وبعد الاغتيال الإجرامي من قبل الصهاينة، ذهبت المقاومة على طريق القدس، وفي نصرة غزّة، إلى أقصى مراتب التضحية والجهاد، رفعت سقف المواجهة إلى أعلاه، قدّمت أغلى ما لديها وأنبل: شبابها وقادتها الذين أفنوا أعمارهم في محاربة هذا العدو وجرّعوه الهزائم منذ انطلاقة أولى الرصاصات، دخلت المقاومة المواجهة دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في غزّة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ورفضت التراجع عن هذا الخيار الأخلاقي بالدرجة الأولى بالرغم من كلّ ما حُمل إليها عبر الوسطاء من مغريات وتهديدات أميركية وغربية وعربية، ورغم التخاذل الذي لاقته من قبل الدول الإسلامية التي وقفت موقف المتفرّج إزاء ما يحدث لشعب غزّة الأعزل من مجازر، فيما المقاومة قدّمت آلاف الشهداء خلال العام الأخير أي منذ إنطلاق عملية “طوفان الأقصى” التي جاءت ردّاً على حصافة وتعنّت العدو الصهيوني في توسيع رقعة احتلاله في الأراضي المحتلة.
في ضوء التصعيد الصهيوني الأخير، والذي جاء بعد أن خسر الكيان كافة أوراقه في مواجهة جبهة المقاومة، واعتماده أسلوب الإغتيالات والضربات العمياء على المدنيين لبثّ حالة من الرعب في نفوس شعوب المقاومة، وتحطيم المعنويات، وبينما أثبتت المقاومة للعدو أن إرادتها أقوى بكثير مما يتصوّر، وأنها عدّت العدّة لما هو أبعد من ذلك، أجرت “الوفاق” حوارا مع الباحثة والخبيرة السياسية الجزائرية فاطمة حاكمي.
وقالت حاكمي عن شخصية السيد الشهيد نصرالله: مكانته في قلوب الشعوب العربية، ولا أقول الحُكّام العرب، هي أنه من الرجال البواسل الذين لا يتكرّرون.
وتابعت: بالنسبة إلى السيد حسن نصرالله(رحمه الله) مما لا يختلف فيه إثنان أنه من القادة القلائل الذين واجهوا العدو الصهيوني بكل شجاعة في عدوان سنة 2000 و2006 في زمن كثر فيه المنبطحون والمطبعون، وخرست ألسنتهم في وقت كان عليهم أن يقفوا إلى جانب القضايا العادلة في فلسطين ولبنان.
وتابعت: اغتيال السيد حسن نصرالله رغم أنه سيغيّر بعض الموازين في مسار المقاومة اللبنانية لدوره المحوري فيها منذ سنوات، إلاّ أنها لنّ تتأثر سلباً بالتراجع عن المسار الذي رسمه الرجل.. فنحن في الجزائر مثلاً، وكما قال الراحل بومدين: “نحن دولة لا تزول بزوال الرجال.. يذهب الرجال ويبقى الأثر”، فالأكيد حسب قراءتي الوضع أن المقاومة سيزيدها اغتيال الرجل الأول فيها دفعاً إلى الأمام دفاعاً عن لبنان وغزة.
*هيبة أمام الأعداء
وأردفت كلامها للوفاق: الشهيد حسن نصرالله الرجل الأول في حزب الله والرجل الأول بالنسبة للحكام العرب والمسلمين الذي واجه العدوان الصهيوني على لبنان في أكثر من مرة سنة 2000 و2006 وأجبره على التراجع، وهذا ليس بالأمر اليسير، وما الحزن الذي خيّم على المواطن العربي منذ إعلان خبر استشهاده إلاّ دليل على مكانته في قلوب الشعب العربي.
المقاومة في عهده استطاعت أن تحقق للبنان هيبة أمام الأعداء، وأعتقد لولا حزب الله لاستبيحت لبنان من زمان، والأيام القادمة كفيلة بتوضيح الأمور.
واختتمت كلامها بالقول: في الختام أود أن أقول أن الكيان ومعه أمريكا والناتو يعملون على القضاء على كل من يقف في طريقهم أو يعارض سياستهم العدوانية التوسعية، والاغتيالات التي طالت الكثير من الزعماء العرب وصولاً الى الشهيد السيد حسن نصرالله دليل على سياسة التصفية الممنهجة، فالعدو الآن لن يكتفي باغتيال نصرالله، بل سوف لن يتوقف إلاّ إذا قضى على عناصر المقاومة واحداً واحداً، سيما إن كان هناك خونة وعملاء، فالعملية تكون سهلة عليهم، وهذا ما لا نتمناه أن يحدث.
وتابعت: إن كانت الأمور واضحة اليوم، فالخذلان العربي واضح وضوح الشمس.. فإما البقاء على المبادئ والمواقف وعدم الاستسلام إلى آخر نفس، وإما الخضوع والخنوع والاستسلام كما حدث في الأندلس.