الشهادة العظيمة.. السيد هاشم صفي الدين

كان الشهيد السيد هاشم مع سماحة سيد شهداء الأمة السيد حسن يشرف على إعداد المجاهدين، وكان معه وهو يغرس في بيئة المقاومين معاني الصبر والثبات والإيمان والعزة والشموخ والتوكل والرضا والبذل والتضحية

2024-10-30

 

 

لا يمكن الحديث عن سماحة الشهيد السيد هاشم صفي الدين دون ذكر علاقته بابن خالته الأمين العام لحزب الله سماحة سيد  الشهداء الشهيد حسن نصر الله منذ درسا معاً في مدينة قم المقدسة إلى قيادتهما لحزب الله وللمقاومة الإسلامية ليختم لهما بالشهادة معاً في سبيل الله، وعلى طريق القدس.

 

استشهاد القادة لنا عادة

 

لم يتعلم العدو الصهيوني بعد أن قتل القادة لا يضعف المقاومة، بل إن دماء قادتها وسائر شهدائها سرعان ما تستحيل طاقة دافعة تزيدها عزماً وثباتاً وإيماناً وثقة بنصر الله..

 

لطالما تحدث السيد الشهيد هاشم صفي الدين عن الشهادة، وأن أداء الواجب الجهادي لا يتحقق إلّا بها، وهو العارف بقدر الشهادة عند الله وفي الدنيا..

 

نال السيد صفي الدين أمنيته، والله سبحانه وتعالى يقول: “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يرزقون* فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون”..

 

مضى السيد هاشم وقبله السيد حسن إلى مقعد صدق عند مليك مقتدر، عاشا كمال الفرح “بما آتاهما الله من فضله”؛ لكنهما ما زالا يتابعان إنجازات المقاومة وبيئة المقاومة وأنصار المقاومة وداعمي المقاومة.. “ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم” يتابعونهم مستبشرين بألّا خوف عليهم من الانكسار، ولا خوف عليهم من التعب، ولا خوف عليهم من التراجع أو الفتور “ولا هم يحزنون”.. لا يحزنون ولا يحبطون..

 

كان السيد هاشم مع السيد حسن وهو يشرف على إعداد المجاهدين، وكان معه وهو يغرس في بيئة المقاومين معاني الصبر والثبات والإيمان والعزة والشموخ والتوكل والرضا والبذل والتضحية.. إنه جيل لا تكسره النكبات ولو كانت عظيمة جداً “فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ* وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”.. هذا الجيل العصي على الوهن وعلى الضعف وعلى الاستكانة لابد أن يتحقق فيه وعد الله عزوجل بحسن ثواب الدنيا عزاً وانتصاراً، وبحسن ثواب الآخرة فوزاً ورضواناً..

 

لا شك في أن العدو الصهيوني انتبه إلى أهمية الحرب النفسية، إذ التاريخ يشهد أنه لا يمكن أن تكون هزيمة إلا إذا سبقها انهيار نفسي، على سبيل المثال نذكر هيروشيما وناكازاكي المدينتان اليابانيتان اللتان ضربتهما الولايات المتحدة الأمريكية بالقنابل النووية، فإن اليابان أعلنت بعد الضربة استسلامها مع أن بنية الجيش الياباني لم تضرب؛ ولكن ضرب المدنيين بهذه الفظاعة أدى إلى انهيار معنويات الجيش الياباني وإعلان استسلامه.

 

سلوك العدو في هذه الحرب (تفجيرات الأجهزة، اغتيال القادة، ارتكاب المجازر، تدمير القرى والمدن…) يدل أنه يدرك أن أية هزيمة عسكرية لابد من أن تبدأ بالهزيمة النفسية من خلال الخوف والشك وانهيار المعنويات. هذا يعرفه العدو جيداً.. ولكن ما لا يعرفه هذا العدو، الذي يتفاجأ بغباء دائماً، أن الحصون النفسية للمقاومة وبيئتها منيعة وعصية على الاختراق فضلاً عن الانهيار.

 

ولذلك يستحيل أن ينتصر العدو مهما ارتكب من جرائم، لأنه يستحيل أن ينال من معنويات المقاومة وبيئتها، أو من إرادتها. عدا عن أن الواقع الميداني أثبت عجز العدو عن الاجتياح البري وعجزه عن وقف صواريخ المقاومة، وبالتالي عجزه عن إعادة مغتصبي شمال الكيان من السكان إلى بيوتهم، بل إن رئيس الكيان الصهيوني نفسه قد هُجِّر من بيته (أو بالأحرى من البيت الذي سرقه أبوه سنة 1948 من الطبيب المقدسي المسيحي توفيق كنعان).

 

ولذلك فإن السيدَيْن الشهيدَيْن مستبشران بالذين لم يلحقوا بهما أن المقاومة قطعاً ستنتصر، لأن كل عناصر النصر قد تحققت فيها: الإيمان والصبر والتضحية والثبات والإعداد والتخطيط والمراجعة والتطوير والرؤية الاستراتيجية.

 

استشهد السيد صفي الدين بعد أن أنجز كل ما سعى لإنجازه على مستوى المقاومة، بل حتى شرحه لكتاب نهج البلاغة أنجزه، فمضى إلى ربه فرحاً بمنجزاته، وفرحاً بشهادته وفرحاً فوق هذا بلقاء ربه..

 

“الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ”

 

الشيخ محمد الزعبي

 

عضو المجلس المركزي في تجمع العلماء المسلمين في لبنان

 

المصدر: الوفاق/ خاص