مشكلة السكن وإنخفاض معدل الزواج في غزة

إنّ قلة الموارد المالية وغلاء الأسعار في القطاع تسبّبا في عدم تمكن الكثير من الشباب الغَزّي من الزواج وطبعاً هذا الأمر يسبّب مشاكل إجتماعية أخرى

2023-01-18

بقلم: بثينة الجربوعي

في غزة كانت ولازالت مشكلة السكن من أهم المشاكل التي يعاني من فقدانها الكثير من الناس هناك وهذه المعاناة إزدادت بعد معركة سيف القدس والتي قام جيش الإحتلال الصهيوني فيها بقصف بيوت المواطنين العاديين والذين يعانون من الفقر وعدم توفر الحاجات الأساسية لديهم بسبب مقاطعة القطاع منذ 2006.

بشكل تقليدي يعيش الولد بعد زواجه من زوجته في بيت واحد مع والديه في غزة وهذا الأمر شائع ووراءه سببان: الأول إحترام الوالدين وخدمتهما من قبل الولد الأكبروالثاني أنّ شراء السكن كان ولازال أمرا مكلفاً بالنسبة للعرسان الجدد حيث مايتمكن أغلبيتهم من شراء أو إيجار البيوت ولكنّ اليوم حتى هذا الأمر أصبح بسبب تدهور الوضع الإقتصادي هناك.

تخيّلوا أن إرتفاع أسعار البيوت وثمن إيجارها إثر تضرر قسم كبيرمنها كليًا أو جزئياً في قطاع غزة كم يضغط على الشباب الأعزب والذي لايستطيع أن يوفّر أبسط حاجات الزواج بسبب عدم وجود الدخل الكافي من طرف وغلاء الأسعار من طرف آخر.

هناك من يقوم في مجال العقارات في قطاع غزة خاصة بعض المسيحيين الفلسطينيين الذين يقومون بإعمار البيوت التي تضررت أثناء معركة سيف القدس إثر قصف جيش الإحتلال الإجرامي لبيوت السكان العاديين ولكن لم يتمكن هذا العمل من أن يكون مرهماً على آلام أهالي غزة لأنهم ليسوا قادرين على دفع تكاليف لشراء بيوت جديدة او إعمار بيوتهم المتضرة بسبب الوضع الإقتصادي الكارثي إلّا إذا تكون لهم مساعدات إغاثية من الخارج.

وتشير إحصائيات «الأشغال» إلى أنه كانت ثمّة ما يقارب 1300 وحدة سكنية مهدومة كلّياً متبقّية من الحروب والهجمات السابقة  مضافة إلى مئات البيوت المتضررة، ولم يتوفّر تمويل لإعادة إعمارها حتى شهر أب ٢٠٢٢.

قال صالح أبومؤمن وهو أحد المهندسين القائمين على مشاريع إعمارية في غزة للوفاق: “نحن في غزة نملك مشاريع لإعادة إعمار البيوت ولنا كفاية علمية وعملية لتحقيقها ولكن بسبب عدم تمكننا من توفير التكاليف المالية لايمكننا أن نقوم بهذه الأعمال إلا بسرعة بطيئة جدا.”

و في هذا السياق أشار المتحدث السابق باسم الداخلية في غزة والمختص بالشأن الإجتماعي الدكتور إسلام شهوان في حوار مع الوفاق: “إنّ قلة الموارد المالية وغلاء الأسعار في القطاع تسبّبا في عدم تمكن الشباب الغَزّي من الزواج وطبعاً هذا الأمر يسبّب مشاكل إجتماعية أخرى. نسبة الطلاق بالأسف في ظل الحصار الخانق وفي ظل عدم وجود دخل مالي والحصار الظام الذي يفكّك الأُسر و الأزمة المالية التي يعاني منه سكّان غزة.”

مشكلة السكن في غزة لم تؤدّي إلى إنخفاض معدّل الزواج فحسب بل هي أدّت إلى مجموعة من المشاكل الإجتماعية منها إرتفاع نسبة الطلاق هناك حيث بيّن الشيخ حسن الجوجو رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي عام 2021 أن هناك انخفاضًا في حالات الزواج بـ (133) حالة خلال عام 2021 عن عام 2020 بنسبة (0.64%)، مع ارتفاع حالات الطلاق بعد (826) معاملة خلال عام 2021 عن عام 2020 بنسبة (23.6%). قد أشار الشيخ الجوجو في ذلك الوقت إلى أنّ تدهور الوضع الإقتصادي ساهم في إرتفاع نسبة حالات الطلاق.

فطبعاً إذا ساهم تدهور الوضع الإقتصادي في إرتفاع حالات الطلاق في عام 2021 فكيف يكون الوضع في عام 2022 و2023 حيث تُظهر جميع المؤشرات الإقتصادية في غزة أن الوضع تدهور هناك.

اليوم غزة وسكانها الصامدين بحاجة إلى خطوة عملية ولاشعارية ولاشكليّة لدعم المشاريع الإعمارية والتي تُعتَبر أمراً إجتماعية يؤثر مباشرة على أمور إجتماعية أخرى منها الزواج. وينبغي ذكره أنّ ارسال المال إلى غزة أصبح من الأمور المعقدة حيث يمنع الإحتلال وصول أيّ مساعدة مالية لغزة من الخارج إلّا بقيت الطرق المعقّدة جدّا.

المصدر: الوفاق خاص