تعد “المدينة المحروقة” (شهر سوخته) في محافظة سيستان وبلوشستان جنوب شرقي إيران التي كانت مأهولة بالسكان بين عامي 3200 و1800 قبل الميلاد، تم تسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو بفضل اكتشافاتها التي تلقي الضوء على التطور الثقافي والصناعي في تلك الحقبة.
من بين أبرز الاكتشافات في المدينة، عثر العلماء على أول عين اصطناعية في التاريخ، تعود إلى 4800 عام، والتي كانت قد زرعت في جسد امرأة في العشرينيات من عمرها، وتعتبر هذه العين الاصطناعية أقدم مثال على التطور الطبي في تلك الحقبة. كما عُثر على أقدم عملية جراحية في تاريخ الطب، حيث أُجريت عملية لإزالة جزء من جمجمة فتاة كانت تعاني من “هيدروسفالي”، أي تجمع السائل في الدماغ.
كما قدمت الحفريات في المدينة المحروقة دلائل على تقدم في علم الرياضيات، حيث اكتشف علماء الآثار مسطرة خشبية مصنوعة من شجرة آبنوس يبلغ طولها 10 سنتيمترات ودقة قياسها نصف ميليمتر، مما يشير إلى قدرة سكان المدينة على تطوير أدوات قياس دقيقة.
من الاكتشافات البارزة الأخرى هو العثور على كأس فخاري يعود تاريخه إلى 5000 عام، تظهر عليه صورة متحركة لماعز يتحرك نحو شجرة، ما يعد أقدم تجسيد لفكرة “الأنيميشن” في التاريخ.
تعد هذه الاكتشافات من أهم الدلائل على المستوى المتقدم الذي بلغته “شهر سوخته” في مجالات الطب والصناعة والفن قبل آلاف السنين، مما يجعلها واحدة من أبرز المواقع الأثرية التي تسهم في إعادة كتابة تأريخ الحضارة الإنسانية.