السيد حسين بدر الدين الحوثي نموذجاً

المنهجية القرآنية في الحوار مع الآخرين(16)

يؤكد الشهيد القائد على أن القرآن خطاب هداية، المهمة الأساسية له هي الهداية، والهداية هي خلق وعي منهجي، ورؤية للكون والحياة والإنسان تمثل أسساً للقراءة بمعناها الأوسع التي تشمل قراءة الأحداث،

2024-11-09

النظام المعرفي في المنهجية القرآنية

 

دعا الشهيد القائد/ حسين بدر الدين الحوثي –رضوان الله عليه “إلى ضرورة بناء نظام معرفي يعيد تصحيح علاقتنا بالقرآن ومكانته المعرفية كسلطة معيارية ومرجعية عليا، ولا يستمد أدواته من مصادر خارجية مؤكدا أن القرآن ينتج نظامه المعرفي الخاص، أو ما يسميه نواميس أو سنن الهداية في الخطاب القرآني، يقول: “نريد أن نتعلم من خلال القرآن الكريم: أساليب القرآن، ومنهجية القرآن الكريم؛ هذا ممَّا يحتاج إليه الإنسان بالنسبة لنفسه، ومما نحتاج إليه في تعليم الناس نفس أسلوب القرآن في الخطاب”.

 

يقول الشهيد القائد: “ميدان القرآن هو الإنسان، والحياة، فإذا كان هناك توجيه معين؛ فاعرف بأن القرآن نفسه له رؤية، هو يريد أن يبني الإنسان على نحو معين، له مقاصد”، وفي موضع آخر يقول: “المنهجية القرآنية، عندما تقدم الأحكام التشريعية التي هي محط اهتمام الناس يقدمها في ضمن المواضيع الكبرى، هدى الله – سبحانه وتعالى – الذي يأتي في نفس الوقت يهدي بتبيين ويهدي في إعطاء منهج لحركة الناس أن يكونوا مؤمنين بالقسط، أن يكونوا مصلحين في أرضه ..، كيف هو منطق القرآن الكريم ؟ كيف أسلوبه؟ أليس هو مَن يعطيك الرؤية الشاملة، ويقدم القضايا أمامك مترابطة؟!”، في إطار الرؤية الشاملة.

 

المنهج القرآني ليس قواعد مقننة: يقول الباحث عبد الملك العجري: المنهج عند الشهيد القائد ليس عبارة عن قواعد مقننة؛ إنما أفكار مبثوثة في معظم المحاضرات والدروس لا سيما (دروس رمضان) التي ركزت على موضوع المنهج، لذلك يجد الباحث صعوبة في تكثيفها، وعرضها في ترسيمات جامعة، أو قواعد مضبوطة، كما أن تفاصيلها، والأسئلة التي يمكن أن تثيرها أوسع من استيعابها في بحث كهذا، وعلى أساس القيمة المرجعية للقرآن وفقاً للشهيد القائد سنتناول أهم الأسس التي يرتكز عليها النظام المعرفي عنده وما ينبثق عنها أو يتأسس عليها من قواعد منهجية تضبط العلاقة بالنص القرآني من جهة وبينه وبين الواقع من جهة أخرى.

 

يؤكد الشهيد القائد على أن القرآن خطاب هداية، المهمة الأساسية له هي الهداية، والهداية هي خلق وعي منهجي، ورؤية للكون والحياة والإنسان تمثل أسساً للقراءة بمعناها الأوسع التي تشمل قراءة الأحداث، وقراءة نصوص القرآن، يقول: القرآن “هدي الله ليس مجرد نظريات، ولا حتى مجرد فتاوى، إنما هو ماذا؟ حركة حياة، هدى عملي، هدى حركة”، وعند الآية:{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}، يتساءل الشهيد القائد: “ما هو الاهتداء؟ أليس هو الوعي؟ أليس هو الفهم الذي يدفعك إلى الالتزام والعمل وفهم الأمور، وفهم القضايا، وفهم ما تستلزمه مسيرتك العملية على منهج القرآن؟”.

 

من السمات الأخرى للمعرفة (الهداية) في المنهجية القرآنية عند الشهيد القائد ارتباطها بحركة الواقع وتطور خبرات الإنسان، فالقرآن لا يفصح عن معناه دفعة واحدة حيث تتدخل السياقات التاريخية والاجتماعية والتراكم المعرفي في كشف المعاني المتجددة للخطاب القرآني، المنهجية رسمها القرآن، والأساس في الحوار النظر في الكليات وهي تتنزل على الجزئيات، [والقرآن الكريم] يرسم منهجية للحوار مع الآخر للدخول في حوار مع طرف آخر”، ويؤكد كثيراً على عدم التوغل في التفاصيل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}، هنا يبين كمنهجية للناس أي: أنت مرشد، أو معلم، أو حتى مناظر، أو في حوار مع الآخرين، لا يكن معناه أن موقفك أنه يسأل وأنت تجاوب على كل قضية بالتحديد، والمقارعة التي يسمونها: مقارعة الحجة بالحجة لا. هل كانت الإجابة من جانب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله: أن يأتي إلى الأهلة، كيف يصل الهلال إلى أن يصبح هلالاً، أو انصرف عن الموضوع إلى ما هو عملي، وإلى ما هم بحاجة إلى معرفته، مواقيت للناس والحج، وهم عارفون له من قبل {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}؛ أليست هذه معناها عملية صرف؟ انصراف عن أسئلة من هذا النوع”، القاعدة من أساسها لا تعني: بأن الله لا يريد للناس أن يعلموا، إنما أن يعرفوا أن للمعرفة منهجية، أن تكون مرتبطة بحركتهم العملية، تتوسع معارفهم، وتتوسع مهامهم، تستوعب ربما أكثر مما استوعبه الآخرون”، فالمعرفة مرتبطة بوظائف الحياة ضمن مسيرة، “هذا منهج علمي في المعرفة بالنسبة للقرآن الكريم إذا حاول الإنسان أن يستبق الأشياء، فستتحول الأشياء كلها عنده إلى مجرد جدل ونظريات وأبحاث جامدة فقط مثل مدارس العرب الآن يتحدثون عن القمر، وعن صعود القمر، وأشياء من هذه، فاعتبرها عندهم مجرد نظريات جامدة وبحث وجدل”.

 

المصدر: الوفاق/ خاص