كبرى أميري
تمّ صباح الثلاثاء (5 نوفمبر 2024) إطلاق القمرين الصناعيين الإيرانيين “كوثر” و”هدهد” بنجاح إلى الفضاء بواسطة صاروخ “سويوز” الروسي من قاعدة “وستونجي” في أول محاولة من القطاع الخاص في إيران لإنتاج وإطلاق قمر صناعي إلى الفضاء. ويعتبر هذا الإطلاق خطوة جدية في صناعة الفضاء الإيرانية، حيث يمثل أول حركة جادة من القطاع الخاص في هذا المجال. وتم إرسال القمرين الصناعيين الإيرانيين “كوثر” و”هدهد” إلى روسيا يوم الجمعة 11 أكتوبر للإطلاق إلى مدار الأرض. وفي هذا الصدد، أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع المدير التنفيذي لشركة “أميد فضا” الدكتور حسين شهرابي فراهاني، حيث قال: إن هذه هي المحاولة الأولى للقطاعات المعرفية في البلاد التي قامت بخطوات تصميم وبناء الأقمار الصناعية. وأضاف: مهمة قمر “كوثر” هي الإستشعار عن بُعد بدقة تصوير عالية لإستخدامات متنوعة تشمل الزراعة والموارد الطبيعية والبيئة وإدارة الأزمات. وتابع: تهدف إيران في وثيقة تطوير الفضاء إلى تصنيع كاميرا بدقة 10 أمتار حتى نهاية عام 2025، وقد حققت هذه الشركة المعرفية دقة 45/3 متر.
وأعلن الدكتور شهرابي فراهاني أنه تم تصميم قمر “كوثر” بوزن 30 كيلوغراماً، ومهمته الرئيسية تتعلق بالزراعة ورسم الخرائط، وقال: يمتلك هذا القمر عمر مداري يبلغ 5/3 سنة ويقع على ارتفاع 500 كيلومتر عن سطح الأرض، ومن ميزاته إمكانية التصوير بمعدل 6 إطارات في الثانية ونطاق تصوير يبلغ 15 كيلومتراً، وذلك من خلال كاميرا ملونة RGB بدقة 45/3 متر وكاميرا NIR بدقة 5/5 متر.
وقال المدير التنفيذي لشركة “أميد فضا”: مدة المدار لقمر “كوثر” هي 5677 ثانية، ووزن منصته يصل إلى 35 كيلوغراماً كحد أقصى، ودقة توجيه هذا القمر تبلغ 1 درجة ودقة استقراره 05/0 درجة في الثانية، ويمتلك قدرة إنتاجية تبلغ 44 واطاً في الساعة واستهلاكاً قدره 29 واطاً في الساعة، يستخدم لتوفير الطاقة للحمولات.
وأوضح الدكتور شهرابي فراهاني مهمة القمر “هدهد” الصناعي، وقال: هو قمر صناعي صغير لديه تطبيقات اتصالات مصممة لإنشاء شبكات الاتصالات الفضائية وإنترنت الأشياء. وأضاف: يمكن لهذا القمر الصناعي تقديم خدمات الاتصالات في المناطق النائية والتي يتعذر الوصول إليها حيث يكون الوصول إلى الشبكات الأرضية محدوداً. وتابع: تم تصنيع قمر “هدهد” وفقاً لمعايير “كيبوس”، ويقع في مدار 500 كيلومتر، ويستخدم في الزراعة الدقيقة والنقل واللوجستيات والبيئة وغيرها، والمهمة الرئيسية لقمر “هدهد” هي إنترنت الأشياء.
وبخصوص مدة بناء الأقمار الصناعية، قال الدكتور شهرابي فراهاني: بدأ تصنيع قمر “كوثر” منذ عام 2019، واستغرق بناؤه 4 سنوات، وتصنيع قمر “هدهد” استغرق سنتين. وأضاف: هذه محاولتنا الأولى للخطوة الأولية لمجموعة كبيرة من الأقمار الصناعية التي قمنا بتصنيعها، وعلى الرغم من كونها محفوفة بالمخاطر إلا أنها قابلة للإدارة وتبعث على الأمل.
وبخصوص قاعدة الإطلاق، قال المدير التنفيذي لـشركة “أمید فضا”: تم تأسيس هذه القاعدة في السنوات الأخيرة، والتي أساسها الإطلاقات الدولية والمدنية، حيث تم إطلاق قمرين صناعيين للأرصاد الجوية كحمولة رئيسية وعشرات الأقمار الصناعية المكعبة بجانب القمرين الصناعيين “هدهد” و”كوثر”.
* تحقيق حلم الإكتفاء الذاتي في مجال الفضاء
بعد مرور 19 عاماً على إطلاق قمر “سينا” الصناعي (أول قمر صناعي إيراني)، نشهد تحقق حلم الاكتفاء الذاتي في مجال الفضاء. وكان يوم الجمعة 28 أكتوبر 2005 يوماً تاريخياً في صناعة الفضاء في البلاد، حيث تم إطلاق قمر “سينا” إلى الفضاء. كانت هذه المهمة أول تعاون فضائي بين القطاع الحكومي الإيراني وروسيا في إطار نقل التكنولوجيا. ويعتبر قمر “سينا” الصناعي خطوة مهمة لإيران في الوصول إلى معرفة تصميم وبناء الأقمار الصناعية ودخول منظمة الفضاء العالمية.
قبل 19 عاماً من هذا اليوم، تم إرسال أول قمر صناعي إيراني إلى مدار الأرض، وفي تاريخ 5 نوفمبر نشهد إطلاق أقمار صناعية ليست من صنع إيران فحسب؛ وإنما تم إنتاجها أيضاً بواسطة إحدى الشركات الخاصة.
تم إطلاق القمر الصناعي إيراني الصنع بالكامل “أميد” بواسطة الحامل الإيراني الصنع “سفير”، وأثبت فريق “أميد فضا” أنه يمكن تحقيق مثل هذا النجاح الكبير بفارق ثلاث سنوات فقط بين هذين الحدثين المهمين.
* إطلاق 5 إلى 7 أقمار صناعية
وفي هذا السياق، أكد رئيس منظمة الفضاء الايرانية على النظرة الاقتصادية في صناعة الفضاء، قائلاً: إن المنظمة قد وضعت هذا العام على جدول أعمالها خطة لإطلاق 5 إلى 7 أقمار صناعية، وتم إطلاق إثنين منها حتى الآن.
وقال حسن سالاريه، بعد الإطلاق الناجح للقمرين الصناعيين “هدهد” و”كوثر”، إن “منظمة الفضاء لديها خطة لتسليم دفة الفضاء للقطاع الخاص لفترة طويلة، لكي يدخل هذا القطاع في بيئة تنافسية مع مراعاة معايير السوق وفقاً للمنظور التجاري”.
وأكد نائب وزير الاتصالات إن “الكثير ممن يعملون في الشركات الخاصة خرجوا من القطاع العام لأن القطاع العام لا يمكنه تحمل المخاطر، بينما القطاع الخاص منفتح على المخاطر التي تؤدي إلى النجاح الكبير، لذلك تواجه كل شركة خاصة طريقاً صعباً للوصول إلى نقطة الانطلاق في الأنشطة الاقتصادية، وهو الطريق الذي يجب اتباعه بصبر”. وأضاف: إذا لم تكن هناك رؤية اقتصادية في صناعة الفضاء واضطرت المنظمة إلى العمل فقط بتمويل حكومي، فلن تتمكن من النجاح مثل العديد من الصناعات الأخرى؛ عليه ينبغي أن تكون وجهة نظر الحكومة داعمة.
وقال: من خلال دخول صناعة الفضاء، يستطيع القطاع الخاص الوصول إلى الأسواق العالمية. كما أن إحدى الخطوات المهمة في هذا الاتجاه قد تم اتخاذها مع إطلاق القمرين الصناعيين “هدهد وكوثر”. كما يجب أن نصل إلى نقطة نصبح فيها المشترين والمستقبلين للخدمات من القطاع الخاص.
وأشار سالاريه إلى أن مسار دعم القطاع الخاص وتسليم المشاريع الفضائية لهذا القطاع سيتم اتباعه سريعاً. كما أشار إلى برنامج إطلاق القمر الصناعي بأنه سيكون لدينا إطلاق دولي بنهاية العام، بالإضافة إلى الإطلاق المحلي الذي ستنفذه منصات الإطلاق “سيمرغ” و”قائم”.
وعن أسباب استخدام منصات إطلاق أجنبية، قال رئيس منظمة الفضاء: المدار الذي توضع فيه الأقمار الصناعية الاستشعارية هو مدار الشمس، ولا يمكن الإطلاق والوصول إلى هذا المدار من المراكز الداخلية للبلاد. لهذا السبب تم إطلاق القمر الصناعي “كوثر” مع “سويوز”. وفي العام الماضي، أطلقنا القمر الصناعي “بارس1” بنفس جهاز الإطلاق. وبعد افتتاح قاعدة تشابهار الوطنية للإطلاق والتي تم الانتهاء من المرحلة الأولى منها، سيكون الوصول إلى هذه المدارات ممكنا داخل البلاد.
وأكد نائب وزير الاتصالات أن السبب التالي هو أنه في صناعة الفضاء، يجب أن يتم تطوير الأقمار الصناعية وأجهزة الإطلاق بالتوازي، وقال: إذا ربطنا القمر الصناعي بالقاذف الداخلي، فقد يزداد احتمال المخاطرة لتقليل المخاطر، كما نقوم أيضاً في بعض الحالات بإضافة عمليات إطلاق أجنبية. السبب الثالث هو أن العديد من الأقمار الصناعية كانت في قائمة انتظار الإطلاق منذ السنوات الماضية ونحن نستخدم هذه الإمكانية لتقليل هذه القائمة.
* نقطة تحول..
في الختام، يجب القول بأن إطلاق القمرين الصناعيين “كوثر” و”هدهد” يعد نقطة تحول في تاريخ صناعة الفضاء الإيرانية لأنه يعتبر أول خطوة جدية للقطاع الخاص الإيراني في مجال الفضاء.
النقطة المهمة التي تجدر الإشارة إليها هي أن جميع مراحل تصميم هذين الإنجازين العظيمين قد تم إنجازها من قبل مجموعة من الشباب الإيرانيين الذين يبلغ متوسط أعمارهم 25 عاماً في شركة “أميد فضا” الإيرانية التابعة للقطاع الخاص.