وإذا نظرنا إلى الحالات المهمة في السياسة الخارجية الأمريكية، فسنجد أنه بالإضافة إلى منطقة غرب آسيا ومحور المقاومة، ستتأثر أوروبا وروسيا والصين أيضاً بانتخاب ترامب في الأمور المتعلقة بحلف الناتو، وحرب أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي.
على أي حال؛ وبما أن الموضوع حاليا يتعلق بمنطقة غرب آسيا، فلابد أن أشير إلى أنه في رأيي يجب النظر إلى ترامب الراهن بشكل مختلف عن ترامب السابق.
بتعبير أدقّ؛ إذا كان لترامب في الفترة السابقة نهج عدواني يعتمد على القوة الصلبة الأمريكية تجاه غرب آسيا والقضية الفلسطينية، وبناء على ذلك فقد انتهج “صفقة القرن”، أما اليوم وبسبب فضيحة بايدن وهاريس ونتنياهو المشتركة في مرحلة ما بعد طوفان الأقصى ليس أمام ترامب خيار سوى محاولة وضع حدّ لهذه الحرب.
فلا يوجد أمام ترامب خيار سوى أن ينهي هذه الحرب بأي طريقة ممكنة للحفاظ على سمعة أمريكا وضمان بقاء الكيان الصهيوني.
ولذلك، في رأيي، فإن جلوس ترامب في البيت الأبيض بالتأكيد لن يجعل الوضع أسوأ من الوضع الحالي. وعلى وجه الخصوص، فهو يدرك تماما قوة محور المقاومة، ويحاول تقديم نفسه على أنه من دعاة السلام.
وبطبيعة الحال، علينا أن ننتظر ونرى من سيدعوه إلى حكومته.
وإذا أردنا الحديث تحديداً عن استمرار الحرب في غزة ولبنان أو عن توسع الصراع مع أطراف المقاومة الأخرى، بما في ذلك سوريا والعراق واليمن وإيران، ففي رأيي أن ترامب، على عكس نتنياهو، يحاول منع توسع جبهة الحرب.
هناك عدّة أسباب وراء نهج ترامب المُستجد:
أولاً؛ سمعة أمريكا. لأن ترامب لا يريد أن تنعكس صورة أمريكا الفاشلة للعالم.
ثانيًا؛ يشعر ترامب بقلق عميق إزاء عدم قدرة تل أبيب على إعادة بناء نفسها، ويعلم أنه بالإضافة إلى عجز الجيش الصهيوني عن توفير الأمن لكيانه المصطنع وأيضاً عن التعامل مع فصائل المقاومة، فقد انهار أيضاً البناء الاجتماعي داخل الأراضي المحتلة بسبب سلوك نتنياهو العنصري.
ثالثا؛ إن ترامب بات يدرك تماماً أن اسرائيل تتجّه بوتيرة متسارعة نحو الدمار، وسيمنع نتنياهو بالتأكيد من مواصلة تصرفاته الإنفعالية.
رابعا؛ قضية الطاقة وارتفاع أسعارها بسبب استمرار حربين متزامنتين في أوكرانيا وغرب آسيا خلقت قلقا خاصا لدى ترامب.
خامسا؛ إدراك ترامب لمسألة تصويت المواطنين الأمريكيين سلبيا لكامالا هاريس بسبب عدم الرضا عن أداء الديمقراطيين بشأن القضية الفلسطينية.
ولا بد من الإشارة إلى عدة نقاط حول أسلوب ترامب في التعامل مع إيران:
أولاً؛ كما قال المسؤولون الإيرانيون في عدة مناسبات، لا يهم إيران من يتم انتخابه رئيساً في الولايات المتحدة، وطهران لا تربط سياستها الخارجية بالأشخاص.
ثانيًا؛ إذا أردنا الحديث تحديداً عن العقوبات المفروضة على إيران، فلا بد أن أشير إلى أنه من وجهة نظر طهران، لا يوجد مكان لزيادة العقوبات أو تشديدها، وبالتالي فإن جلوس ترامب في البيت الأبيض لا أهمية له بالنسبة للحكومة الإيرانية من هذه الزاوية.
ثالثا؛ لقد أجرت إيران تغييرات في سياستها الخارجية منذ حكومة شهيد رئيسي. مثل إلقاء نظرة خاصة على الجيران أو العضوية في اتفاقيات شنغهاي والبريكس، فضلاً عن توسيع العلاقات الاستراتيجية مع الشرق.
وإلى جانب محاولة رفع العقوبات، حاولت إيران اتخاذ إجراءات مهمة لتحييد العقوبات. وبناءً على ذلك، في رأيي، ليس لدى ترامب أي أوراق جديدة للضغط على إيران فيما يتعلق بالعقوبات.