بعد توقيع معاهدة التحالف مؤخراً

باكو وطشقند تعززان شراكتهما الإستراتيجية

تعكس الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين جمهورية أذربيجان وأوزبكستان، والتي أصبحت الآن مؤسسة كمعاهدة علاقات تحالفية، تقارباً متعمداً في مصالحهما الاقتصادية والجيوسياسية

2024-11-03

تُضفي معاهدة التحالف التي وُقِّعَت الشهر الماضي بين جمهورية أذربيجان وأوزبكستان الطابع الرسمي على شراكتهما الاستراتيجية المتنامية، وتمثل مرحلة جديدة في تعميق علاقاتهما. وقد تسارعت وتيرة هذه العلاقات خاصة منذ عام 2020 عندما جعلت جمهورية أذربيجان توسيع شبكاتها في المنطقة أولوية. وتلعب أوزبكستان الآن دوراً مهماً في جهود باكو لتعزيز طريق التجارة الدولي العابر للبحر القزوين (TITR)، المعروف أيضاً باسم الممر الأوسط، وهو رابط تجاري وبنية تحتية رئيسي يربط بين آسيا الوسطى وجنوب القوقاز وتركيا.

 

أوزبكستان والممر الأوسط

 

خلال العام والنصف الماضيين، نشر العديد من المؤسسات المالية الدولية دراسات شاملة حول تنفيذ مشروع TITR. ومن أكثرها تأثيراً الدراسة التي نظمها البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) في يونيو 2023 بالتعاون مع المفوضية الأوروبية. كانت دراسة معمقة للبنية التحتية القائمة والمحتملة والشبكات اللوجستية في جميع أنحاء المنطقة.

 

كان الهدف من هذا التقرير تحديد “الخيار الأكثر استدامة” للروابط النقل الفعالة بين آسيا الوسطى وأوروبا. وحدد التقرير مساراً أطلق عليه اسم شبكة النقل المركزية عبر بحر قزوين (CTCN)، والذي يمر في الغالب عبر جنوب كازاخستان. يستخدم هذا المسار البنية التحتية والأنظمة اللوجستية الراسخة، مما يجعله الخيار الأنسب للتجارة والنقل في المنطقة.

 

وفي تقرير منفصل وتكميلي نشره البنك الدولي في نوفمبر 2023، أشار إلى إمكانية تحسين الروابط السككية بين أوزبكستان وكازاخستان، لكنه لم يحدد أي مشاريع محتملة. ومع ذلك، فإن مشروع دربازا-مكتارال في كازاخستان، المتوقع اكتماله في عام 2025، يمكن أن يمتد أولاً إلى محطة سيرداريا في كازاخستان، ومن هناك يمكن أن يمتد خط فرعي آخر إلى جيتيساي على الحدود مع أوزبكستان.

 

سيؤدي هذا المشروع إلى تخفيف الازدحام في المعبر الحدودي الحالي سارياغاش الذي يتصل بأوزبكستان شمال مدينة طشقند، ويمكن أن يزيد طاقة النقل إلى 10 ملايين طن سنوياً. ومع ذلك، يركز هذا المشروع فقط على زيادة مستوى التجارة الثنائية، خاصة في مجال المواد الغذائية والسلع الزراعية، ولا يستهدف دمج أوزبكستان في الممر الأوسط.

 

من ناحية أخرى، عملت جمهورية أذربيجان بنشاط مع أوزبكستان لدمجها في الممر الأوسط، دون الاعتماد على طرق جنوب كازاخستان. يشمل تعاونهما جهوداً كبيرة لتحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية. على سبيل المثال، الاستثمارات المشتركة في المراكز اللوجستية وخاصة خطوط النقل متعدد الوسائط بين سمرقند وباكو. صُممت هذه الجهود لتوفير وصول مباشر لأوزبكستان إلى بحر قزوين والأسواق الأوروبية عبر جمهورية أذربيجان، متجاوزة كازاخستان إلى حد كبير وإنشاء شراكة تجارية أقوى في إطار عبر بحر قزوين.

 

تسارع التعاون بين أوزبكستان و جمهورية أذربيجان

 

خلال العامين الماضيين، تسارع التعاون الثنائي بين جمهورية أذربيجان وأوزبكستان، خاصة في قطاع الطاقة. نظراً لانخفاض إنتاج الغاز في أوزبكستان بنسبة 10٪ بين عامي 2022 و2023 بسبب نضوب الحقول والخسائر التكنولوجية، تم توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين في يونيو 2023 لتبادل الخبرات في مجال النفط والغاز. كما أعلن وزير الطاقة الأوزبكي لازيز قدرتوف أن “أوزبك نفط غاز” تقترب من اتفاق للانضمام إلى كونسورتيوم شاه دنيز الأذربيجاني لاستخراج الغاز الطبيعي وتصديره مشتركاً. كما تستمر المفاوضات لمشاركة شركة سوكار الأذربيجانية في مشاريع النفط والغاز في أوزبكستان.

 

في أغسطس 2023، قام ميرضيائيف بزيارة رسمية إلى جمهورية أذربيجان ووقع المزيد من الاتفاقيات. تم تشكيل مجلس اقتصادي أعلى برئاسة مشتركة بين رئيسي وزراء البلدين. تم تحديد مهمته، التي تضم وزراء رئيسيين ومسؤولين اقتصاديين آخرين، لتغطية التجارة والاستثمار والتعاون الصناعي واستكشاف اتفاقيات التجارة التفضيلية والتنسيق العام للسياسات الاقتصادية من خلال مشاورات وزارية منتظمة. وضع البلد خارطة طريق لزيادة حجم التجارة الثنائية وكذلك خططاً لمشاريع استثمارية مشتركة في كلا البلدين لدعم المشاريع التي تركز على التكنولوجيا والابتكار.

 

حتى نوفمبر ٢٠٢٣، تم تعزيز العلاقات الثقافية رسمياً. وفي يناير ٢٠٢٤، تم افتتاح رحلات مباشرة بين باكو وطشقند لتشجيع السفر التجاري والسياحي. وتم إضفاء الطابع الرسمي على الشراكة الاستراتيجية الثنائية في أغسطس ٢٠٢٤ من خلال معاهدة العلاقات التحالفية، وتوسيع المجلس الاقتصادي الأعلى ليشمل الوزارات غير الاقتصادية، ومأسسة الشراكة الاستراتيجية.

 

أدى الاجتماع الأول للمجلس الحكومي المشترك الموسع، الذي عُقد خلال الزيارة الرسمية للرئيس علييف إلى أوزبكستان (رداً على زيارة ميرضيائيف السابقة إلى باكو)، إلى إنشاء مجلس استثمار ثنائي برأس مال قدره ٥٠٠ مليون دولار لتسهيل استراتيجية التطوير التجاري المتفق عليها مسبقاً، مع التركيز على الإنتاج عالي التقنية.

 

مصالح مشتركة

 

تعكس الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين جمهورية أذربيجان وأوزبكستان، والتي أصبحت الآن مؤسسة كمعاهدة علاقات تحالفية، تقارباً متعمداً في مصالحهما الاقتصادية والجيوسياسية، مع تركيز خاص على الممر الأوسط والتعاون في مجال الطاقة. ويؤكد التعاون في مشاريع النفط والغاز في كلا البلدين على تعميق العلاقات بينهما.

 

كما أن شراكتهما الاستراتيجية لها تداعيات أوسع على آسيا الوسطى وجنوب القوقاز. وتعزز هذه الميزة مكانة كلا البلدين كلاعبين رئيسيين في المشهد الجيواقتصادي المتغير، والذي يتميز بتحول الطرق التجارية والتكامل الاقتصادي للممر الأوسط.

 

سيصبح هذا أكثر وضوحاً بحلول عام ٢٠٣٠ وما بعده. إذ يؤدي تعزيز البنية التحتية والربط اللوجستي بين البلدين إلى إنشاء سلسلة توريد أكثر مرونة وتنوعاً تربط آسيا الوسطى بأوروبا. وبدوره، فإن إكمال مسارات العبور عبر روسيا وكازاخستان يعزز المرونة الاقتصادية للشريكين مع زيادة استقلالهما عن القوى الكبرى.

 

تدمج شراكة جمهورية أذربيجان وأوزبكستان مجموعة من المنصات للتفاعل متعدد الأطراف وتساعد في دمج المنطقة في سلاسل التوريد العالمية. وتسرع هذه المنصات التعاون الإضافي عبر جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. وحالياً، توجد مجالس ثلاثية بين تركيا- وجمهورية أذربيجان-أوزبكستان، وتركيا-أذربيجان-كازاخستان، وكازاخستان-أذربيجان-أوزبكستان، والتي تدمج مختلف المنتديات الثنائية.

المصدر: الوفاق