ومن دون ضمان الحريات

لا يمكن مقايضتها بالترفيه.. حرمان السعوديين من الحقوق الأساسية

من الطبيعي والواجب أن يتمتع المواطنون والمقيمون في المملكة بالترفيه الفني الرياضي، لكن لا أن يكون ذلك على حساب حرمانهم من حقوقهم الأساسية وفي مقدمة ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي.

2023-01-20

ومن غير الممكن قبول فعاليات الترفيه كبديل عن الحقوق الأساسية والترويج لاستراتيجية الإنفاق ببذخ بأنها دليل على الحداثة والانفتاح في وقت تتصاعد فيه سياسات القمع والبطش وتغليط أحكام السجن بعد المحاكمة على مجرد تغريدة أو رأى علني.

*خلق” صورة إيجابية للمملكة على الصعيد الدولي”

في الوقت ذاته فإن سياسة الحكومة السعودية القائمة منذ سنوات على خطة غسيل السمعة من خلال الفعاليات الترفيهية والرياضية لا يمكن أن يكتب لها النجاح من دون ضمان الحقوق والحريات.

وكانت السلطات السعودية أطلقت خططا غير مسبوقة للاستثمار في الأحداث الترفيهية والثقافية والرياضية الكبرى ضمن “رؤية 2030″، بهدف معلن هو خلق المزيد من خيارات الترفيه والتسلية من أجل خلق “صورة إيجابية للمملكة على الصعيد الدولي”.

لكن يظهر بجلاء أن تمرير هذه الخطة المثيرة للجدل ظل يجابه بإخفاقات هائلة. أحد أبرز تجليات هذا الإخفاق التنديد المستمر من منظمات حقوق الإنسان الدولية بسياسية تبييض السمعة، والتذكير في كل مناسبة بالانتهاكات الحاصلة لحقوق الإنسان في السعودية.

*استخدام المشاهير لمواجهة التدقيق المنتقد لانتهاكات السلطات

وظل نجوم هوليوود والغناء والرياضيين الدوليين وغيرهم من المشاهير العالميين ممن تلقوا أموالا حكومية ضخمة وبأرقام قياسية لأداء عروضهم في السعودية، تحت الضغط للحديث عن السجل الحقوقي المروع في السعودية.

وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فإن مثل هذه الأحداث يمكن أن تُستخدم لمواجهة التدقيق المنتقد لانتهاكات الحكومة السعودية لحقوق الإنسان، بما فيها قتل الصحفي جمال خاشقجي واعتقال نشطاء الرأي، وتقويض الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين السعوديين.

ولجأ النظام السعودي في أيار/مايو 2016، إلى إعلان الخطة “الهيئة العامة للترفيه” بخطط لاستثمار 64 مليار دولار في الموسيقى، والترفيه، والرياضة، والفن، والسينما، من بين أمور أخرى.

*صرف مبلغ مليار دولار لاستضافة مباريات للمصارعة الحرة

وشمل ذلك استضافة المملكة بطولة السوبر الإسباني، و”رالي داكار” وبطولة الغولف السعودية للمدعوّين، وعروض مدفوعة لـ “مؤسسة مصارعة المحترفين الترفيهية” (WWE). و”فورمولا 1″ وغيرها من الأحداث.

ولنتخيل أن سلطات المملكة صرفت مبلغ مليار دولار في السنوات الأخيرة على استضافة مباريات للمصارعة الحرة، في وقت يعرض صندوق الاستثمارات العامة مبلغ 6.5 مليار دولار لشراء شركة WWE مؤسسة المصارعة العالمية الترفيهية.

الهدف من هذه الاستراتيجية مرتبطة بسياسة غسيل السمعة بحيث أن محركات البحث، على سبيل المثال، تظهر المملكة ما في نتائج البحث الكثيرة الأولى للفعاليات الفنية والرياضية الكبرى على حساب الدفع بنتائج انتهاكات حقوق الأنسان إلى آخر قوائم نتائج البحث.

*فشل استراتيجية تلميع الانتهاكات

رغم ذلك فإن استراتيجية تلميع الانتهاكات والحكم القمعي في المملكة ثبت فشلها ولم تنجح بتسويق ولي العهد محمد بن سلمان وفريقه الحاكم في المحافل الدولية، ولم تحد من التقارير الإعلامية والحقوقية الدولية المنتقدة للسعودية.

من جانب آخر، خلصت دراسة بحثية صادرة عن منتدى الخليج الفارسي الدولي، أن العمل المناخي الذي تسوق له السلطات السعودية يمثل غسيل فاضح للسمعة.

ونبهت الدراسة إلى أن السنوات الماضية شهدت تأثيرا متزايدا لتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، وتزامن ذلك مع قبول متزايد بشأن ضرورة عمل المجتمعات على معالجة تغير المناخ الآن إذا كان العالم يسعى إلى تجنب عواقب مستقبلية مأساوية.

وبحسب الدراسة أصبح هناك شبه إجماع على أن إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي عامل رئيسي في التخفيف من آثار تغير المناخ، لكن الاقتصاد العالمي لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري.

*الآثار السلبية للوقود الأحفوري على المناخ

وقد ثبت أن مثل هذه المهمة تزداد صعوبة، خاصة بالنسبة لدول مجلس التعاون التي تعتمد بشكل كبير على عائدات الوقود الأحفوري وتدرك تمامًا الآثار السلبية لتغير المناخ في ذات الوقت.

ومن بين دول مجلس التعاون، تبرز السعودية كأكثر حرصًا على التعامل مع تغير المناخ، لكن التعامل مع هذه المشكلة تأتي بثمن باهظ حيث تتطلب تخفيض إنتاج النفط والغاز.

وتدعو اتفاقية باريس، التي وقّعت عليها جميع دول مجلس التعاون، جميع الدول إلى خفض استهلاك الوقود الأحفوري بشكل كبير في المدى القريب.

ومع ذلك، قالت السعودية والإمارات مؤخرا إن اتخاذ إجراءات مناخية وطنية لا يعني بالضرورة وقف إنتاج الوقود الأحفوري.

وبدلاً من ذلك، تعمل الإمارات والسعودية على توسيع مبادراتهما المتعلقة بتغير المناخ، مع زيادة إنتاج الوقود الأحفوري بشكل كبير.

ومن الواضح أن اقتصادات دول الخليج الفارسي تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري حيث تقع جميع دول مجلس التعاون الست ضمن البلدان الثمانية الأولى التي لديها أكبر نسبة انبعاثات للفرد من ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.

لذلك، فإن معالجة قضية تغير المناخ إجراء ضروري للأنظمة الخليجية، لكن في نفس الوقت يهدد ذلك المحرك الرئيسي لنموها الاقتصادي.

 

المصدر: وكالات

الاخبار ذات الصلة