موناسادات خواسته
خاص/ الوفاق اليوم وبعد مرور عام على عملية “طوفان الأقصى” نشهد ان فلسطين والقضية الفلسطينية بروايتها الصحيحة أصبحت حاضرة بقوّة، وفقد الكيان الصهيوني المحتل بذلك رواية الضحيّة التي يستعطف بها العالم، بل أصبح صورته صورة الذي يقوم بحرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، من الجرائم البشعة التي يرتكبها.
في الذكرى السنوية لعملية “طوفان الأقصى” أجرينا حواراً مع الباحث والأكاديمي اللبناني الدكتور “نبيه علي أحمد” والذي هو أيضاً ناقد سينمائي، وسألناه عن “طوفان الأقصى”، ومسلسل قبضة الأحرار، وفيما يلي نص الحوار:
“طوفان الأقصى”
بداية تحدث الدكتور نبيه أحمد عن آثار عملية “طوفان الأقصى” في الذكرى السنوية الأولى لها، وقال: تعتبر عملية “طوفان الأقصى” من المحطات الرئيسية في الأحداث العالمية، ذلك لأنه ولأول مرة في تاريخنا المعاصر، يقوم مجموعة من الرجال “المقاومة” بالوقوف في وجه اعتى الجيوش العالمية، ويحققون عليه نصراً منقطع النظير.
تنبع أهمية عملية “طوفان الأقصى”، أنها ليست من صنيعة الدول العربية، التي خسرت كل حروبها مع الكيان الغاصب، أو أنها مدعومة من تلك الدول، بل هم مجموعة من الرجال الذين أرادوا أن يقولوا للظلم توقف، فها هنا محط رحالك في أذية شعبنا، ولهذا فإن هذه الثورة العالمية التي قام بها الشعب الفلسطيني تسجل له في الكتب الخالدة، كما أنه لأول مرة يقوم محور المقاومة بمجابهة كل دول الطغيان من أميركا والإتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية الخائنة للقضية الفلسطينية، غير آبهين بالقتل والدمار الذي يلحق بهم، وبإذن الله ستكون هذه الثورة، هي الطوفان الذي سيجرف هذا الكيان المؤقت عن خارطة العالم، وسيعود الحق إلى أهله، وترجع فلسطين قبلة للمسلمين يحج إليها الأحرار من كل حدب وصوب.
الفن والأدب بعد “طوفان الأقصى”
وفيما يتعلق بالفن والأدب بعد “طوفان الأقصى”، قال نبيه أحمد: حتى الآن ما يسطره المقاومون في الميدان هو الفنّ الحقيقي، لأن العمليات التي يقومون بها ضد المحتل الغاصب، لا يمكن لهوليوود بكافة إمكاناتها تجسيدها، ونحن نعرف أنها كانت تدفع ملايين الدولارات من أجل إنتاج عمل حربي تشويقي، ولكن ما سطرته المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، خارج عن كل إطار الفن الهوليوودي، لأن هذا العمل المفعم بالصدق والإرادة والصمود، كان كفيلاً بإلقاء الرعب في قلوب الأعداء.
عادة بعد نهاية كل حرب، تقوم شركات الإنتاج بتقديم اعمال مختلفة تحاكي هذه الحرب بجوانبها العسكرية والإنسانية، ولكن “طوفان الأقصى” ليس بحاجة لذلك، فما رأيناه من تسجيل حقيقي للعمليات وبكل صلابة وصمود، لا يحتاج الى مخرج لتزيينه وتزييفه، وستعرف الأجيال القادمة بأن ما قامت به المقاومة ومحورها لهو السردية الحقيقية للوقوف بوجه الظلم، ولسنا بحاجة لممثلين محترفين لتجسيد أعمال شهدائنا، لان كل شهيد مقاوم كان أو مدني او حتى طفل، كل واحد من هؤلاء كانت له قصصه وبطولاته.
إن الفنّ يأتي ليروي قصة معاناة الشعوب، ولكن معاناة الشعوب تخطت كل الفنون العالمية، وقدمت فن المقاومة بكل احتراف وتفاني.
ما سيكتب من أدب وغيره، سيحمل عنوان أدب “طوفان الأقصى” أو موسيقى “طوفان الأقصى”، لأنها أصبحت عنصراً جديداً يضاف إلى الفن الهادف المقاوم.
“طوفان الأقصى” ومسلسل قبضة الأحرار
وبعد ذلك دار الحديث عن بعض الآراء فيما يتعلق بتشابه بين عملية “طوفان الأقصى” ومسلسل قبضة الأحرار، فهكذا أبدى عن رأيه نبيه أحمد: إن ما يتم الحديث عنه حول مسلسل قبضة الأحرار، على أنه تجسيد فعلي لعملية “طوفان الأقصى”، لا يعدو أن يكون تجسيداً فنياً لما سيقوم به المقاومون، ذلك أن الجهة الداعمة لإنتاج المسلسل هي مشاركة في عملية “طوفان الأقصى”، وهذا الإقتباس الحقيقي لقصة قبل حدوثها لهو إبداع فعلي، ولم يخطر ببال الصهاينة أن ذلك المسلسل سيتحقق بعد زمن على أراضيهم، وسيكونون هم الكومبارس الذين سيهزمون وستنتصر المقاومة في النهاية كما انتصرت في المسلسل وفي كل زمان ومكان.
ان سردية المقاومة هي لكل زمان ومكان، لأن الوعد الإلهي حتمي: إن تنصروا الله ينصركم… لا مجال للشك، لا مجال للغموض، وهؤلاء أناس نصروا الله بكل شيء، قدموا أغلى ما يملكون من اجل القضية الحقّة، ولهذا فإن الجزاء والأجر لهم هو النصر المظفّر بإذن الله.
“طوفان الأقصى” بداية الإنتصار
وحول أن نعتبر عملية “طوفان الأقصى”، بداية الإنتصار، قال نبيه أحمد: مما لا شكّ فيه ان بداية عملية “طوفان الأقصى”، هي بدء العد العكسي لزوال الكيان الصهيوني من الوجود، ذلك لأن هذه الشجرة اليابسة، دون جذور أو تعلق بالأرض، لا يمكن لها أن تستمر على وجه الأرض في وجه العاصفة العاتية للمقاومة، وإن هذا الكيان الغاصب الذي يظن نفسه فرعون هذا العصر، سنقول له أن فراعنة التاريخ قد أصبحوا عبرة وزالوا كما ستزول.
البقاء للمقاومة ولنصرة القضية المحقة حتى ظهور مولانا صاحب العصر والزمان(عج).
الفنانون وإنتاج أفلام عن “طوفان الأقصى”
وعندما سألناه عن، ما الذي يقع على عاتق الفنانين وصنّاع الفيلم لتوثيق عملية “طوفان الأقصى” للأجيال القادمة، قال الناقد السينمائي اللبناني: ما يمكّن من صون القضية وحفظها هو المحافظة على سردية المقاومة في وجه التزييف والتضليل الذي تقوم به الدول الغربية ومعها الإحتلال، لإظهار مظلومية زائفة للصهاينة بحقهم في الدفاع عن أنفسهم في وجه ما حصل في 7 اكتوبر، وهنا يقع على عاتق الفنانين والمبدعين في الحفاظ على السردية الحقيقية من خلال أعمالهم التي تستطيع الوصول الى أكبر قدر ممكن من الناس.
ما يقدمه الفن للعالم كفيل بجعل كل العالم يعي أن ما يحصل في فلسطين ولبنان هو مجزرة فعلية في مقارعة الظلم والطغيان، وإن ما حصل مع المقاومة الإسلامية في لبنان من إغتيال قادتها ومجاهديها وإظهارهم على أنهم قتلة ومخربون، هو تزوير ما بعده تزوير يجب على الفنانين محاربتهم، من خلال كل لغات الفن في العالم، حتى تعرف الاجيال اللاحقة أنه لأول مرة في التاريخ يقوم محور المقاومة بسحق رأس أفعى الشرّ في العالم والتخلص من الظلم الحقيقي الذي كانت تمارسه على الشعوب المستضعفة.
اغتيال قادة المقاومة
وحول الطريقة الأفضل لمواجهة الكيان الصهيوني وأنه لماذا يقوم باغتيال قادة المقاومة، قال نبيه أحمد: من أجل مواجهة الكيان الصهيوني، علينا أن نتّحد فيما بيننا من اجل الوقوف بصلابة وبأس في وجه المخططات الصهيونية، وعلينا بالصبر والتوكل على الله، والثقة التامة بقادتنا ومجاهدينا، ودعمهم بشتى أنواع الدعم، والوقوف يداً واحدة وقلباً واحداً مرددين الموت لأميركا و”إسرائيل”..
لا يجب علينا أن نيأس أو نشعر بالإنهزام، وبأن تكون شعلة كربلاء، وشهادة الإمام الحسين(ع) هي النبراس الذي ينير دربنا في وجه ظلمات العالم.
علينا أن ننصر الله لينصرنا ويثبت أقدامنا، وأن ندعو لولي أمرنا صاحب العصر والزمان(عج) بالفرج القريب لنقف معه في سبيل تحقيق العدالة العالمية الأبدية.
استمرار المقاومة حتى تحقيق النصر
وفيما يتعلق بتقييمه عن عملية “طوفان الأقصى” بعد مرور عام عليها، يقول نبيه أحمد: لن أتحدث عن عملية “طوفان الأقصى” كحدث عادي، فما حصل هو كبير جداً، وما سيكون في النهاية هو الحدث الأهم والأكبر، ما حدث هو الوقوف في وجه الجلاد ولأول مرة بهذه الطريقة، واستمرار مقاومته واستنزافه، حتى تحقيق النصر وبعيداً عن الإستسلام، وما سيحدث هو نصر كبير قريب سيكون منارة لكل شعوب العالم المستضعفة، وسيكون حزب الله قائد محور المقاومة في المنطقة والسيف الذي يقطع رأس كل فتنة وشرّ لحماية كل الشعوب المستضعفة والحرّة.
عملية “الوعد الصادق 2”
وفي الختام تحدث الدكتور نبيه أحمد عن عملية “الوعد الصادق 2” وقال: ما قامت به الجمهورية الإسلامية الإيرانية بقيادة الولي الفقيه السيد الخامنئي (حفظه المولى)، ضمن علمية “الوعد الصادق 2″، لهو خطوة كبيرة في الصراع مع العدو الصهيوني، فلطالما كانت الجمهورية الإسلامية وحرصاً منها على السلام بين الشعوب، تمارس ضبط النفس بالرغم من حجم الأذية الذي تعرضت له، ولكنها كانت تنظر الى مصلحة الشعوب المستضعفة، عندما يصبح لا بدّ من تأديب هذا العدو المتغطرس والوقح، تقوم إيران بالفعل اللازم لذلك، لأن منطق المؤمن هو القوة، وإيران بصفتها راعي الحركات المستضعفة في العالم، تستطيع أن تدافع عنها وتقدم لها يد العون، إن البأس الإيراني نابع من الولاية الحقيقية ومن بأس علي والعباس، وبإذن الله وتحت ظلّ قيادة الولي الفقيه، سيتحقق النصر الإلهي الذي وعد الله به، وستكون نهاية هذا الكيان المزعوم على يدّ أرقى وأطهر الناس.