عبير شمص
أضحت مؤسسات وكالة الأونروا الصحية والتعليمية والإجتماعية مهددة، بعد إقرار «الكنيست» الصهيوني قوانين تحظر عمل الوكالة الأممية في المناطق التابعة للاحتلال الصهيوني، و«منع أي نشاط لها في أراضي كيانهم المؤقت، وألا تقوم بتشغيل أي مكتب تمثيلي، ولا تقدم أي خدمة، ولا تقوم بأي نشاط، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى إبلاغ العدو الصهيوني الأمم المتحدة بانسحابه من اتفاق عام 1967 الذي ينظم علاقتها مع «الأونروا». هذا الاستهداف للوكالة ليس بجديد، فهناك حملة ممنهجة للقضاء عليها في غزة، ويستهدف العدو الصهيوني مؤسساتها وموظفيها بشكلٍ مكثف منذ أكثر من عام. ويعمل العدو الصهيوني على تقييد عمله والتشكيك في حيادها، مما يهدد بتقويض المنظمة التي تأسست قبل 75 عاماً ورافقت اللاجئين الفلسطينيين منذ النكبة في تقديم خدمات حيوية للملايين منهم. وفي هذا السياق التقت صحيفة الوفاق الأكاديمي الفلسطيني المختص في القانون الدولي والنُظم السياسية الدكتور وسام عطاالله، وكان معه الحوار التالي:
وكالة الأونروا ..خدمات إغاثية للاجئين
يبدأ الدكتور عطا الله حديثه بالتعريف بتاريخ وأسباب عمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» فيقول: «أُنشِئت الوكالة بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الرابعة بعد حرب عام 1948 التي بموجبها احتل العدو الصهوني الأراضي الفلسطينية، وبدأت عملها في عام 1950م، وهي مُكلفة بتقديم خدمات إغاثية بما يخص الغذاء وكسوة اللاجئين وتوفير المأوى لهم سواء المؤقت أو المخيمات وكذلك المساعدات والرعاية الطبية وكذلك الخدمات التعليمية، وهي تُقدم عملياتها في خمس مناطق نزح إليها السكان بعد حرب عام 1948 وهي قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وسوريا ولبنان والأردن».
منع عمل الوكالة في شمال غزة
في هذه الحرب قال الدكتور وسام عطاالله: «أجرم العدو الصهيوني بحق النازحين إذ منع الوكالة من تقديم الإغاثة الصحية والمساعدات لمراكز إيواء النازحين في شمال غزة وبالفعل ترُكز الوكالة عملها حالياً في جنوب قطاع غزة، وتركت الشمال بلا إغاثة ولا دواء ولا علاج ولا مساعدات تعليمية ولا طعام، واستعاض العدو الصهيوني بجهات إغاثية أخرى غير الوكالة وهذا مؤشر خطير سنتكلم عنه لاحقاً، فقد كان عمل الوكالة في قطاع غزة موجود في مخيمات اللاجئين الرسمية في قطاع غزة ومنها مخيم جباليا ومخيم الشاطئ ومخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين ومخيم البريج والمغازي ودير البلح ومخيم خان يونس، وهذه المخيمات أُنشئت بعد حرب عام 1948 ولجأ إليها السكان الفلسطينيون المهجرون من المناطق المحتلة، وتوزع عليهم الوكالة المساعدات النقدية والغذائية والعينية ومستلزمات المعيشة، وتُقدم الخدمات التعليمية لأطفال اللاجئين عبر إنشاء مدارس تابعة لها، كما تعمل على بناء منازل الفلسطينيين المهدمة بسبب العدوان الصهيوني في حروبه المتعددة على الشعب الفلسطيني وتعويضهم عن الأضرار المادية والخسائر التي لحقت بأراضيهم وممتلكاتهم جراء القصف والعدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزه منذ أكثر من 25 عاماً».
استهداف صهيوني على مر التاريخ
وقال الدكتور وسام عطاالله تعرضت الوكالة لعدوانٍ متكرر في سعيٍ صهيوني لوضع العوائق أمامها تمهيداً لإيقافها عن العمل، وظهرت نواياه بشكلٍ جلي في الحرب الأخيرة في غزة، فقد اتهم موظفين في الأونروا على أنهم أعضاء في حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، كما قتل 220 موظفاً في الوكالة وهو الرقم الأعلى في العالم وصرح الأمين العام للأمم المتحدة «انطونيو غوتيترش» أن العدو الصهيوني تعمد قتل موظفي الأونروا لإعاقة عمل الإغاثة والإيواء للنازحين وكذلك قتل العدو الصهيوني 536 نازحاً فلسطينياً في داخل مراكز الأمم المتحدة، وهي مراكز معروفة وترفع علم الأمم المتحدة عليها، وقد دمر المقر المركزي للوكالة لإقليم غزة وأخرجه عن الخدمة مدعياً أنه يُستخدم لتنفيذ هجمات إرهابية، وهذه إدعاءات كاذبة لا تستند إلى دليل، وتأتي هذه الاستهدافات للوكالة لإعاقة عملها وخلق أزمات متتالية تزيد المعاناة وتفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، وكان آخر هذه الاستهدافات تقديم الكنيست الصهيوني وهو السلطة التشريعية في الكيان الغاصب وعبر لجنة الخارجية والأمن مشروع قانون حظر عمل الوكالة، والذي سيصبح في حال إقراره قانوناً نافذاًـ هذا تجرؤ خطير على الأمم المتحدة، وهو ليس بجديد على العدو الصهيوني، فقد قام المندوب الصهيوني في الأمم المتحدة أمام منصة الجمعية العامة بتمزيق الميثاق الخاص بالجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في استهتار وإهانة لكل المنظمة، اعتاد العدو الصهيوني على عدم المسائلة وامتلاكه حصانة مطلقة، وهو يخالف مبادئ وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والأعراف الدولية، وهو يتخطى كل الخطوط الحمر في حروبه وها هو اليوم يمنع عمل وكالة أنشأتها الأمم المتحدة بقرار أممي ولا يملك العدو حق إلغائها وإيقافها عن العمل، هذا العمل يسن سنة سيئةً ويُجرىء دولاً أخرى على التصرف بالمثل، يحاول رئيس وزراء العدو الصهوني «بنيامين نتنياهو» خداع وتضليل المجتمع الدولي عبر السماح لمنظمات وبرامج أخرى بديلة عن برامج الوكالة، على سبيل المثال يسمح لبرنامج الغذاء العالمي بتوزيع المساعدات الغذائية الخاصة مثل الدقيق على النازحين وعلى اللاجئين في قطاع غزة، وكذلك يسمح للمطبخ المركزي العالمي ولمنظمة اليونيسيف لرعاية الأمومة والطفولة ومنظمة الصحة العالمية، بينما يمنع الجهة الأساسية والرئيسية وهي الوكالة من العمل، وذلك ليمحي وينهي قضية اللاجئين الفلسطينيين والقول نهائياً أنه لم يعد هناك لاجئون وهذا تهديد صريح لأن هذه الوكالة بالأساس أُنشات لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين حتى إيجاد حل نهائي لهم، وهو بتصرفه هذا شطب حق عودة اللاجئين والقرارات الأممية التي التزم بها الكيان الصهيوني بضرورة عودتهم إلى ديارهم وأماكنهم التي هجروا منها عام 1948، ومنذ هذا التاريخ والعدو الصهيوني لا يلتزم بأي قانون أو قرار دولي”.
المواجهة بالقانون
يشرح الأكاديمي الفلسطيني المختص في القانون الدولي والنُظم السياسية الدكتور عطا الله كيف يمكن مواجة قرار العدو الصهيوني قانونياً، فعلى صعيد القانون الدولي الذي يملك القرارات هي محكمة العدل الدولية بصفتها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة المتحدة ومجلس الأمن بصفته صاحب السلطات التنفيذية التي تُلزم الدول جبراً ولو اضطرت لاستخدام القوة العسكرية على تنفيذ القرارات الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة أو عن محكمة العدل الدولية أو غيرها، لكن يحتمي العدو الصهيوني دائماً خلف الفيتو الأمريكي الذي يمنع اتخاذ أي قرار ضده، لذا تتحمل أمريكا مسؤولية مباشرة وغير مباشرة في الحرب عبر تقديم دعم استراتيجي على كل الصعد السياسية والعسكرية والدبلوماسية والمالية والإقتصادية، وبدون هذا الدعم لما استطاع العدو الصهيوني الاستمرار في حرب إبادة الشعب الفلسطيني.