ثلاثة عشر شهراً بعد الطوفان

لماذا يؤمن قائد الثورة الإسلامية بانتصار جبهة المقاومة؟

إعتبر قائد الثورة الإسلامية، منذ بداية هذه الحرب،أن هزيمة الكيان الصهيوني أمر لا يمكن تعويضه، وجبهة المقاومة لديها خيار يزخر التاريخ بأدائه المذهل: النصر الإلهي للمؤمنين والصابرين.

2024-11-18

الوفاق/ ينشر موقع KHAMENEI.IR الإعلامي تقريراً باللغة الفارسية يسلّط الضوء على انتصار جبهة المقاومة، جاء فيه:

 

بعد أكثر من ثلاثة عشر شهراً من الحرب، فإن إحصائيات جرائم الكيان الصهيوني في غزة صادمة. استشهد أكثر من 43 ألف فلسطيني – أي حوالي 2% من سكان غزة – منهم نحو 17 ألف طفل وأكثر من 12 ألف إمرأة؛ أي في المجمل حوالي سبعين بالمائة من ضحايا هذه الإبادة الجماعية.

 

يبلغ عدد المصابين أكثر من مائة ألف شخص؛ أي أكثر مِن أربعة بالمائة من سكان هذه المنطقة التي يعيشون في غرب فلسطين المحتلة والساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط.

 

كما أن 10 آلاف شخص مفقودون ولا توجد معلومات عن مصيرهم، ومن المرجح أن معظمهم استشهدوا أو ما زالوا تحت الأنقاض، لأن حجم الأضرار كبير جداً ولا توجد إمكانية أو فرصة لإزالة الأنقاض بشكل كامل.

 

بدون ماء وطعام

 

خلال هذه الفترة، توقف ما لا يقل عن 114 مستشفى وعيادة عن العمل، وحُرم العديد من المرضى من الوصول إلى الخدمات الطبية الضرورية.

 

تم تعطيل 34 مستشفى و80 مركزاً صحياً، وتعرضت 162 مؤسسة صحية لهجوم من قبل قوات الكيان الصهيوني، وأصيبت وتضررت ما لا يقل عن 131 سيارة إسعاف. نتيجة لهذه الهجمات الوحشية، وما لا يقل عن 986 من العاملين في المجال الطبي، بما في ذلك 165 طبيباً و260 ممرضاً و184 عاملاً صحياً و76 صيدلياً و300 عامل في قسم الإدارة والدعم، فَقَدوا أرواحهم.

 

قد تسبب الوضع الصحي المتردي في غزة في إصابة 75% من سكّان هذه المنطقة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بأحد أنواع الأمراض المعدية. يواجه 96 بالمائة نقص الغذاء وسوء التغذية، ويعاني 500 ألف شخص بالفعل من المجاعة.

 

%95  مِن السكان لا يحصلون على مياه الشرب الآمنة، لأن الكيان الصهيوني دمّر 700 مصدر للمياه في المنطقة. وتم حتى الآن إكتشاف ما لا يقل عن سبعة مقابر جماعية قام جنود الكيان الصهيوني بتجميع ودفن جثث الضحايا فيها.مثال واحد فقط هو قبر يضم ثلاثمائة جثة تم اكتشافه مطلع هذا العام في منطقة مستشفى ناصر في خان يونس. وقد فقد أكثر من 180 صحفياً حياتهم. لقد تم إعتقال عشرة آلاف فلسطيني، حيث أن أكثر من ثلثهم مسجونون دون أية تهم، حتى ولو كانت كاذبة.

 

75  ألف طن قنابل

 

خلال هذه الفترة، تم إلقاء أكثر من 75 ألف طن من القنابل على سكان غزة، مما أدى إلى تدمير 150 ألف منزل.

 

أكثر من 620,000 طالب من غزة لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة وقد تركوا الدرس والمدرسة. تدمير 123 مدرسة وجامعة، ما يعني تدمير نحو 90% من المراكز التعليمية. حوالي اثني عشر ألف شهيد في هذه الحرب هم من الطلاب.

 

هذه ليست سوى جزء من إحصائيات جرائم الكيان الصهيوني في غزة؛ جرائم لا تقتصر على هذه المنطقة، والشعب اللبناني يقع ضحية لها كل يوم. ومما لا شك فيه أن هذه الإحصائية، حتى كتابة هذه السطور، ستزداد مع وقت نشر هذا التقرير وما بعده.

 

أضف إلى ذلك إغتيال عدد من قادة المقاومة؛ بدءً مِن حامل لواء المقاومة الكبير الشهيد السيد حسن نصر الله(قدس)، إلى السيد هاشم صفي الدين، وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار، وآخرين. في مثل هذا الوضع، وبالنظر إلى هذه الإحصائيات، فإن للكيان الصهيوني المجرم اليد العليا، وينبغي إعتباره الفائز في الميدان؛ ولكن هل الأمر كذلك حقاً؟ لقد إعتبر قائد الثورة الإسلامية المعظّم، منذ بداية هذه الحرب، أن هزيمة الكيان الصهيوني أمر لا يمكن تعويضه وأكد على هذه المسألة عدة مرات. كما وصف اغتيال كبار قادة المقاومة بأنه غير مؤثر في تغيير المعادلة، وأكد على أن المقاومة الفلسطينية واللبنانية انتصرت في هذه الساحة حتى الآن، والنتيجة النهائية للمعركة أيضاً ستكون هكذا.

 

ما هو أساس هذا التحليل والتقييم وهل يتوافق مع الحقائق على الأرض؟

 

الأهداف التي لم تتحقق

 

للإجابة على الأسئلة أعلاه، يمكننا أن ننظر إلى الموضوع من عدة زوايا وأبعاد. النقطة الأولى المهمة التي تبدو، هي أن الكيان الصهيوني حدد وأعلن أهدافه في بداية الحرب؛ بما في ذلك تدمير حماس في غزة وعودة أسراها وعودة الأمن إلى حدودها.

 

لقد تعرضت حماس للضربات، ولكن ليس فقط أنه لم يتم تدميرها فحسب، بل وحتى في مناطق مثل شمال غزة، والتي إدعى الجيش الغازي مراراً وتكراراً أنه قام بتطهيرها، فقد تسبب في وقوع خسائر فادحة في صفوف العدو، وما زال مستمراً في القيام بذلك. وعلى الرغم من استشهاد بعض قادة المقاومة، إلا أن نظام القيادة في حماس لم يتراجع، ولا يزال يعمل.

 

لقد وصل الأمر إلى حد أن أصواتاً مختلفة إرتفعت من داخل الكيان الصهيوني تعترف بأن تدمير حماس ليس هدفاً قابلاً للتحقيق، وأن العمليات العسكرية، مهما كانت كثيفة، لن تصل إلى نتيجتها النهائية.

 

أما بالنسبة للأسرى، فرغم أنه تم إطلاق سراح حوالي نصفهم، إلا أن إطلاق سراحهم تم بعد مفاوضات واتفاق سياسي مع حماس؛ باستثناء حالات قليلة ومحدودة، لم يتم تحرير أي سجناء آخرين بالعمليات ولن يتم ذلك.

 

إن أسر العشرات من الجنود الصهاينة في أيدي المقاومة، خلال هذه الفترة الطويلة، أمر غير مسبوق، ويشكل ضغطاً هائلاً على الكيان الصهيوني من الناحية السياسية والاجتماعية. لا يكاد يمر يوم دون أن يقوم بعض سكان الأراضي المحتلة بمسيرة ويتجمعون ويغلقون الطرق للضغط على حكومة نتنياهو والمطالبة بإنهاء الحرب والتوصل إلى اتفاق سياسي، حتى يتم إطلاق سراح الأسرى الآخرين.

 

إن مسألة إعادة الأمن أهم الأهداف للعدو، ورغم مرور أكثر من عام على الحرب، لا يزال مئات الآلاف من الصهاينة مشردين، وقد وصل مدى طائرات المقاومة وصواريخها القادمة من أماكن ودول مختلفة إلى أبعد المدن والمراكز التجارية والعسكرية المهمة للكيان الصهيوني وأحدثت صدمة وأذهلتهم.

 

نتنياهو، الذي كان يعتبر نفسه ذات يوم “سيد الأمن”، أصبح اليوم هو نفسه غير آمن وخائف للغاية، وقد أصابت مسيّرة حزب الله نافذة غرفة نومه بشكل مفاجئ؛ فحزب الله الذي اعتقد الكيان الصهيوني وادعى بعد الإغتيالات المتتالية لقياداته أنه ضعف بشدة، وأمامه فرصة تدميره بالكامل.

 

لكن بعد تلك الأحداث المريرة والمروعة، تعافى حزب الله وأظهر أنه على أتم الاستعداد لمعركة صعبة وطويلة.

 

إحياء فلسطين

 

إن انتصار المقاومة لا يقتصر على هذه الأبعاد، بل له أبعاد أهم. حتى قبل عمليات طوفان الأقصى، ولأسباب مختلفة، كانت قضية فلسطين على وشك النسيان في العالم وحتى في الدول الإسلامية، أما اليوم فلسطين على رأس القضايا العالمية و”المقاومة” لم تعد فلسطينية أو لبنانية أو إيرانية.

 

مَن كان يظن أنه في يوم من الأيام ستكون هناك مظاهرة من أجل فلسطين في اليابان، أو أن العشرات من الجامعات الأمريكية ستشهد تجمعاً واعتصاما طلابيا ضد الكيان الصهيوني ودعماً لفلسطين؟ اليوم، ينقسم معظم العالم إلى قسمين: قِسم يقف على الجانب المــُظلم من التاريخ من خلال دعم الإبادة الجماعية للكيان الصهيوني، والقسم الثاني الذي اختار الجانب الصحيح من التاريخ من خلال دعم المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني.

 

إن الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني، المدعوم بكل أنواع الدعم الغربي الشديد، حاول على مدى العقود، التظاهر بأنه دولة طبيعية كغيره، قد انكشف اليوم، ويُعرف عملياً بكيان فصل عنصري.

 

الصمود يُبطل كيد الأعداء

 

والأهم في ذلك كله إن مقاومة شعب غزة المظلوم لمدة عام ودماء قادة المقاومة العظماء، ألهمت وخلقت موجة وجيلاً جديداً من مناضلي وداعمي جبهة المقاومة الذين سيحررون القدس.

 

في عالم يحاول الطغاة فيه التقليل من شأن المقاومة وإشغال الناس بأدنى رغباتهم، تنتشر على نطاق واسع رواية الأشخاص الذين يتعرضون للقصف لكن ذكرهم هو “حَسبُنَا اللهُ وَ نِعمَ الوَكیل”، وهم لا يزال صامدون، وهذا هو يبطل سِحر وكيد الأعداء.

 

لفهم هذا المجال حقاً، يجب على المرء توسيع الرؤية وقياس الوضع بشكل أعمق وأوسع. العدو بكل حساباته مادي، لكن جبهة المقاومة لديها خيار يزخر التاريخ بأدائه المذهل: النصر الإلهي للمؤمنين والصابرين.

 

المصدر: الوفاق