التعديلات القضائية والإنقلاب الابيض لنتنياهو

تسفر التعديلات عن تعزيز قدرة الكنيست الصهيوني الى حد كبير وتقلص الى حد كبير أيضا قدرة ومكانة الديوان العالي للقضاء الصهويني ليضحى مجرد واحدا من الاحزاب السياسية

2023-01-18

حميد مهدوي راد

منذ تولي الكابينة الائتلافية الصهيونية بزعامة بنيامين نتنياهو زمام الامور، نسمع كل يوم اخبارا جديدة صادرة من الاراضي المحتلة. وقد انطلقت في الاسبوع الماضي تظاهرات في هذه الاراضي قام بها مواطنون من الكيان الصهيوني في بعض المدن بما فيها حيفا وتل أبيب و حتى القدس، اعتراضاً على مشروع تعديل بنية الجهاز القضائي لهذا الكيان.

من جهته ابدى رئيس الوزراء بأن التعديلات القضائية هي بمثابة نهاية الديمقراطية، هي مزاعم لا اساس لها، وهذه الاصلاحات تبين مطالب الناخبين لاعادة واحلال ميزان القوى.

يذكر ان وزير عدل الكيان الصهيوني يركز جهوده لتدوين مسودة القوانين الضرورية لتطبيق تعديلاته ليحيلها للجنة الوزارية للتشريع واللجنة الدستورياً في الكنيست.

يشار الى ان الكيان الصهيوني غير الشرعي واجه منذ بداية تأسيسه في العام 1948 الكثير من التحديات، ولم يمتلك دستوراً ابداً، بل انه اعتمد في حكمه قانونا يسمى بالقانون الاساسي القائم على اطر صهيونية، وبالطبع، على الديمقراطية الغربية.

التعديلات التي وضحها ياريفة لفيفي في مؤتمر صحفي عقده في الكنيست، ستفرض قيوداً مشددة على سلطة المحكمة العليا، وستوفر للحكومة امكانية، السيطرة على لجنة انتخاب القضاة وعلى قدرة المستشارين الحقوقيين للحكومة. وهذا الموضوع يمكن تقييمه كما يلي: اولاً، بعد مضي اسبوعين لاغير على تشكيل كابينته الجديدة، اخذ نتنياهو يسعى وراء هذا المشروع، في وقت تلاحقه عدد من الملفات القضائية بتهم من الفساد المالي الى التواطؤ والتآمر السياسي، في محاولة منه للفرار من هذه الملاحقات.

ثانياً، هذه التظاهرات كانت واسعة و شارك فيها ما يربو على مائة الف شخص في حيفا، تل أبيب والقدس المحتلة، والتي لاسابقة لها اعتراضاً على مشروع واحد.

ثالثا، الكيان الصهيوني وخلال سنوات طوال اكد دائماً عبر ابواقه الدعائية على تحقيق الديمقراطية لاضفاء المشروعية على كيانه غير الشرعي. هذا في حين ان المتظاهرين رفعوا شعارات جاء فيها “حان وقت اسقاط الديكتاتورية”و”حكومة العار” و”بيبي لايريد الديمقراطية، لسنا بحاجة الى فاشيين في الكنيست”… لتبرهن مدى خواء مزاعم الكيان.

رابعاً، قبيل هذه التظاهرات كان واضحاً وبيّناً التشضّي والتباعد السياسي بين قادة الكيان الصهيوني في الحكومة الائتلافية من جهة وبين معارضي هذه الحكومة الذين تحولوا الى جبهة معارضة. وهذا الى حد كانت حكومة الاحتلال عازمة، ان امكن،، في الاسابيع الماضية على اعتقال بيني كانتز ويائير لابيد.

خامساً، اعلن يائير غولان، العضو السابق في الكنيست الصهيوني وأحد قادة ومنظمي هذه التظاهرات، بأن سبيل المواجهة مع هذه الحكومة الفاشية واليمينية المتطرفة، هو التظاهر والاعتصاب والاعتراض المدني، واشارة الاضطرابات ان لزم الامر. وقال أيضاً حول بن غفير: الثقة بايتمار بن غفير هي مثل “ترك القطة تحرس اللبن”. كما ان بني كانتز، وزير الامن السابق الكيان الصهيوني، حذر من نشوب صراع وحرب داخلية مع مجيء المتطرفين والجناح اليمني المتطرف الى سدة الحكم.

سادساً، في حالة المصادقة على هذا المشروع، فسوف تسفر التعديلات عن تعزيز قدرة الكنيست الصهيوني الى حد كبير وتقلص، الى حد كبير، قدرة ومكانة الديوان العالي للقضاء الصهويني ليضحى مجرد واحدا من الاحزاب السياسية، مصيباً استقلال السلطة القضائية للكيان بالضرر. بمعنى، على سبيل المثال، اذا اصدرت المحكمة العليا قراراً حول شخص او حزب أو أي موضوع آخر، فيمكن ان يبطله الكنيست بآراء اعضائه، أي يمارس حق الفيتو بحقه. وهو سيعمل على اضاعة حقوق مواطنة العديد من الاقليات في الكيان وعلى زوال مزاعم مباديء الليبرالية الديمقراطية التي طالما تشقدق بها الكيان المحتل.

كما ان المصادقة على المشروع ستدق ناقوس نهاية الآمال الواهية حتى داخل الكيان. اذ انه حصل لحد الآن ان كل مشروع او مبادرة ورأي يتعارض مع روح القوانين الاساسية كان ديوان القضاء العالي يرفضه، في حين ان مع هذه المصادقة سيتمكن اعضاء الكنيست، من خلال التصويت لصالح المشروع، من ايقاع الضرر باستقلال السلطة القضائية ويصوتون بعيداً عن الممارسة الجارية وعن وجهة النظر الحقوقية فيما يتعلق به.

المراقبون يرون ان اثارة مثل هذا المشروع في الوقت الحالي هي بمثابة الانقلاب الابيض من قبل نتنياهو ورفاقه في الاحزاب الأخرى، الذين يسعون لايجاد هامش من الامن لأنفسهم وإقامة حكومة استبدادبة لهم.

المصدر: الوفاق خاص