حميد مهدوي راد
افيف كوخاوي، الذي تنازل عن منصبه، كرئيس اركان الجيش الصهيوني، لهرتسي هليفي، أقر في مؤتمره الصحفي الأخير بأن “الاتفاق النويي مع ايران لم يكن بالاتفاق الجيد اذ انه وفر للجمهورية الاسلامية فرصة مزاولة النشاطات النووية على مستوى اكبر، لتشكل من خلال زيادة محدد أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم خطراً على الكيان الصهيوني. واضاف ان هذا، علاوة على زوال الامل في احياء الاتفاق النووي، أقنع اسرائيل بامكانية توصل ايران لصنع قنبلة نووية في غضون بضعة اسابيع. وان أي اتفاق نووي في المستقبل مع ايران يجب ان يضمن عدم توصل ايران لصنع قنبلة ذرية. كما ان الاتفاق التالي يجب ان يتناول برنامج صنع وتطوير الصواريخ البالستية والحد من فعاليات ايران بمقدار كبير في هذا المضمار.
بنفس الوقت قال مدعياً، ان “غرفة ايران” قد تشكلت في الجيش الصهيوني إبان توليه منصبه، واصبح جيش الكيان قادراً على مهاجمة البنى النووية الايرانية، وان هناك 3 خطط جرى تقييمها بشأن شن الهجوم على التأسيسات الايرانية.
ومن أجل تحليل وتقييم هذه التصريحات المضحكة، يتوجب امعان النظر فيها من عدة زوايا، والاخذ بنظر الاعتبار السيناريوهات المحتملة. فيذكر ان الجيش الصهيوني يعاني منذ مدة طويلة من الوهن وهبوط المعنويات، ولا يجد مناصاً، كما سياسيو كيان الاحتلال، من بث الاكاذيب والاشاعات والفرار من الواقع.
في الماضي، عندما كان بعض المسؤولين العسكريين بالجمهورية الاسلامية الايرانية يتحدثون عن ضرورة مجابهة تهديدات الكيان الصهيوني وما يشكله هذا الكيان من خطر قائم ومحتمل، اعرب اشخاص عن استيائهم من هذه التصريحات من قبل مسؤولين عسكريين ايرانيين ومنعوهم حتى من التصريح والتحدث عن مثل هذه المواضيع. ولكن نرى الآن ان قادة الجيش الصهيوني يتبجحون ويثرثرون وينطقون بكلام خطير ومثير للتوتر عن موضوع سياسي بحت.
فيما قبل كان العديد من المسؤولين السياسيين بالكيان الصهيوني كلما واجهوا مشاكل وتحديات او ازمات اقتصادية، سياسية، اجتماعية، وغيرها، كانوا ينتهجون مساراً محفوفاً بالاكاذيب، ويفرون الى الامام، ويتبنون مسرحية التخويف من ايران وخطر ايران النووي، وهذا ينسحب على الجيش الصهيوني الذي يعاني في الحقيقة من هبوط في المعنويات.
الصهاينة يزعمون ان معلوماتهم الواسعة والدقيقة وتسليحاتهم قد قاموا بتعزيزها لشن الهجوم على المرافق النووية الايرانية. علماً انهم قاموا بتشييد بنى شبيهة بالمرافق المذكورة بهدف اجراء مناورات عسكرية سنوياً لهذا الغرض.
ويزعمون أيضاً ان بامكانهم، حتى بدون أي دعم سياسي وعسكري من قبل الولايات المتحدة، القيام بهجوم على البنى النووية الايرانية. لكن بما انه في السياسة والشؤون الدولية يصبح الغير ممكن ممكناً، فان المؤشر الناتج عن هذا الزعم يبين ان الولايات المتحدة الأمريكية (حكومة جو بايدن) لن تنظم ولن تتعاون مع الصهاينة في هذا المسار، لذلك عانى الصهاينة من الارتباك وشرعوا بالفرار الى الامام.
هذه المزاعم والادعاءات تُثار في حين ان ايران اعلنت رسمياً مراراً وتكراراً بأنها لاتسعى وراء الحصول على قنبلة ذرية وان هذه المزاعم غرضها الاضرار بعلم وتقنيات وتطور الجمهورية الاسلامية. بل حتى ان الامام الخامنئي (مد ظله العالي) صرح في فتوى له ان صنع واستخدام القنبلة الذرية هو عمل حرام وان ايران لم ولن تسعى وراء مثل هذا الامر.
السيناريو الاول في اطار استهداف المرافق النووية الايرانية، هو احتمال شن القوة الجوية الصهيونية هجمات محدودة على هذه المرافق، مستخدمة طائرات إف 35. في هذا السيناريو يتوجب على هذه الطائرات الصهيونية عبور اجواء السعودية. علماً ان نتنياهو يسعى في الدورة الجديدة لوزارته لتطوير مشروع التطبيع مع البلدان العربية في منطقة الخليج الفارسي، خاصة السعودية. والسعوديون، في حالة الموافقة على مثل هذه الفكرة عليهم الاستعداد هم ومن يتحد معهم في الاقليم للرد الايراني. وسيدفع السعوديون والمتحدين معهم ثمناً باهضاً على يد المتحدين مع ايران في جبهة المقاومة، خاصة انصار الله في اليمن. وستكون ايران بمثابة الكابوس الجاثم على صدر السعودية. وسيفشل الصهاينة في مسعاهم، لأن الصواريخ البالستية الايرانية الدقيقة لها مقدرة عالية في صعيد الوقاية والمحافظة على الأمن الوطني للبلاد. من جهة أخرى سيقوم حزب الله لبنان أيضاً، من الجبهة الشمالية بتنفيذ هجمات موسعة على العدو الصهيوني.
السيناريو الثاني هو اعمال تخريب من خلال التغلغل والتجسس والحرب السايبرية المستهدفة للمرافق النووية الايرانية. ومع الاخذ بعين الاعتبار الاحداث الأخيرة والاضطرابات في الاشهر الماضية في ايران، يعكف الصهاينة على التعرف على عدد من مثيري الفوضى لتوظيفهم لغرض التعاون الاستخباري.
علماً ان الجهاز الامني الايراني احرز فيما يتعلق بهذا السيناريو اداءً ناجحاً وموفقاً في السابق، متعرفاً على الذين وجههم جهاز الموساد لممارسة التجسس واعمال التخريب وسدد اليهم الضربات المهلكة.
السيناريو الثالث يتمثل في قيام الجيش الصهيوني، وقبل شن الهجوم المباشر على المرافق النووية الايرانية، بتنفيذ هجمات محدودة على الضفة الغربية وقطاع غزة وجنوبه ليضعف فيها القدرات الاستباقية لجبهة المقاومة. وربما سيعكف الصهاينة عند تنفيذهم هذا السيناريو على تصفية واغتيال قادة المقاومة.
السيناريو الرابع يتمثل في ان الجيش الصهيوني، من خلال ايضاحه مثل هذه المشاريع (السيناريوهات)، يحاول ان يقلص الى حد ما من حجم الوهن واليأس الذي يعاني منه افراد جيش الاحتلال ويبقي في قلوبهم بارقة أمل في وقت يشعرون به بانعدام الامن. علماً ان شابات وشباب الكيان الصهيوني مستائين وغير راضين منذ سنوات إزاء الوضع القائم. وأيضاً لأن خدمة العلم في اسرائيل اجبارية لمن زاد عمره عن 18 سنة ( الاولاد 3 سنوات والفتيات سنتين)، مع بقائهم حتى عمر 30 سنة كقوات احتياط، ويعتبرون جنوداً. في حين ان طلاب المدارس الدينية والحريديين والحاخامات معفيون من خدمة العلم التي يتحملها الآخرون.
نتيجة لهذا، فان قادة وجنرالات الجيش الصهيوني، كما سياسيو الكيان، يرون الحل في ممارسة الاكاذيب والخداع والتخويف من ايران، وهم في صدد التخفيف قليلاً من آلامهم ومعاناتهم. ويريدون بنفس الوقت تحذير ايران من انه في حالة توقف وفشل المباحثات النووية، فان خيار العمل العسكري ضد ايران، من قبل الكيان الاسرائيلي لايزال على الطاولة وسيكون قابلاً للتنفيذ، وسيستغل أداة الضغط هذه الى اقصى حد ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية.