مونا سادات خواسته
شخصية مميزة وفريدة
بداية، تحدّثت الدكتورة “منال فنجان” عن شخصية السيد حسن نصرالله، حيث وصفته بأنه من الشخصيات التي نعتبرها شخصيات فريدة، وقالت: هناك شخصيات مميزة وفريدة، تتميز وتتمتع بخصال وصفات لا يمتلكها الكثيرون حتى مَن مِنهم في نفس المنزلة والدرجة والتوجه، فالسيد حسن نصرالله يتمتع أولاً بصفة الإيمان، وهو مؤمن حقيقي، وهذا الإيمان متجسّد ظاهرياً وباطنياً فيه، وهذا الإيمان والتمسك والعقيدة هو الذي جعل منه صلباً قوياً شجاعاً صنديداً، مِقداماً لا يغترّ بالدنيا، وهو متواضع تُرابي، لا يهتم بزخارف الدنيا، غير قابل أن يُخترق لمصالح مادية لهذه الدنيا، وهذا الإيمان الواضح عليه، هو الذي جعل منه شخصية لا يمكن أن نسميها إلا قيادياً.
طريق الشهادة كرامة
وتابعت أستاذة القانون الدولي: طريق الشهادة هي مطمع للمؤمنين وشخصية مثل السيد حسن يقيناً تليق به الشهادة، فهذا منهج جدّه الإمام علي والإمام الحسين(عليهما السلام) وجده رسول الله(ص)، هذا طريق الأنبياء، وطالما كنّا نردد بأن طريق الشهادة كرامة من الله سبحانه وتعالى، وكرامتنا من الله الشهادة، فكيف الحال به هو، يقيناً السيد حسن يستحق هذه الكرامة ومَن مثله يستحقها.
الشهادة محرّكة لدوافع كثيرة
وأضافت “فنجان”: السيد حسن تليق به الشهادة، وهي محرّك لدوافع كثيرة أخرى يتحرّك بها حزب الله بشكل جديد، هذه الدوافع تتمثل بقدرته العسكرية أولاً، في مواجهة العدو الصهيوني، ودافعاً آخر متمثل بتنظيمه الداخلي، وترصين صفوفه وتقويته، والإستفادة من الدروس والعِبر التي مرّت بتجربة الحزب وهذه العملية في هذه الفترة، كما كان استشهاد السيد عباس الموسوي الذي اُغتيل على يد العصابات الصهيونية، حزب الله يقيناً بعد سيد عباس، أصبح أقوى، وأكثر انتشاراً وخبرةً ويقيناً، حزب الله لا يعتمد على الشخص، بل يعتمد على المؤسسات في إدارة وضعه، وهذه المؤسسات حاضرة في مجلسه، الجهاز التنفيذي والعسكري والشورى وغيرها من هذه الأجهزة، وقيادة الحزب وإمكانياته حاضرة، ووجدنا أن نور الشهادة دائماً تكون محركاً فعالاً في تنشيط حركة مجاهدي حزب الله، والله سبحانه وتعالى سيمدهم بعزيمة من عنده، “ربنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين”، فيقيناً لا يؤثر ذلك الإستشهاد على عزيمة حزب الله، كما أنه لم يؤثر سابقاً عندما استشهد السيد عباس الموسوي وأصبح الحزب أكثر فاعلية ونشاطاً، وحقق إنتصارات كبيرة وواضحة وجليّة، والساحة والميدان للرجال، وهذا ما سنراه.
حزب الله السبّاق لنصرة المظلومين
وفيما يتعلق بتضحيات حزب الله والسيد حسن نصرالله إزاء القضية الفلسطينية، قالت الدكتورة منال فنجان: حزب الله على طول الخط كان سبّاقاً في نصرة المظلومين وقضايا الأمة، لم يكن متخندقاً خلف الحدود ولم يكن يكرّس نفسه في قضايا لبنان الخاصة فقط، بل كان ممتداً بشعوره وانتمائه عقائدياً إلى كل المظلومين في الأرض، لذلك وجدناه في الساحة اللبنانية كما وجدناه في الساحة العراقية مسانداً لإخوانه العراقيين في حربه ضد تنظيم “داعش” الإرهابي، وجدنا الكثير من أنصار حزب الله وهم يقودون معارك مهمة مع إخوانهم العراقيين، ضد داعش، ووجدناه كذلك في سوريا، لنصرة المظلومين من السوريين ضد الحركات الإرهابية، والحركات المدعومة خارجياً من الأجانب والأمريكان، وجدناه كذلك مع أنصارالله، وجدناه مع غزة وفلسطين، وفي هذه العملية كان السيد شهيداً لغزة.
السيد نصرالله ضحّى بنفسه
وتابعت الأستاذة منال فنجان: دفع السيد نفسه وروحه الزكية لغزة، القضية هي قضية فلسطين وغزة، وحزب الله قدّم السيد حسن قرباناً لهذه القضية، هذا هو حزب الله، ويبقى دائماً وطالما كرر سماحته بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة، وإن حزب الله هو المدافع عن دين الله، وأن الأقصى ضمن عقائدنا في دين الله، ومن الأمور المهمة التي لا يمكن التنازل عنها، فهو مدافع ومحامي ومضحّي من أجل هذه القضية، والواقع أثبت ذلك من حيث المصداق، حتى أنه ضحّى بنفسه من أجل فلسطين.
الإنتصار لحزب الله؛ والإغتيال لا يؤثر
وأضافت الخبيرة العراقية: يقيناً أن هذه الحادثة ستكون دافعاً أساسياً في أنها تفعّل من نشاط حزب الله، وسيكون الرد حاسماً بإذن الله، الضربات الجوية، وربّما سيلحقها اقتحام ذرّي؛ لكن نرى جنود الله في الميدان خاضوا أكثر من معركة، وشهدوا أكثر من حرب، خاضوا حروباً وكانت دبابات الكيان الصهيوني في بيروت، وخاضوا تلك الحروب وقدّموا التضحيات، وانتصروا على الكيان الصهيوني، وخاضوا حروباً في 2006، وكانت النتيجة بأن الكيان الصهيوني هدّم معظم البنى التحتية والمنازل والسكن للمدنيين؛ لكن انتصر فيها كذلك حزب الله، وبحول الله وقوته، سيكون الإنتصار لحزب الله في هذه المعركة أيضاً، جنود الله في الميدان ولا يتأثرون، لأنهم مؤمنون عقائديون، منتمون ومنظّمون في مؤسسات رصينة، ترعرعوا في كنفها، وانضبطوا في ميادينها، فلذلك لا يمكن أن تؤثر عملية الإغتيال على حركة الحزب، فالحزب لا يتحرك بشخص بل يتحرك بمؤسسات، ومؤسسات الحزب قائمة ولازالت فعّالة، ولازالت تملك من قدراتها العسكرية والفنية والتنفيذية إلى حد هذه اللحظة.
السيد نصرالله أصبح رمزاً
واختتمت الدكتورة منال فنجان كلامها قائلة: أودّ أن أقول هنيئاً للسيد الشهادة، وإن كلنا مألومون ومحزونون لفراقه، أعتقد بأننا نحن المحزونون في هذه المرحلة، وإلّا السيد حسن كانت الشهادة مطمحه ونالها بكرامة، وهو يستحق هذه الكرامة؛ لكن نحن نأسى على أنفسنا لفراقه، لرؤية وجهه وسماع خطاباته وكلمته؛ لكنه تحوّل من شخص إلى مبدأ، وتحوّل إلى فكرة ومنهج، ولا يمكن على الإطلاق أن تموت الأفكار، أو يموت المنهج، أو تنتهي الرموز.. السيد حسن أصبح رمزاً وستتربى الأجيال على هذا الرمز والمبدأ، لذلك تحوّل السيد حسن إلى قوة مطلقة كما أن للكلمة القوة المطلقة على العقول، لذلك نقول أنه باستشهاده أصبحت هناك ديمومة لخط الشهادة وخط المقاومين، وديمومة لخط لكل الأنصار لأحرار العالم، وديمومة لحزب الله، وهذا الشعور بالحزن في قلب كل المحبين والموالين والمنتمين، إنما هي قنابل موقوتة ستنفجر، لتحوّل هذا الإنفجار إلى أجيال تتفرخ جيل عن جيل ثابتين على هذا المنهج، فالشهادة عندما يقول أهل البيت(ع): “كرامتنا من الله الشهادة” فعلاً هذه كرامة، لأنهم يتحولون من الأجساد المحدودة الوجود إلى فكرة لا محدودة، وإلى رمز وبقاء لا محدود، فالسيد حسن تحوّل إلى هذه الفكرة وهذا الرمز والمبدأ اللامحدود، وبفعلة هذا الكيان الصهيوني ستُنجنب أجيال ثم أجيال ثم أجيال مناهضة لهم، وهم دقّوا المسمار والإسفين الذي سيقضي عليهم في فعلتهم هذه، لأن هذه الجموع التي مُلئت وشُحنت بهذا الألم لفراغ السيد حسن، هم ذاتهم الذين سيزرعون أجيالاً تكون متمسكة بهذا الخط، وهذا الرمز وهذا القائد، كما تمسّك أتباع الحسين(ع) به، بحول الله أتباع الحسين(ع) ومحبيه وأنصاره تتعدى الأربعمائة مليون وسيصلون إلى نصف مليار من البشر في حين لم يساند الحسين(ع) إلا قلة قليلة.. وعندما تحوّل الحسين(ع) إلى رمز خالد، بقي وسيبقى إلى أن تقوم الساعة وأنصاره هم الذين سيقيمون الحق والعدل، ويُهيئون إمدادات قائم العصر والزمان(عج)، وهذا ينطبق على كل الذين ينتمون لهذا الخط الحسيني عندما يستشهدون، يتحوّلون إلى رموز تتبعهم الإغتيال.