د. محمد العبادي
منذ ٨ أكتوبر عام 2023 م، قام حزب الله بكثير من العمليات العسكرية والأمنية ضد الكيان الصهيوني.
أترك للقارئ أن يتصور كَم هو كبير أن يقوم حزب الله بـ “961” عملية عسكرية في ظرف خمسة أشهر أي من تاريخ 8 أكتوبر 2023 م، وحتى شهر فبراير 2024 م، وفي الفترة الأخيرة في ظرف شهر واحد قام حزب الله خلال معركة “أولي البأس” بأكثر من “1020” عملية إطلاق متنوعة.
جهود جبّارة وعزم راسخ من أولي البأس الشديد وجاسوا وحاسوا وطافوا خلال الديار بأسلحتهم وصواريخهم وطائراتهم.
إن هذه العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني الغاصب متنوعة؛ فمرّة تستهدف مراكز قيادة عسكرية، وتارة تستهدف تجمعات وقواعد عسكرية، وثالثة تستهدف آليات عسكرية، ورابعة تستهدف مصنعاً عسكرياً، وأخرى تستهدف منصة قبة حديدية أو تجهيزات فنية وهكذا.
إن هذه العمليات العسكرية يسبقها رصد ومتابعة وجمع معلومات وتخطيط وتهيئة معدات وأسلحة وتنفيذ دقيق في الوقت المناسب.
لقد كانت القيادات الميدانية دقيقة عندما أطلقت على عملياتها سلسلة عمليات خيبر، وتسميتها للمعركة بإسم “أولي البأس” حيث إن تلك التسمية تنطبق على رجال حزب الله في بأسهم وسورتهم وشدة وطأتهم على العدو.
إن حزب الله قد إستخدم مختلف الأسلحة ضد الكيان الصهيوني المدعوم من الدول الغربية الإستعمارية، وسجّل نقاط كثيرة؛ ففي الحدود كان لهم بالمرصاد، وأوغل فيهم قتلاً، وأخذ يصطاد الجنود الصهاينة في تموضعهم، وأربك القيادات العسكرية بعد أن أتى على مراكزها، وبقيت الوحدات والتجمعات العسكرية عارية على أديم الأرض بعد أن أصاب آلياتهم اللوجستية، وناقلاتهم المخصصة للأشخاص، ودباباتهم التي أصبحت عبارة عن قطعة من الحديد المعطوب.
إنها صواريخ حزب الله المحمولة على الكتف أو المثبتة على الأرض بسبطاناتها وقذائفها المختلفة تهتدي إلى تلك الآليات العسكرية فتعطبها وتحرق مافي جوفها، وإنها طائرات حزب الله الإنقضاضية تهوي إلى أهدافها العسكرية والأمنية والحيوية فتحيلها إلى حطام وركام، وإنها الصواريخ بمدياتها التي تأنس للذهاب إلى العمق الصهيوني حيث الأهداف الإستراتيجية والحيوية، وإنها القذائف المدفعية التي تحدث صفيراً ثم تلقي بكتلتها الرصاصية والنارية فوق الهدف.
إنّ رجال حزب الله، قد تعلّموا من مدرسة الحسين(ع) الصبر ومجالدة العدو دون وجل أو هاجس من خوف، وقد كانوا ولازالوا للعدو الصهيوني بالمرصاد، وأصابوه في مقتل، لكن العدو يتكتّم على خسائره الكثيرة والكبيرة، ولو علم ذلك الشتات الذي تم جمعه على أرض فلسطين ما أصابهم من الخسائر لولوا الأدبار وهربوا إلى البلدان التي جاؤوا منها.
في هذه الأيام بدأ الصهاينة والأمريكان يبحثون عن الصلح، ولولا الألم الذي ذاقوه من رجال المقاومة وفي مقدمتهم حزب الله وحماس، لما جنحوا للصلح، لكن عجلة الأيام ودائرتها تدور على الظالم “وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ” (الشعراء/227)، والعاقبة للمتقين والمقاومين الأبطال.