاوي وفيما يلي نصه:

 

كيف تقيّمون شخصية ومكانة الشهيد السيد حسن نصرالله ؟

 

لست في مقام تقييم شخصية فذّة مثل سماحة السيد الشهيد نصر الله(قدس سره)، ولكني اقتبس شيئا من بيان المرجع الأعلى السيد السيستاني أعلى الله مقامه ومنه يستطيع القارئ الكريم ان يدرك كيف تنظر المرجعية للسيد الشهيد «لقد كان الشهيد أنموذجاً قياديا قلّ نظيره في العقود الأخيرة»، ان قيادة المقاومة في مثل هذا الظرف تتطلب ملكات وامكانيات خارقة وذلك لحراجة الموقف ولم يكن السيد نصر الله عاجزاً عن إدارة الصراع وهذا يعكس المواهب الكبيرة والملكات المتميزة مضافا اليها التوفيق الإلهي النابع من إيمان بعدالة القضية وحتمية النصر،  لا سيما ان النصر في ثقافة السيد حسن نصر الله ينضوي على جنبتين (النصر أو الشهادة) .

 

السيد حسن نصر الله له شأنيته ورمزيته فهو ليس قائداً لبنانياً فحسب، بل قائد إسلامي وضع يده الشريفة على كل مشاكل الأمة وعالج منها ما استطاع أن يعالجه، تجاوز السيد نصر الله مرحلة ان يكون طالباً في مدرسة الجهاد الحسينية بل اصبح استاذاً ألمعياً بارزاً فيها، انه سار على نفس خطى الإمام الحسين(ع) فوصل الى نفس المحطة، وسيبقى الشهيد السيد حسن نصر الله راسخا في ذاكرة المقاومة وتاريخها.

 

برأيكم هل سيؤثر اغتيال السيد حسن نصر الله على إرادة المقاومة؟

 

القيادة في مفهومنا «العقائدي» لا تحمل جنبة عاطفية فقط، فمن الناحية العاطفية نعم فاغتيال القائد السيد حسن نصر الله مؤلم وموجع ولكن من الناحية الموضوعية ان قيادة تنظيم إسلامي مقاوم متجذر في المجتمع لها أسسها، الحزب له سياسته المرسومة ومخططاته ومن يخلف القائد «أي قائد كان» لا يأتي من خارج  الجسد، لذا فهو يعرف تفاصيل التنظيم والاهداف والموارد البشرية وغيرها، الحزن على فقد القائد موجود وعميق ووارد، ولكن ماذا يتوقع المقاتل في حزب الله وماذا يتوقع المقاوِم من عدو شرس همجي وحشي مدعوم من كل قوى الشر وبكافة امكانياتها؟ أكيد ان كل من يسلك هذا الطريق يتوقع الشهادة له أو لقيادته وفي هذه الحالة فإن هذا الوعي يجعل استشهاد القائد مرحلة انتقالية لبزوغ قيادة جديدة تسير على نفس النهج وليس اوضح من تجربة حزب الله بعد اغتيال الشهيد عباس الموسوي وبزوغ نجم الشهيد السيد حسن نصر الله. وهو خط كُتب على من سار على درب الإمام الحسين(ع).

 

كيف تقيّمون انجازات وتضحيات حزب الله إزاء القضية الفلسطينية ودعم غزة؟

 

لقد قدّم السيد الشهيد حسن نصر الله أغلى ما يملك وأعطى كل شيء لله، شبابه، عياله وأخيراً حياته، نذر كل ما يملك لله، وضع أمامه القضية الفلسطينية وغزة، ولمن تتلمذ في مدرسة الطف لا يتخلى عن إخوانه في الدين وخاصة قضية الإسلام الأولى «القضية الفلسطينية».

 

ان قائداً إسلامياً متشبعاً بروح الرسالة المحمدية وتلميذاً نجيباً وفياً لمدرسة الإمام الخميني(قدس) لا يمكن ان يفصل الجبهات الإسلامية لأن المعركة في ثقافته هي معركة حق ضد الباطل حيثما وجدت.

 

لذا فإن دعم السيد حسن نصرالله للقضية الفلسطينية وتبنّيه لخيار وحدة الجبهات هو قرار حتمي عند سيد المقاومة ولا يمكن لمن يعرف عقيدة نصرالله وثباته ان يتصور غير هذا الموقف من قائد نذر نفسه لنصرة الإسلام في كل بقاع الأرض.

 

كيف سيكون رد محور المقاومة على جريمة اغتيال السيد حسن نصر الله؟

 

من الصعب بمكان توقع رد فعل حزب الله وطريقة تعاطيه مع مفردات المعركة بعد حادث اغتيال السيد الامين العام، لكن  اكيد أدرك الحزب ان هناك جانبا داخليا مهما جداً يجب التعاطي معه بحكمة وحنكة وحذر، وان العدو استغل هذا العامل الذي اصبحت احكامه وتحصينه ، اللبنة الأساس في إعادة تنظيم صفوف الحزب وأولويته في الصراع مع الكيان اللقيط وقوى الإستكبار.

 

ان التصرف الأهوج للكيان اللقيط في استهداف المقاومة ورموز الحزب سيعطي دافعاً للحزب للتعامل مع المواجهة بتقنيات واساليب اخرى تتماشى مع تغيير اساليب العدو في المواجهة والجميع يعلم تماماً قدرة حزب الله في التكيّف مع ظروف المعركة وقدرته في استحداث اساليب متغيّرة تناسب المعركة وترهق الخصم. وهنا أود ان أؤكد ان محور المقاومة قد بدأ بالرد فعلا وهو لم يتوقف، فالتوقف في خضمّ المعركة سيعطي للعدو السبق، لذا فنحن يجب ان ندرك اننا نعيش ايام الرد ولكن في مرحلة من مراحله وان شاء الله المراحل الأخرى ستكون اقسى وستتوقف بزوال العدو الغاصب وهذا وعد إلهي.

 

هل لديكم ما تودّون قوله إزاء هذه الجريمة الوحشية الهمجية على شخص السيد حسن نصر الله؟

 

نحن اليوم أمام تحد خطير ومنعطف صعب، بدون أدنى شك ان العدو الذي اغتال السيد حسن نصر الله أعدّ الأسلحة الرديفة والساندة لهذه العملية ومنها الإعلام والإشاعة والتضليل وبث الفرقة وإثارة الفوضى، يجب ان نتوخى الحذر فالعدو لم ولن يتوقف عند حدٍ، وطموحاته التوسعية مستمرة، كما انه يجب علينا ان نشخّص العدو واداوته التي وصفها القرآن الكريم بقوله «كأنهم خشب مسنّدة» يعني ان خططهم تكاملية وفاعلياتهم متداخلة مما يجعل توخي الحذر وتحليل الخطاب الإعلامي المثير للقلق واجباً لا يقلّ بأهميته عن واجب حمل السلاح في الجبهات بل هو حمل سلاح اخر في جبهة اخرى.

 

رحم الله سيد المقاومة الذي وقف مع شعب العراق في محنته وتصديه للتكفيريين فتم احباط مخططات الاستكبار مما اوغل في قلوبهم نار الحقد التي لم تطفئها حتى «اثنان وثمانون طنا من المتفجرات ألقيت على جبل المقاومة». وان المقاومة الإسلامية ولّادة، وانه بعد اغتيال حمزة سيد الشهداء عليه السلام في معركة أُحد تحقق النصر في الأحزاب «وهو وعد غير مكذوب».

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة