كاتب جزائري للوفاق:

السنوار كان يدير المعركة مع العدو باقتدار كبير

أجرت صحيفة "الوفاق" حواراً مع الكاتب الجزائري الدكتور معمر قاني حول استشهاد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المُجاهد يحيى السنوار وأبرز منجزات هذا الشهيد في مواجهة العدو الصهيوني.

2024-10-22

استشهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المُجاهد يحيى السنوار مُشتبكاً مقبلاً وليس مُدبراً، في مشهد بطولي لم يسبق له نظير، مشهدٌ رغم طائرة الـ”كواد كوبتر” التي وثقت المشهد كان يريد منها العدو الصهيوني الأحمق أن يُذل المقاومة ويضعفها ويبث في قلوب شبابها الخوف والرهبة، إلاّ أن استبسال مهندس “طوفان الأقصى” الشهيد يحيى السنوار حتى الرمق الأخير قلب الموازين وأفشل حسابات العدو وبعثر أوراقه كلها، إذ دخل هذا المشهد البطولي للسنوار التاريخ من أعرق أبوابه. فشل الكيان الصهيوني دون شك في الوصول إلى هدفه الذي كان يرنو له من خلال هذه الجريمة، إذ تحوّل السنوار إلى رمز للأحرار في جميع أنحاء العالم حتى أولئك المتعاطفين مع الصهاينة دُهشوا وذهلوا من مشهد استشهاد السنوار البطولي، على إثر هذه التطورات أجرت “الوفاق” حواراً مع الكاتب الجزائري الدكتور معمر قاني.

 

 ارتقى القائد المقاوم يحيى السنوار شهيداً على طريق القدس، حدثونا عن أبرز منجزات هذا الشهيد في مواجهة العدو.

 

أبرز وأهمّ إنجاز على الإطلاق للشهيد القائد يحيى السنوار هو نجاحه في إطلاق عملية “طوفان الأقصى”، بوصفها ثورة تحريرية على درب الاستقلال، ليس للشعب الفلسطيني فقط، بل للأمتين العربية والإسلامية، عنوان هذه الثورة هو الأقصى، وهذا يمثل رؤية للهدف، تحرير الأرض والمقدسات.

 

بعد ذلك تأتي تحت هذا المنجز الكبير منجزات فرعية، نجاح السنوار بصفته رئيس حماس في غزة، في الخداع الاستراتيجي للكيان الصهيوني لسنوات سبقت الطوفان، تُوّج بفشل على الصعيد الاستخباراتي بالنسبة لجيش الاحتلال، حيث لم تتمكن أجهزة المخابرات الصهيونية متمثلة في الموساد والشاباك من تحديد تاريخ عملية طوفان الأقصى ناهيك عن تفاصيلها، بل أكثر من ذلك فقد تمكن مجاهدو القسام يوم السابع أكتوبر 2023، يوم العملية، من وضع أيديهم على معلومات ثمينة حول جيش الاحتلال خلال تحييدهم لفرقة غزة والتي تمثل لواءان في جيش الاحتلال.

 

عندما نقول السنوار فإننا نعني ملف الأسرى والتفاوض حوله، وقد رأينا كيف استطاع إدارته باقتدار كبير، رغم ضغوطات الكيان الصهيوني، عبر حصاره لقطاع غزة وقصفه اليومي للمباني وإبادته الجماعية للسكان ومحاولة تهجيرهم، واستخدام هذا العدوان لفصل الحاضنة الشعبية عن المقاومة، بل وحتى بث العداوة بينهما، ومع كل هذا لم يتمكن المحتل من فرض شروط لاستعادة أسراه الذين لم يعد منهم سوى العدد الذي تم الاتفاق عليه مع حركة حماس، عبر المفاوضات وليس من خلال العمليات العسكرية لجيش الاحتلال.

 

أيضا أن تبقى المقاومة واقفة وشامخة وهي تثخن في العدو كل يوم، تحت قيادة السنوار لها بشكل فعلي، حتى قبل أن تنتخبه قيادة حماس رئيساً لها قبل شهرين ونصف بعد استشهاد القائد اسماعيل هنية، رغم المساعدات العسكرية والاستخباراتية واللوجستية المقدمة لجيش الاحتلال من قبل الولايات المتحدة وحتى دول غربية، وأيضاً رغم التواطؤ والخذلان من قبل الدول المطبعة المشاركة في حصار غزة وتجويع شعبها، فإنّ هذا دليل كبير على أنّ الشهيد يحيى السنوار كان يدير المعركة مع العدو باقتدار كبير رغم التفاوت في ميزان القوى.

 

هل سيعزز استشهاد السنوار إرادة المقاومة في مواجهة العدو؟ وكيف تقيّمون إدارته للمعركة مع العدو؟

 

صحيح أنّ السنوار قائد عسكري عبقري ودبلوماسي محنك، لكن هذا الأمر رغم أنه له تأثيره الإيجابي على أداء المقاومة، لكنه لا يعني إطلاقاً أنها قد تُعدم من يقودها لإكمال المسيرة بعد رحيله، بل ربما هناك في كتائب المقاومة وفي حركة حماس من هم أكثر شراسة وحنكة من السنوار، وربما بالمئات أو الآلاف، غير أنّ الفرصة لم تتح لهم بعد، ولذلك يخطئ العدو حينما يقصر “النصر” أو حتى الحسم في حربه على اغتيال القيادات.

 

نحن في الجزائر نقارن حركات التحرر في أي وقت مضى والآن أيضاً، بما حدث مع ثورتنا التحريرية، الشهيد البطل مصطفى بن بولعيد هو أب الثورة الجزائرية وعقلها المدبر، استشهد بعد عام وأربعة أشهر من اندلاعها، هل توقفت الثورة في الجزائر؟ لم تتوقف بل كانت المعارك والعمل المسلح يزدادان شراسة وضراوة كلما أمعن الاستعمار الفرنسي في اغتيال قادة الثورة على مستوى البلاد ومحلياً على مستوى النواحي، وهذا ما نحن كجزائريين مقتنعين من أنه سيحدث مع الفلسطينيين وفي لبنان أيضاً، الذي شهد اغتيال قيادات حزب الله من الصف الأول، لذلك نعتبر أنّ استهداف القيادات دليل كبير على عجز الكيان الغاصب عن وأد حركة المقاومة، فيلجأ إلى استخدام العملاء والأسلحة المتطورة من أجل تصفيتهم لتحقيق نصر سياسي بدون معنى أمام جمهوره، وإلا فإنّ إصرار وعزيمة المقاومة المستمرة في تكبيده خسائر بشرية ومادية فادحة، هو ما سيحسم في نهاية المطاف المعركة لصالحها، ومن هنا فإن استشهاد السنوار، الذي لا يعتبر اغتيالاً لأنه تم خلال مواجهة عسكرية مع العدو أثبت فيها بطولته وشجاعته، سيعطي للمقاومة وللقضية الفلسطينية بشكل عام زخماً أكبر وتعاطفاً أوسع من قبل أحرار العالم، ما سيساعد على اتساع رقعة الرفض للسياسة الأمريكية الداعمة لحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الصهيوني ضد الفلسطينيين المطالبين بحقهم في الوجود وحقهم في أرضهم وحريتهم.

المصدر: الوفاق/خاص