نبهت الدراسة إلى أن السنوات الماضية شهدت تأثيرا متزايدا لتغير المناخ في جميع أنحاء العالم، وتزامن ذلك مع قبول متزايد بشأن ضرورة عمل المجتمعات على معالجة تغير المناخ الآن إذا كان العالم يسعى إلى تجنب عواقب مستقبلية مأساوية.
وبحسب الدراسة أصبح هناك شبه إجماع على أن إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي عامل رئيسي في التخفيف من آثار تغير المناخ، لكن الاقتصاد العالمي لا يزال يعتمد على الوقود الأحفوري.
وقد ثبت أن مثل هذه المهمة تزداد صعوبة، خاصة بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد بشكل كبير على عائدات الوقود الأحفوري وتدرك تمامًا الآثار السلبية لتغير المناخ في ذات الوقت.
ومن بين دول مجلس التعاون الخليجي، تبرز السعودية كأكثر حرصًا على التعامل مع تغير المناخ، لكن التعامل مع هذه المشكلة تأتي بثمن باهظ حيث تتطلب تخفيض إنتاج النفط والغاز.
وتدعو اتفاقية باريس، التي وقّعت عليها جميع دول مجلس التعاون الخليجي، جميع الدول إلى خفض استهلاك الوقود الأحفوري بشكل كبير في المدى القريب.
ومع ذلك، قالت السعودية والإمارات مؤخرا إن اتخاذ إجراءات مناخية وطنية لا يعني بالضرورة وقف إنتاج الوقود الأحفوري.
وبدلاً من ذلك، تعمل الإمارات والسعودية على توسيع مبادراتهما المتعلقة بتغير المناخ، مع زيادة إنتاج الوقود الأحفوري بشكل كبير.
ومن الواضح أن اقتصادات دول الخليج تعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري حيث تقع جميع دول مجلس التعاون الخليجي الست ضمن البلدان الثمانية الأولى التي لديها أكبر نسبة انبعاثات للفرد من ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم.
في الوقت نفسه، يشكل تغير المناخ تهديدات كبيرة لدول الخليج، بما في ذلك تزايد موجات الحرارة، وفقدان التنوع البيولوجي، وخطر الإجهاد المائي، وهي مشكلة ستزداد عمقًا مع استمرار أزمة المناخ.
لذلك، فإن معالجة قضية تغير المناخ إجراء ضروري للأنظمة الخليجية، لكن في نفس الوقت يهدد ذلك المحرك الرئيسي لنموها الاقتصادي.
وبينما ستستضيف الإمارات “كوب28” في عام 2023، مما يضع البلاد في دائرة الضوء، لم تتأخر السعودية كثيرًا في عرض مبادراتها المتعلقة بتغير المناخ حيث تعهدت المملكة بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060، وأن تكون “أرامكو” السعودية محايدة كربونيا بحلول عام 2050.
وخلال مؤتمر “كوب27″، وعد القادة السعوديون بتخصيص 2.5 مليار دولار لدعم مبادرة الشرق الأوسط الخضراء وقدموا ما مجموعه 66 مبادرة لمعالجة تغير المناخ.
وهدف السعودية في أن تصبح أكثر صداقة للبيئة لا يتجاهل العامل الأساسي لثروة البلاد. وتخطط الرياض لتوسيع طاقتها الإنتاجية الحالية من النفط بأكثر من مليون برميل يوميًا بحلول عام 2027.
وفي الوقت نفسه، تضغط الرياض بشدة لعرقلة الاتفاقات الدولية لخفض استهلاك النفط. وبدلاً من ذلك، ركزت على تطوير ونشر تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.
وتهدف كل من السعودية والإمارات إلى توسيع مبادراتهما المتعلقة بتغير المناخ مع زيادة إنتاج الوقود الأحفوري بشكل كبير على المدى القريب، حتى مع مطالبة علماء تغير المناخ والمؤسسات الرائدة بخفض الانبعاثات بشكل كبير.
ويولد هذا الواقع البسيط شكوكًا حول التزام الدول بعالم ما بعد النفط حقًا. وتدعي كل من الإمارات والسعودية أنهما تتخذان نهجًا عمليًا تجاه تغير المناخ دون تعريض اقتصاداتهما للخطر قدر الإمكان.
ومع ذلك، يجري اتهام البلدين بـ”الغسيل الأخضر” أو ما يعني الالتفاف التسويقي الذي يهدف للتضليل بشأن الاهتمام بالمناخ.