“حين تشتعل القلوب وتُغتصب الأرض: رحلة التهجير والأمل المفقود”

كانت بيوتنا ملاذنا الآمن، لكننا اليوم مشردون في بقاع الأرض، نحمل وجع الوطن الذي لم نعد نملك فيه إلا الذكريات. صرنا نبحث عن مأوى لأولادنا كي نحميهم من غدر الأعداء الذين لا يعرفون سوى لغة الدم والدمار. كُتب علينا أن نحمي أولادنا من الجوع والقصف، نسعى خلف كل طريق يمكن أن يوفر لنا ملجأً آمناً ولو مؤقتاً.

2024-10-07

 

د. بتول عرندس

 

بلادنا ليست مجرد قطعة أرض على الخارطة، إنها كيان يختصر كل الحنين والكرامة، وهي تربتنا التي تعلقت بها قلوبنا منذ الطفولة. اليوم، نفترش أراضي غيرنا، غرباء عن بيوتنا، نعيش بمرارة في ظل الغياب. خرجنا مجبرين من ديارنا بسبب القصف، صوت الصواريخ لا يفارق ذاكرتنا، ودخان الحروب غطى سماء الأمان التي كنا نعيش تحتها.

 

كانت بيوتنا ملاذنا الآمن، لكننا اليوم مشردون في بقاع الأرض، نحمل وجع الوطن الذي لم نعد نملك فيه إلا الذكريات. صرنا نبحث عن مأوى لأولادنا كي نحميهم من غدر الأعداء الذين لا يعرفون سوى لغة الدم والدمار. كُتب علينا أن نحمي أولادنا من الجوع والقصف، نسعى خلف كل طريق يمكن أن يوفر لنا ملجأً آمناً ولو مؤقتاً.

 

لا نملك إلا أن نُقطع من وطننا، نهرب من القصف الذي لا يرحم، ونحمل في صدورنا وجع الأرض التي فقدناها. لبنان، هذا الوطن الذي نحب، لم يعد قادراً على احتضاننا، فنحن في رحلة البحث عن أمان بعيد، نُجرّد فيه من كل شيء إلا الكرامة التي تلاحقنا، تحملنا معها رغم كل الألم.

 

نحن هنا، غرباء في أوطانٍ ليست لنا، نحاول أن نحافظ على أمانة أهلنا وأولادنا، نواجه الجوع والخوف في كل لحظة، وكل ما نرجوه أن يأتي يوم نعود فيه إلى ترابنا، إلى أرضنا التي تستحق أن نعود ونبني فوقها مستقبلنا من جديد.

 

 

خرجنا وقلوبنا في الدار تشتعلُ

كأننا نترك الروح حيثُ لا يُحتملُ

 

ودعنا أرضاً كرامتُها لنا عزّ

لكن قد سلبَ العدوُ منا كلّ أملِ

 

نمشِي على طرقات الغربة مُثقلين

نحمل الجراحَ وأوجاعَ الوطنِ في المُقلِ

 

غدونا مشردينَ في أرضٍ ليست لنا

وأعينُ الأطفالِ تطلبُ الأمانَ بلا خجلِ

 

نحميهم من جوعٍ وقصفٍ بلا نهاية

وكأنّ الحلمَ بالأمانِ أصبحَ من خيالِ

 

آهٍ يا وطنَ الروحِ، كم لك في قلوبنا

حبٌ يوازي كلّ كنوز الأرض والدولِ

 

سنعودُ يوماً، رغم كل جرحٍ ودمعة

فنحنُ أبناءُ أرضٍ لا تُباعُ ولا تُشترى

 

المصدر: الوفاق/ خاص