يونيسف: أطفال لبنان في خطر متزايد وسط القصف الإسرائيلي

أكدت المتحدثة الرسمية باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، بلانش باز، أنّ "أطفال لبنان يحتاجون إلى وقف إطلاق نار دائمٍ وفوريٍّ حتى يتمكّنوا من الوصول بأمانٍ إلى الخدمات الأساسية.

2024-11-09

ويشرعوا بالتعافي من صدمة الحرب”. ودعت باز، إلى “ضرورة التحرّك الآن لمنع المزيد من الإصابات والضحايا بين الأطفال وحماية مستقبل كل طفل في لبنان”.

ووفق آخر تقرير صادر عن وزارة الصحة اللبنانية أمس الجمعة، فقد بلغ عدد الشهداء من الأطفال 192 والجرحى 1260، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وذلك من أصل 3117 شهيداً و13888 جريحاً.

 

وعبّرت يونيسف باستمرار عن قلقها من أنّ هذه الأعداد المأساوية تتزايد يوماً بعد آخر، منبّهةً إلى أنّ “الحرب المستمرة في لبنان تؤدي إلى قلب حياة الأطفال رأساً على عقب، وفي كثير من الأحيان تتسبّب في إصابات جسدية خطيرة وندوب نفسية عميقة”، مشيرة إلى أنه “منذ 4 أكتوبر من هذا العام، يُقتل طفل واحد على الأقل كلّ يوم ويُصاب 10 آخرون”. ودعت في تقرير سابق “بشكل عاجل جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لضمان حماية المنشآت المدنية والمدنيين، بمن فيهم الأطفال والعاملون في المجال الإنساني والطبّي. ويشمل ذلك تسهيل التنقل الآمن للمدنيين الباحثين عن الأمان”، مشددة على أنّ “ما يحتاجه أطفال لبنان الآن وقفاً فورياً لإطلاق النار”.

 

وقالت باز، إنه “بحسب البيانات الرسمية، نزح حوالي 1.3 مليون شخص منذ أكتوبر 2023، سواء داخل لبنان أو إلى البلدان المجاورة، وتقّدر يونيسف أن يكون عدد الأطفال بينهم أكثر من 400 ألف”. وأضافت: “هذا النزاع الكارثي يفرض ضريبة هائلة على الأطفال، إذ يخبرنا الأطباء عن علاجهم لأطفالٍ يعانون نفسياً وجسدياً من النزيف والكدمات والكسور”، لافتة إلى أنّ “الإصابات الأكثر شيوعاً المسجلة بين الأطفال تشمل الارتجاج الدماغي وإصابات ناجمة عن تأثير الانفجارات وجروح الشظايا وإصابات الأطراف، كما يعد فقدان السمع الناجم عن الانفجارات أمراً شائعاً”.

 

وحول عدد الأطفال الذين تأثر تعليمهم قبل تصاعد العدوان (أي بين 8 أكتوبر 2023 و23 سبتمبر 2024)، تقول باز: “كان يقدّر العدد بـ20 ألفاً، وذلك بعدما أقفلت المدارس الواقعة على الحدود الجنوبية، ومنذ 23 سبتمبر ومع نزوح عدد كبير من العائلات، تأثّر حوالي 387 ألف طفل نتيجة تأخر المدارس الرسمية في فتح أبوابها”.

 

وتعمل يونيسف مع وزارة التربية والتعليم العالي لإعادة جميع الأطفال في لبنان تدريجياً إلى المدارس، بمن فيهم الذين يعيشون في مراكز الإيواء والمجتمعات المضيفة. وقد فتح عددٌ من المدارس أبوابه يوم 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، مستقبلةً في يومها الأول أكثر من 200 ألف تلميذ، ويبقى التسجيل مستمراً حتى 21 نوفمبر/ تشرين الثاني.

 

وتشدد باز على أنّ “هذه المبادرة هي جزء من خطة الاستجابة للطوارئ التي تتضمّن فتح وتشغيل 350 مدرسة رسمية، لم يتم استخدامها لإيواء النازحين، من أجل ضمان حصول جميع الأطفال، في عمر الدراسة في لبنان، على التعليم”.

 

ويُظهر الأطفال في جميع أنحاء لبنان علامات مقلقة على الضيق النفسي والسلوكي والجسدي، بحيث تحدّثت فرق يونيسف إلى أطفال عبرّوا عن خوف عميق وقلق متزايد، بما في ذلك قلق الانفصال، والخوف من فقدان الأحبّاء، وأظهروا علامات الانطواء، والعدوانية، وصعوبة التركيز. في الإطار، تقول المتحدثة الرسمية باسم يونيسف: “كثيرون يعانون من اضطرابات في النوم، وكوابيس، وصداع، وفقدان الشهية، وهم أيضاً محرومون من الأمان والاستقرار والدعم الذي توفره المدرسة، ويفتقد العديد من هؤلاء الأطفال إلى الأماكن التي يحتاجونها للعب والتعلم والتعافي”. وتضيف “في هذه المرحلة، غالباً ما نلاحظ ردود أفعال طبيعية للمواقف غير الطبيعية، إذ تشير الأبحاث إلى أنّ حوالي 70 إلى 80 في المائة من الأطفال يتعافون بشكل طبيعي بمرور الوقت، وخاصة مع الدعم والبيئة المناسبة. ومع ذلك، قد يُظهِر حوالي 20 إلى 30 في المائة أعراضاً أكثر استمراراً قد تحتاج إلى دعم أكثر تخصصاً، أحياناً طويل الأمد”.

 

ووفقاً لباز: “يكافح الأطفال الذين عانوا من ضائقة شديدة لإعادة الاندماج في المجتمع، وإعادة بناء الثقة، ومعالجة تجاربهم. وقد يواجه بعضهم صعوبات في العودة إلى المدرسة. وقد تتطلب هذه التحديات تقديم دعم نفسي واجتماعي موسع للصحة العقلية، والذي يمكن أن يستمر إلى ما بعد نهاية النزاع، لمساعدة الأطفال والأسر على التعافي. ولا ينبغي الاستهانة بالتأثير النفسي الطويل الأمد للحرب على الأطفال، ويجب إعطاء الأولوية لاستمرار رعايتهم حتى بعد انتهائها، بحيث قد تستغرق عملية التعافي سنوات”.

 

وتلفت المتحدثة الرسمية باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة إلى أنه “بالنسبة للحالات التي تتطلب متابعة طويلة الأمد بعد الحرب، نقوم أولاً بتقديم الدعم النفسي الاجتماعي غير المتخصّص لمعالجة الاحتياجات العاطفية والنفسية المستمرة في إطار جماعي، حيث يعمل شركاؤنا المدربون على إدارة الأنشطة والجلسات لمساعدة الأطفال على التعامل مع الضيق وبناء المرونة واستعادة الشعور بالحياة الطبيعية مع استمرارهم في التعافي مما مروا به أثناء الصراع”.

 

كذلك يتم تقديم الدعم النفسي الاجتماعي غير المتخصّص بشكل خاص للأطفال الذين قد لا يحتاجون إلى تدخلات سريرية مكثفة، ولكنهم ما زالوا بحاجة إلى دعم مستمر ومنظم. وكجزء من هذه العملية، يتم تحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية أو دعم أكثر تخصصاً، مثل العلاج أو الخدمات النفسية، ويتمّ ربطهم بمتخصصين في الصحّة العقلية لتقديم المستوى المناسب من الدعم. وتقول باز “يساعد هذا النظام من الدعم النفسي الاجتماعي غير المتخصص جنباً إلى جنب مع الإحالات إلى الخدمات المتخصصة في ضمان معالجة الاحتياجات النفسية طويلة الأجل بطريقة شاملة ومتكاملة”.

 

وتقدّم يونيسف، بالتعاون مع شركائها وأعضاء المجتمع المدربين، الدعم النفسي والاجتماعي المجتمعي للأطفال في 203 مراكز إيواء وفي المجتمعات المضيفة على كافة الأراضي اللبنانية، بما في ذلك من خلال الترفيه والفن والرياضة واللعب، والتي تعدّ ضرورية لمساعدة الأطفال على استعادة الشعور بالحياة الطبيعية وإعادة الانخراط في المجتمع.

 

وتلفت باز إلى أنّ “المشاركة في اللعب والأنشطة الإبداعية تسمح للأطفال بالتعبير عن مشاعرهم وبناء الروابط الاجتماعية والحد من التوتر. بالإضافة إلى ذلك، ستدعم يونيسف أيضاً مقدّمي الرعاية في تنظيم مشاعرهم وتحديد الاحتياجات العاطفية لأطفالهم. كما تساعد مقدمي الرعاية في تطوير آليات مواجهة صحية لمساعدتهم على التحكّم بالضغط النفسي الذي يعيشونه، ليتمكّنوا من مساندة أطفالهم بشكل فعال خلال هذه الفترة الصعبة”.

 

في المقابل، تتوقف باز عند أنّ “مراكز الإيواء قد توفّر شعوراً مؤقتاً بالأمان للأطفال والأسر النازحة بسبب الصراع أو الأزمات الأخرى، ولكنها قد تشكل أيضاً مخاطر كبيرة، وخاصة في ظلّ الاكتظاظ، وشحّ الموارد، مما قد يزيد من مخاطر العنف والاستغلال والإساءة للأطفال”.

 

تركّز يونيسف في عملها على توفير الأمان والاستقرار للأطفال، بالإضافة إلى ضمان مساحة آمنة لهم للتعبير عن مشاعرهم ومخاوفهم، وعلى بناء قدرات العاملين في الخطوط الأمامية استجابة تحفظ كرامة وأمان جميع المتواجدين في مراكز الإيواء. وتعمل المنظمة مع شبكة الحماية من الاستغلال والإساءة الجنسية ووزارة الشؤون الاجتماعية وإدارة مخاطر الكوارث على عرض الملصقات التي تحدّد السلوكيات المقبولة للعاملين في مجال الإغاثة في الملاجئ في جميع أنحاء لبنان. كما تعمل مع نقابة العاملين الاجتماعيين ووزارة الشؤون الاجتماعية على تدريب الجهات الفاعلة، مثل الجمعيات الخيرية الدينية، ومنظمات المجتمع المدني، على أساسيات المساعدة الآمنة والكريمة، والحماية من الاستغلال والإساءة الجنسية، وحماية الأطفال، وأساسيات العنف القائم على النوع الاجتماعي والإحالات الآمنة، حتى يتمكنوا من توزيع هذه التدريبات على المتطوعين وغيرهم من العاملين في الخطوط الأمامية. وتقوم أيضاً بتدريب الأشخاص المحددين العاملين في مكاتب المساعدة والتعليمات في مراكز الإيواء، على تحديد الأطفال المعرضين لخطر العنف والاستغلال وإحالتهم إلى خدمات الحماية الضرورية.

 

وحول متابعة الأطفال الذين يعيشون في الشارع، تقول باز: “تواصل يونيسف، بالشراكة مع نقابة العاملين الاجتماعيين، مشاركة المعلومات الدقيقة مع الأسر النازحة التي تقيم في شوارع محافظتي بيروت والبقاع حول كيفية الحصول على المساعدات الإنسانية والتواصل مع قنوات المراجعات، بالإضافة إلى إحالات لقضايا الحماية لكل حالة على حدة”. وتلفت إلى أن “يونيسف تدعم الاستجابة التي تقودها الحكومة اللبنانية. نحن نعمل بالتنسيق الوثيق مع وحدات إدارة مخاطر الكوارث، والوزارات التي تقود مجالات الاستجابة المعنية، والسلطات المحلية والعسكرية ومنظمات الأمم المتحدة، والعديد من الشركاء في المجتمع المحلّي والمنظمات الحكومية للوصول إلى كلّ طفل بحاجة إلى الخدمات الضرورية في مراكز الإيواء، والمجتمعات المضيفة، والمناطق صعبة الوصول إليها. ومع ذلك، تواجه يونيسف وضعاً تمويلياً صعباً. حتى الآن، تم توفير القليل من نداء الاستجابة لاحتياجات الأطفال في لبنان”.

 

تتوقف باز من جهة أخرى عند وضعية النساء الحوامل النازحات “في ظلّ معاناتهنّ من انقطاع تواصلهنّ مع مقدمي الرعاية الصحية في مناطقهنّ اللواتي نزحن منها، وعدم معرفتهنّ بمقدمي الرعاية في بيئتهنّ الجديدة وإمكانية الوصول إلى الخدمات الصحّية بسبب عدم القدرة على تحمّل التكاليف، أو البعد الجغرافي أو غيرها من الأمور”.

المصدر: العالم