عبير شمص
تُعتبر الأناشيدُ الدينيّة الإسلاميّة الهادفة فرعاً من فروع الفنّ المُلتزم، ورافداً من روافد القيم والمُثل والأخلاق. ولهذا الفنّ الملتزم والهادف أهمّيّة كبرى على المستوى التربويّ والتعبويّ، خصوصاً على فئة الشباب والأطفال؛ فهو يعمل على تعميق العقائد والفضائل في العقول والنفوس، وتعزيز الشعور بالانتماء إلى الدين والعقيدة، وتنمية حبّ الله (تبارك وتعالى) والنبيّ الأعظم(ص) ومودّة أهل بيته(ع) والاقتداء بهم، والتركيز على مفاهيم الصّبر والتضحية والإيثار والفداء والجهاد، وغيرها من القيم السامية والخصال الحميدة. ويشدد سماحة آية الله العظمى الامام السيد علي الخامنئي على الشبابَ مراراً وتكراراً بتأليف وإنشاد الأناشيد، مبيّناً لهم سبيل إثرائها على مستوى المضامين، من خلال الاقتباس من الآيات والروايات المعاني والمفاهيم الأصيلة ولأجل بثّ روح الأمل والصمود والتحدي في المجتمعات. وفي هذا السياق حاورت صحيفة الوفاق المنشد اللبناني الشاب محسن فنيش، وفيما يلي نص الحوار:
البعد التربوي للنشيد
يشدد المنشد فنيش:” أن النشيد يكون بلا قيمة عند افتقاده للهدف، لذا فالمُراد تقديمه عبر النّشيد “الهادف” هو وصول هذا الهدف لأغلبيّة المستعمين والمشاهدين للعمل الإنشادي، منها التأثير بالمناسبات الدينيّة، الأئمة، المراجع والقادة، الأم.
وفي أغلب الأعمال نحن نصوّر مشاعر الجمهور ومشاعرنا عبر النشيد، عبر الكلمات، الإحساس، الموسيقى، والهدف الكبير أن يعرف النّاس أنه يوجد أصحاب مواهب وفنّانين من الفنّ الملتزم يقدّمون فنًّا لائقًا وليس عاديًّا، وأن يصل هذا الفن وهذا الصوت وتصل هذه الأناشيد لكل الفئات وليس لبيئة واحدة”.
ويتابع المنشد فنيش حديثه بالقول:”بالطبع للنشيد بُعد تربوي وتوجيهي ولا حاجة به إن لم تكن لديه هذه الأبعاد بالعديد من المجالات، والفن الملتزم هو طريقة للتعبير عن مشاعر الحب والاشتياق والغضب والثورة والمقاومة، والفكرة التي تحتاج آلاف المنابر لإيصالها قد يوصلها عمل فنّي واحد، وعندما يكون النشيد يخدم بيئة المقاومة، يصبح أداة تعبير لها، ليكون رمزًا من رموز الجمهور، وليصبح هكذا بالأساس، فعليه أن يكون عملًا ناجحًا من كلّ الجوانب يخدم أهداف المقاومة وجمهورها.”
البعد التعبوي للنشيد
يشير المنشد فنيش إلى أن:” سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي يُشدد في خطاباته عن الفن الملتزم على الاستفادة من الأنشودة الهادفة ذات المضامين الرساليّة في عمليّة تربية وتنشئة الجيل الجديد على القيم والمفاهيم الدينيّة، خصوصاً وأنها تُقدَّم بأسلوب الإلقاء والتلقين للكلمات والأشعار السهلة الممتعة، والممتزجة مع المؤثّرات الصوتيّة والأنغام والموسيقى الشرعيّة الجذّابة، ممّا يساعد الشابّ والطفل المتلقّي لها، على فهم وقبول المفاهيم الأخلاقيّة والثوريّة التي تكتنفها وتكتنزها، والاستئناس بها أكثر فأكثر.”
النشيد في مواجهة الحرب الناعمة
يلفت المنشد فنيش أن:” النشيد يُعد شكلاً من أشكال الفنون التي تُشكّل بدورها عنصر قوة في مواجهة الحرب الناعمة وذلك لقدرتها الكبيرة على التأثير بشكلٍ سريع وسهل، فالنشيد برسالته والقيم التي يحملها في محتواه، بالإضافة إلى تأثيره النفسي على الشعوب والأمم يُعد من أسلحة جهاد التبيين في زماننا هذا”.
نشيد “خذ كل عمري”
يعتبر المنشد فنيش نشيد “خذ كل عمري” لسماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الأحب على قلبه، فكيف لا يكون الأحب على قلوب النّاس، ومحبّي سماحة أية الله العظمى سماحة السيد القائد علي الخامنئي، ولقد بدأت الفكرة بطرح الشّاعر “الدكتور محمّد الدغلي” للنشيد على المهندس والموزّع الموسيقي “محمد خليفي”، ووقع الإختيار عليَّ أنا والمنشد قاسم حمادة بأنّ العمل سيكون لائقًا بأصواتنا، ليكون نشيداً مشتركاً بينن ، وبعد عرضه عليّ وافقت بدون تردد على هذه الكلمات واللحن والجو العام للنشيد، وتلمّسنا جميعًا أهميّته وتأثيره الذي سيكون عند نشره عند التسجيل، وهو “كان ولا زال النّشيد الوحيد الذي أذرف فيه الدّمع عند تسجيله”، وبدأ العمل على المونتاج والفيديو، قرّرنا أن يضم الفيديو مشاهد فقط لسماحته، وكان المقرّر نشره في ٦ آب/ اغسطس من العام ٢٠٢٠ ، ولكن وقعت حادثة انفجار مرفأ بيروت الدموي الضخم، وإيمانًا منّا بـ “لعلّ الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمه بعاقبة الأمور”، ولعلّه هناك في تأجيل النشر، أجلنا توقيت العرض إلى تاريخ آخر، وبفضل الله بعد عرض النشيد لاقى نجاحًا عظيمًا كتوقّعات كلّ من سمعه وحضره قبل نشره من المقرّبين”.
مرثية لسيد شهداء الأمة
يؤكد المنشد فنيش أن:”خبر شهادة سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله (قدس) هو أسوأ خبر على الإطلاق نتلقّاه، والخبر المفرح الوحيد ليشفي غليلنا، هو ظهور الإمام المهدي (عج) وسحق العدو الصهيوني من الوجود، لقد أدخل خبر استشهاد سماحته الناس في حالة من الصدمة، والألم، والسكون والسكوت، وإنكار للشهادة، فهو لم يكن شخصًا عاديًّا، إنه رجل بأمّة، نعاهده أن نكمل الطريق، ولن تسقط لنا راية وستُسلّم لصاحب العصر والزًمان أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، أتمنّى أن أعمل عملا رثائيٍّا له، بغضّ النظر أن سماحته لا يمكن تقديمه فقط بنشيد، ولكن نقدّمه بفنّنا لنُبيّن حبّنا وولاءنا له وللمسيرة المباركة، ولنستطيع التعبير عن اشتياقنا وفقدنا له، وأنا جاهز بصوتي الذي لطالما أسمعته للنّاس واستخدمته لمدح سماحة العشق، بنشيد “كل روحي” والذي كان يُعرض غالبًا بعد انتهاء كلمته على قناة المنار”.
أناشيد الزمن الجميل
يلفت المنشد فنيش إلى:” الأناشيد القديمة فيها روحيّة ولا زلنا نستمع إليها إلى الآن، فهي خالدة نتيجة الإخلاص وبالرّغم من الإمكانات القليلة، أمّا الآن فالأمور كلها تطوّرت وأذواق النّاس تغيّرت، فلكل زمان نجاحات وأذواق وأصبح حاليًا العمل علميا مع التدقيق بالكثير من التفاصيل، الموسيقى الأوزان الأداء الصوتي مخارج الحروف…، بغض النظر عن بعض الشواذ، أسأل الله أن نقدّم ما هو ملائم ومناسب لهذه الأجيال والبيئة المقاومة والوطن والقضيّة والمحور والعالم”.
ويختم المنشد فنيش حديثه بالقول:” على الأناشيد الوطنية والإسلامية المساهمة في رفع معنويات المجتمع بمختلف أطيافه، وكذلك يجب أن يكون قابلاً للحفظ والتكرار من ناحية الموسيقى والصوت، وهذا ما يميزه عن أي أغنية أو نشيد آخر”.