أدركت مراكز الدراسات الصهيونية الأثر العميق الذي تركته معركة طوفان الأقصى محلياً وإقليمياً ودولياً، وخصوصاً من زاوية درجة العنف ومعدل الضحايا المدنيين بشكل عام، وسجّلت هذه الدراسات بعض الملامح التي نتجت عن معركة طوفان الأقصى.
في هذا الإطار، أصدر مركز زيتونة للدراسات والاستشارات ورقة علمية، تسعى لرصد رؤية مراكز الدراسات الصهيونية لمرحلة ما بعد طوفان الأقصى. يمكنكم الاطلاع على الدراسة بشكل كامل في نهاية الملخّص أدناه.
يمكن إيجاز ملامح رؤية مراكز الدراسات الصهيونية لما بعد طوفان الأقصى على صعيد الاستراتيجية العامة لـلكيان الصهيوني في علاقاتها الدولية، وتأثير ذلك على العلاقة مع الدول العربية في الآتي:
– تؤكد الدراسات الصهيونية أن الدعم الأمريكي والأوروبي لـلكيان الصهيوني في معركة طوفان الأقصى دعم “غير مسبوق”، ولكن ذلك لا ينفي بعض الخلافات مع الكيان الصهيوني؛ لا سيّما في رفض الكيان الصهيوني تحديد استراتيجيتها لليوم التالي للحرب، مع ملاحظة أن الدول العربية لا تحاول استثمار هذا الخلاف النسبي بين الكيان الصهيوني وبعض القوى الغربية من خلال إجراءات فعلية.
– استمرار تشبّث الحكومات العربية بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، خصوصاً في الموضوعات الاستراتيجية؛ الالتزام بالمعاهدات، واستمرار العلاقات التجارية، والحوار الديبلوماسي، وعدم تقديم أيّ مساندة استراتيجية للمقاومة.
– ارتباك نسبي “محدود للغاية” في السياسات الإعلامية المعبِّرة عن العلاقات الصهيونية مع كل من تركيا والأردن ومصر.
– تحسّن نسبي لصورة محور المقاومة في توجهات الرأي العام العربي، وعجز الكيان الصهيوني عن بلورة السياسة الإقليمية بشكل واضح ضدّ ما يعدّونه “المحور الإيراني الروسي”، وما يعزز ذلك هو ما يتضح من توجهات الرأي العام العربي تجاه مواقف القوى الإقليمية والدولية من الحرب في غزة.
– عدم بلورة الكيان الصهيوني سياسة متسقة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخصوصاً مع السلطة الفلسطينية، فهي تعتمد عليها في التنسيق الأمني ثم تتهمها بالضعف والتقصير، ثم تسهل للسلطة الحصول على الأموال والأسلحة لأجهزتها الأمنية، ثم تستقطع بعضاً من مداخيل السلطة، وخصوصاً المداخيل الضريبية.
– في إطار تقييم أداء وزارة الخارجية الصهيونية، خلال سنة 2023 بما فيها فترة ما بعد طوفان الأقصى، تجاه العلاقة مع الدول العربية والدولية، تبدو مساحة رضا خبراء السياسة الخارجية الإسرائيليين عن أداء وزارتهم متراجعاً.
توصيات مراكز الدراسات الصهيونية
في دراسة سابقة لنا حول دور مراكز الدراسات الإسرائيلية في عملية صنع القرار الصهيوني، تَبيّن لنا النسبة العالية جداً في أخذ الحكومات الصهيونية بتوصيات مراكز الدراسات، واستناداً لذلك نُشير إلى أهم التوصيات التي تواترت الإشارة لها في أغلب الدراسات الصهيونية التي أشرنا لها أعلاه، على النحو التالي:
– على الكيان الصهيوني أن يحقق الأهداف التالية قبل وقف إطلاق النار:
أ- التحكم في ممر فيلادلفيا بين مصر وقطاع غزة.
ب- إقامة إدارة مؤقتة في غزة خلال تواجد القوات الصهيونية في القطاع، وتعتمد هذه الإدارة على فلسطينيين من عناصر، يُسهم الكيان الصهيوني في تعيينه. وتقوم هذه الإدارة المعيَّنة بالعمل على نزع أدبيات المقاومة السياسية والمرتبطة بحركة حماس من المجتمع الفلسطيني.
ج- نزع سلاح المقاومة الفلسطينية في القطاع.
د- إقامة منطقة عازلة حول غزة.
– على الحكومة الإسرائيلية أن تضع تصوّراً يستند أساساً على نقاط التوافق بينها وبين دول التطبيع العربية ومنها السعودية.
– على الحكومة أن تراعي فجوات التباين بينها وبين بعض الدول العربية، وخصوصاً في طبيعة السلطة القادمة في غزة وعلاقة ذلك بالجانب الأمني للكيان الصهيوني.
– العمل على تنسيق الموقفيْن الأوروبي والأمريكي باتجاه إضعاف حركة حماس.
– العمل على إضعاف العلاقة بين حركة حماس وقطر من ناحية، وضرورة الضغط على قطر لتوسيع نطاق التناغم مع مواقف دول التطبيع.
– الربط بين تطور السلطة الفلسطينية والعلاقة السعودية الصهيونية على أساس أن تتوازى الخطوات في البعديْن معاً.
– ضرورة انضباط المسؤولين الإسرائيليين في تصريحاتهم التي تعزز اتهام محكمة العدل الدولية بممارسة “إسرائيل” لجريمة الإبادة الإنسانية، والاستمرار في التواصل الديبلوماسي مع دول العالم لتخفيف آثار موقف المحكمة على الصورة الصهيونية.
– لا يميل الباحثون في مراكز الدراسات الصهيونية إلى إمكانية استثمار العلاقات العربية الصينية والصينية الإيرانية، للإسهام في إقناع حركة أنصار الله في اليمن لوقف هجماتهم على التجارة البحرية في البحر الأحمر والمتوجهة للكيان الصهيوني.