وسم "الدولار إبتزاز أميركي" يتصدّر تويتر في العراق

الدولار.. ورقة ضغط على الدول المستقلة

العملة العراقية هبطت إلى ما يصل إلى 10% مقابل الدولار، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك السلع الأساسية، مثل البيض والدقيق وزيت الطهو

أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن “الحكومة تواصل دعمها للبنك المركزي العراقي لإعادة سعر صرف الدولار إلى السعر الرسمي”.

وقال السوداني، الأحد، أن “هذا جزء من مجمل اقتصادي، بحاجة إلى تصد شجاع وحلول ناجعة لإنهاء السياسات المالية الخاطئة، التي ورثتها الحكومة الحالية”. وأضاف: “اتخذنا جملة من القرارات الجريئة لدعم الدينار العراقي واستقراره”. وتابع: “أخذنا بعين الاعتبار، في كل خطواتنا، وفي أهداف الموازنة، أن نخفف الفقر المستوطن في بعض البيئات والقطاعات العراقية”.

* إعتقال أصحاب مكاتب تصريف الدولار

هذا ونفذ جهاز مكافحة الإرهاب العراقي حملة اعتقالات للعصابات المتخصصة باحتكار الدولار في بورصة الشورجة، والذي يعد أحد أسواق بغداد، وفقاً لمصدر أمني. وأشار المصدر إلى “مداهمة قوة من الأمن الاقتصادي لبورصتي الكفاح والحارثية المركزيتين وسط العاصمة بغداد”، مؤكداً “اعتقال مجموعة من أصحاب مكاتب تصريف الدولار لاحتكارهم تصريف العملة”.

* “الدولار ابتزاز أميركي”

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي الخبر، مشيرين إلى وصول سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي أمس الأحد إلى 166 ألف دينار للورقة من فئة الـ100 دولار. وتصدّر وسم “الدولار ابتزاز أميركي” في منصة “تويتر”، إثر ارتفاع سعر صرف الدولار في العراق، وهاجم ناشطون عراقيون السياسة الأميركية في بلادهم، متهمين إياها بمحاولة إسقاط الحكومة.

وغرّد حساب باسم رائد عسكري، قائلاً: إن “ارتفاع سعر صرف الدولار لعبة أميركية لإسقاط الحكومة”. وأضاف: إن “كل ما يحدث من سوء في العراق، تقف خلفه أميركا”. فيما أشار رائد عسكري إلى أن “التلاعب باقتصاد الدول وعملاتها هو أحد أساليب الضغط على المجتمعات”.

* تأثر الاقتصاد العراقي بالعقوبات الأميركية على طهران

من جانبها، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك بدأ، في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي، فرض ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية للدولار من جانب البنوك التجارية العراقية، وذلك كجزء من حملة العقوبات المفروضة على إيران وتداولاتها المالية وعلى دول أخرى في الشرق الأوسط.

ولفتت الصحيفة إلى أن البنوك العراقية كانت تعمل بموجب قواعد أقل صرامة منذ فترة وجيزة بعد الغزو الأميركي عام 2003؛ لكن بعد عقدين أصبح النظام المصرفي العراقي يخضع لممارسات تحويل الأموال العالمية.

ونقلت “وول ستريت جورنال”، عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، قولهم إنه “منذ أن دخلت الإجراءات حيز التنفيذ، تم حظر أكثر من 80% من التحويلات اليومية البريدية بالدولار إلى العراق، والتي بلغ مجموعها في السابق أكثر من 250 مليون دولار في بعض الأيام، بسبب عدم كفاية المعلومات بشأن وجهات الأموال أو أخطاء أخرى”.

* وفد عراقي إلى واشنطن

ونقلت الصحيفة عن رئيس الوزراء العراقي القول إن “تصرف بنك الاحتياطي الفيدرالي يضر بالفقراء ويهدد ميزانية حكومته لعام 2023”. وأضاف السوداني في مقابلة: إن “هذا الأمر محرج وحاسم” بالنسبة له، وقال إنه سيرسل وفداً إلى واشنطن الشهر المقبل مع اقتراح بتعليق تنفيذ الإجراءات الجديدة لمدة ستة أشهر.

وبموجب الإجراءات الجديدة، يتعين على البنوك العراقية استخدام منصة إلكترونية جديدة مرتبطة بالبنك المركزي العراقي من أجل تقديم طلب الحصول على الدولار، وبعدها يتم مراجعة الطلب من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.

ويؤكد مسؤولون أميركيون أن النظام الجديد يهدف إلى الحد من استخدام النظام المصرفي العراقي لتهريب الدولار إلى إيران وسوريا وتركيا والأردن وملاذات غسيل الأموال في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

ومنعت أربعة مصارف عراقية من الاشتراك في مزاد العملة الذي يشرف عليه البنك المركزي العراقي، وهي “آسيا الإسلامي” و”الشرق الأوسط” و”الأنصاري الإسلامي” و”القابض الإسلامي”، وفقاً لمسؤولين عراقيين ووثائق قضائية.

* “سياسة الصدمة”

من جهته، قال محمود داغر، رئيس مجلس إدارة مصرف الجنوب الإسلامي والمسؤول السابق في البنك المركزي العراقي: “إننا اتبعنا، على مدى عشرين عاماً، النظام نفسه”؛ لكن سياسة “الصدمة” التي انتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي “أحدثت أزمة داخل الاقتصاد العراقي”.

ويجسد الاضطراب الاقتصادي العلاقة الحذرة، والمتشابكة، بين واشنطن وبغداد، وفق الصحيفة. ومنذ أن ساعدت الولايات المتحدة على إنشاء البنك المركزي العراقي في عام 2004، أصبح الدولار الأميركي إلى حد كبير العملة الرئيسة للبلاد، لأن كثيراً من مرافق الاقتصاد يعمل على النقد.

وأشارت الصحيفة، في تقريرها، إلى إن “التدقيق في المعاملات بالدولار أدى إلى اندفاع نحو العملة الخضراء في العراق”، وهو ما أدى إلى سيل من الانتقادات من المسؤولين والمصرفيين والمستوردين العراقيين، الذين يلومون النظام الجديد على حدوث “صدمة مالية غير ضرورية، أدت إلى تفاقم مشاكلهم الاقتصادية الشديدة بالفعل”.

* المالكي: أزمة الدولار ستطول

من جانبه، أكد زعيم ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أنه لا حل لأزمة الدولار إلا بالتفاهم مع الجانب الأميركي. وقال المالكي في لقاء صحفي: إن “أزمة الدولار مرتبطة ببعض المخالفات منها التهريب والتلاعب من بعض المصارف والتجار ولا حل لها إلا بالتفاهم مع الجانب الأميركي”. وأضاف: ان “أميركا تستخدم الدولار كسلاح وهي تراقب الوضع في العراق”، مؤكداً أنه “اقترح على الحكومة السابقة أن يكون سعر الصرف 125؛ لكنها لم تستجيب”.

* بيع 300 مليون يورو أرصدة مودعة بالعراق

وكان البنك المركزي الايراني أعلن عن بيع 300 مليون يورو عملة أجنبية مودعة بحساب البنك في العراق عبر منصة “نيما” المحلية المخصصة لبيع الحوالات المالية.

وأوضحت الإدارة العامة للبنك المركزي الايراني، في بيان، بأنه وبعد إجراء المفاوضات النقدية والمصرفية الموفقة مع البنك المركزي العراقي، حدثت إنفراجات جديدة بخصوص طرح العملة الصعبة بمنصة “نيما” الإلكترونية، بحيث وبعد سنة من التوقف تم يوم السبت (21 يناير/ كانون الثاني 2023) طرح 300 مليون يورو من أرصدة البنك المركزي المودعة بالعراق عبر المنصة، وقد بيعت مباشرة وأن هذه العملية ستتواصل بالأيام القادمة.

وأكد تقرير الإدارة العامة للبنك المركزي أن التجار وعبر هذه الإنفراجة بات بإمكانهم تسريع وتيرة العمليات التجارية والمصرفية عن طريق الأرصدة الموجودة في العراق بغية تغطية واردات السلع الأساسية بشكل سريع ومناسب.

* العراق بصدارة مستوردي السلع من إيران

هذا وأظهرت بيانات مصلحة الجمارك الايرانية، أن العراق تصدر قائمة الدول المستوردة للسلع غير النفطية من ايران خلال الشهور التسعة الأولى من السنة المالية الجارية (فترة 21 مارس/ آذار حتى 20 ديسمبر/ كانون الأول 2022). وأوضحت البيانات أن الصادرات غير النفطية الايرانية في الفترة المذكورة قد بلغت 24/36 مليار دولار. وأشارت الى أن الصين استوردت 5/11 مليار دولار سلعاً من ايران بنسبة استحواذ 76/31 من إجمالي الصادرات، تلاها العراق بتوريد 242/5 مليار دولار ونسبة 46/14 بالمئة.

ووجدت طهران سابقاً طرقاً وأساليب عديدة للإلتفاف على العقوبات، وتمكنت من تنفيذها مع دول مثل روسيا وسورية، ومن الممكن تطبيق نفس الأساليب مع العراق.

 

المصدر: الوفاق/خاص