كل حركات التحرر في العالم الاسلامي وفي افريقيا وامريكا اللاتينية، هي حركات “ارهابية” لدى الغربيين، لانها تجرأت و”قاومت” الاستعمار الغربي. واليوم ايضا، كل المنظمات والحركات الاحزاب والشخصيات التي تقاوم الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، هي منظمات وحركات واحزاب وشخصيات “ارهابية”، من وجهة نظر الغرب.
في عصرنا الحاضر، يعتبر حرس الثورة الاسلامية في ايران، من اكبر الرافضين للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، ومن اكبر المقاومين للهيمنة الامريكية والغربية في المنطقة، وكان من اهم عوامل بلورة وتشكيل محور المقاومة الممتد من ايران الى العرق وسوريا ولينان وحتى اليمن، وهو المحور الذي كان ومازال يقف بالمرصاد للمخططات الغربية، لفرض الكيان الاسرائيلي، ككيان طبيعي على المنطقة وشعوبها.
هذه الحقيقة اشار اليها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، وهو يلخص الاسباب الحقيقية وراء قرار البرلمان الأوروبي، وضع حرس الثورة الاسلامية في ايران، على ما يسمى بـ”القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية”، بقوله : “إن سبب غضب النادي العالمي للإرهابيين من الحرس الثوري، هو أنه أكبر مؤسسة لمكافحة الإرهاب في العالم.. وان إن نظام الفصل العنصري الإسرائيلي هو أكبر هوية إرهابية منظمة في العالم، والنظام البريطاني هو مؤسسه، والنظام الأمريكي هو أكبر داعم له.. ان سبب غضب النادي العالمي للإرهابيين من الحرس الثوري واضح”.
قوات حرس الثورة الاسلامية، كانت وبشهادة الجميع في طليعة المواجهة، مع “الارهاب” الغربي الصارخ المتمثل بالكيان الاسرائيلي، والجماعات التكفيرية وفي مقدمتها “داعش”، فحافظت هذه القوات الى جانب الجيوش الوطنية وفصائل المقاومة في بلدان المنطقة، على وحدة اراضي وسيادة الدول المستهدفة من الارهاب الغربي، وعلى ارواح المدنيين، بمختلف اعراقهم واديانهم وطوائفهم، وحالت دون تحقيق الغرب وراس حربته “اسرائيل” والجماعات التكفيرية، اهداف مخططاتها في المنطقة.
اليوم إعتقد الغرب ان الوقت قد آن للانتقام من القوة الاولى في المنطقة التي وقفت في وجه “ارهابه”، عبر إشغال هذه القوة بأعمال الشغب التي أثارها واشرف عليها، داخل ايران، عبر اجهزة مخابراته وجواسيسه، وعبر الحرب النفسية التي شنتها امبرطوريات اعلامية ممولة من الرجعية العربية وعلى راسها السعودية، بذريعة وفاة شابة ايرانية!.
يبدو ان حلم الغرب في النيل من اكبر قوة تواجه مخططاته، لم يدم طويلا، بعد ان صحا الغرب على رفض الشعب الايراني، للفوضى واعمال الشغب، التي تجسدت بابشع صورها في قتل رجال الامن العزل، وبطريقة في غاية الفظاعة، واعلن وبشكل مكثف ومستمر وقوفه الى جانب النظام الاسلامي، والتفافه حول حكومته، رفضا للتدخل الغربي السافر في شؤون بلاده.
الضربة الموجعة التي تلقاها الغرب من الشعب الايراني، افقدت الغرب ، وخاصة اوروبا، توازنه، الى الحد الذي ارتكب خطا جسيما وفادحا، عندما قرر ادراج اكبر مؤسسة عسكرية رسمية في الجمهورية الاسلامية على “قائمة الارهاب الاوروبية”، وهو قرار يكشف عجز وضعف ويأس الغرب من مواجهة ايران.
مهما كانت دوافع واسباب القرار الاوروبي، فانها لم ولن تفصل بين الشعب الايراني وبين رمز قوته المتمثلة بالحرس الثوري الاسلامي، ولم ولن تدفع ايران الى تقديم تنازلات في المفاوضات النووية، ولم ولن تضطر ايران الى الكف عن دعمها للشعوب المستضعفة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، ولم ولن تعيد ايران الى بيت الطاعة الامريكي، الذي هدمته على رؤوس الامريكيين، قبل اكثر من اربعة عقود، لذلك لن يجلب هذا القرار، الا الخيبة والعار لاوروبا، بعد ان اظهرت كل هذه التبعية العمياء والذليلة لامريكا.