يوجد مجموعة من التعاريف للحوار اصطلاحا ذكرها أهل الفن بمختلف توجهاتهم ومن ذلك:
– الحوار: حديث شفهي يجري تبادله بين أكثر من فرد سواء في شارع، بيت، متنزه، مدرسة، جمعية أو منتدى.
– مراجعة الكلام بين طرفين أو أكثر دون وجود خصومة بينهم بالضرورة.
المحادثة بين طرفين أو أكثر، وهذا كما لو تحدث شخص مع شخص آخر، أو كما تحدث شخص مع نفسه، ففي الحالتين هناك طرفان يتم تبادل الحديث بينهما سواء كان الطرف شخصا واحدا أو أكثر، كما إن الأطراف الحوارية قد تكون متعددة كما لو كان هناك ثلاثة أشخاص أو أكثر يتحدثون فيما بينهم.
– التجاوب والمراجعة التي تحدث بين طرفي الحوار، أي المتكلم والمخاطب ويراد منه تبادل المعلومات المستمر بينهما.
– مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين، وعرفه بعضهم بأنه نوع في الحديث بين شخصين، أو فريقين يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة فلا يستأثر أحدهما دون الآخر ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب.
الحوار: هو مراجعة الكلام وتبادله بين طرفين متخالفين ينتصر كل منهما لرأيه ويقدم دليله على معتقده رغبة في أن يظهر الحق لأحدهما ويلتقي الطرفان على رأي واحد يجمعهما.
والظاهر من خلال ما ذكر إن التعريفات جميعاً باستثناء التعريف الأخير متفقة على كون الحوار هو مراجعة ومحادثة بين جهتين أو فردين على نحو بيان المعنى المراد من ذلك الحوار، أما التعريف الأخير يبين رأي كل جهة من خلال الأدلة التي يقدمها كل طرف والانحياز لها، وهو إن لم نقل متباين كليا عنها فهو بينهما عموم وخصوص من وجه، فالتعريف الأخير وإن اشترك بكونه مراجعة وتبادل للكلام بين الطرفين إلا إن فيه نوعا من الانتصار والغاء للطرف الآخر بنحو يكون معدوما وبهذا يكون قد اختلف عن بقية التعريفات.
والمحصل مما ذكر، إن هناك تقارباً بين المعنى اللغوي والاصطلاحي في الجملة لخروج بعضها عن هذا التقارب وذلك لكون القسم الأخير فيه نوع من الاحتجاج لطرف بقوة الأدلة والانتصار لها وتفنيد أدائه بعد ضعفها وعدم مقاومتها للطرف الأقوى والغاء للطرف الآخر حيث كانت أدلة هذا الطرف أقوى من الآخر بحيث كانت نتيجتها الإلغاء.
ولم تَرِد كلمة (حوار) في القرآن الكريم إلا في آيات ثلاث، جاءت اثنتان منها في سورة الكهف في معرض الحديث عن قصة صاحب الجنتين وحواره مع صاحبه الذي لا يملك مالاً كثيراً، فقال تعالى عنهما في الموضع الأول: “وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً”، وقال تعالى عنهما في نفس السورة: “قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً”.
أما الآية الثالثة التي وردت فيها كلمة (حوار) فهي من سورة المجادلة، في قوله تعالى: “قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ”.
الجدل: إنّ الحوار باعتباره وسيلة تواصلية أوسع منْ حصْره في هذه الكلمة، فقد جاء التعبير عنه بمفردات أخرى قريبة منه من أهمها (الجدل) التي وردت في تسعة وعشرين موضعاً، منها:
1- “وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً”.
2- “هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً”.
3- “وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ”.
4- “وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ”.
5- “قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ”.
يتبع…