اليوم الثاني لحزب الله بعد الحرب.. صمود وثبات في وجه العدوان

خاص الوفاق :تراجع الجيش الصهيوني إلى ما وراء الحدود في بعض المناطق بعد تكبده خسائر فادحة، إذ قُتل أكثر من 110 جنود وأصيب أكثر من 1,050 منذ بداية العدوان. إضافةً إلى تدمير 48 دبابة ميركافا، وهو ما يؤكد أن المقاومة لم تفقد زخمها بل زادت من فاعليتها

2024-11-25

د. أكرم شمص

 

مع استمرار العدوان الصهيوني على لبنان، يبرز حزب الله كقوة ثابتة ومتماسكة قادرة على إدارة المعركة الميدانية والسياسية بحرفية وحكمة. البيان الأخير للمقاومة الإسلامية وسير العمليات في الميدان يعكس تحضيرًا دقيقًا واستعدادًا عاليًا “لليوم الثاني” بعد الحرب، مع التأكيد على الثوابت الأساسية التي تحكم موقف المقاومة: وقف الحرب، حماية السيادة اللبنانية، وعدم تحقيق الاحتلال في السياسة ما عجز عن تحقيقه في الميدان.

 

الصمود في الميدان: انتصار المقاومة وإدارة المعركة بحرفية

 

إدارة الميدان بتكتيك عالٍ: رغم الضغوط الهائلة والقصف المكثف الذي مارسه العدو الصهيوني، أظهرت المقاومة الإسلامية قدرة استثنائية على إدارة المعركة. تكتيكاتها المدروسة جعلت من الميدان اللبناني حصنًا منيعًا أمام التوغل البري الصهيوني. الكمائن المحكمة، العمليات الصاروخية النوعية، والضربات الدقيقة جعلت الجيش الصهيوني في حالة ارتباك دائم، حيث لم يتمكن من تحقيق أي تقدم استراتيجي على الأرض.

 

التصدي للمرحلة الثانية من التوغل البري: تراجع الجيش الصهيوني إلى ما وراء الحدود في بعض المناطق بعد تكبده خسائر فادحة، إذ قُتل أكثر من 110 جنود وأصيب أكثر من 1,050 منذ بداية العدوان. إضافةً إلى تدمير 48 دبابة ميركافا، وهو ما يؤكد أن المقاومة لم تفقد زخمها بل زادت من فاعليتها.

 

عملية مثلث عيناتا – مارون الراس – عيترون: أثبتت هذه العملية أن المقاومة قادرة على استنزاف العدو ميدانيًا. الكمين الذي وقع فيه لواء غولاني عند هذا المثلث أدى إلى مقتل ضابط وخمسة جنود، وأظهر ضعف العدو في مواجهة تكتيكات المقاومة غير التقليدية.

 

عملية حيفا النوعية وقصف تل أبيب: إثبات القوة الصاروخية

 

ادّعى نتنياهو أن القوة الصاروخية للمقاومة قد تراجعت بنسبة 70 إلى 80%. إلا أن إطلاق صاروخ فاتح 110 على تل أبيب، ونجاح العملية النوعية التي استهدفت مدينة حيفا وقواعدها العسكرية، دحض هذه الادعاءات بشكل قاطع. أثبتت العملية أن المقاومة لا تزال تحتفظ بقدرات صاروخية متطورة يمكنها اختراق العمق الصهيوني وفرض معادلات ردع جديدة.

 

الرسائل الاستراتيجية:

– المقاومة قادرة على ضرب المدن الكبرى وقواعد العدو في أي وقت، مما يُلزم العدو بالبقاء في حالة استنفار دائم.

 

– إجبار 300,000 مستوطن على دخول الملاجئ يعكس تأثير المقاومة النفسي والاستراتيجي على العمق الصهيوني.

 

المفاوضات: الثبات على المبادئ وحماية السيادة

 

في الوقت الذي أدار فيه حزب الله الميدان بحرفية، أظهرت القيادة السياسية اللبنانية ممثلة بالرئيس نبيه بري مرونة مشروطة بالحفاظ على السيادة والكرامة الوطنية. فالرئيس نبيه بري في لقائه مع الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين قد اكد على الموقف اللبناني الموحد الذي يرفض تقديم أي تنازلات تمس بسيادة لبنان.

 

التأكيد على القرار 1701 دون إضافات: لبنان، مدعومًا بموقف المقاومة، يرفض أي تعديلات على القرار 1701 تمنح العدو الصهيوني امتيازات جديدة أو تبرر عدوانه تحت ذريعة “الدفاع عن النفس”.

 

لا يمكن للعدو أن يحصل سياسيًا على ما عجز عن تحقيقه ميدانيًا.

 

أي محاولة لإدخال دور للعدو او بعض حلفائه في الأجواء اللبنانية أو في مراقبة الحدود ستكون مرفوضة تمامًا.

 

الثبات أمام الضغوط: رفض حزب الله الخضوع للابتزاز الأمريكي أو التنازلات التي يسعى العدو لانتزاعها عبر وساطة هوكشتاين. أكدت المقاومة أن التفاوض لا يعني الضعف، بل هو جزء من إدارة معركة سياسية تستند إلى قوة الميدان.

 

محاولة الالتفاف على النصر اللبناني: أميركا والعدو الصهيوني أمام واقع المقاومة

 

في ظل الانتصارات الميدانية التي حققتها المقاومة، تسعى الولايات المتحدة والعدو الصهيوني إلى تحويل الهزيمة العسكرية إلى نصر سياسي خادع. فالمسودة الأمريكية التي حملها هوكشتاين تحاول تحقيق أهداف استراتيجية لم تتمكن الآلة العسكرية الصهيونية من تحقيقها:

 

فرض معادلات جديدة: المسودة الأمريكية تتضمن محاولات لمنح العدو حرية الحركة الجوية وإضعاف قدرة لبنان على حماية سيادته وثرواته. لكن المقاومة أكدت أنها لن تقبل بأي صيغة تسوية تمس بالكرامة الوطنية.

 

تحويل الضغط إلى فرصة: نجاح المقاومة في الميدان نقل الكرة إلى ملعب العدو، وأكد أن إرادة الصمود اللبنانية قادرة على فرض شروط عادلة. محاولة العدو لإظهار نفسه كمنتصر إعلاميًا تتهاوى مع كل ضربة نوعية للمقاومة.

 

الشماتة الداخلية: قراءة في الموقف اللبناني

 

من المؤسف أن بعض الأطراف اللبنانية استخدمت العدوان كفرصة للشماتة بالمقاومة، معتبرة أن الحرب ستؤدي إلى نهاية حزب الله وتسليم سلاحه. هذه الأصوات فشلت في قراءة الواقع الميداني والسياسي:

 

– المقاومة لم تنكسر، بل أثبتت قوتها وصلابتها.

 

– الحديث عن انتهاء المقاومة أو خضوعها يعكس قراءة سطحية لمجريات الأحداث، حيث أثبت الميدان عكس ذلك تمامًا.

 

ثوابت حزب الله: موقف واضح لا يقبل المساومة

 

منذ اليوم الأول للعدوان، أكد حزب الله على ثلاثة ثوابت تحكم موقفه:

 

1- وقف الحرب: المقاومة تسعى لوقف العدوان، لكنها لن تقبل بذلك إلا إذا كان مشروطًا بحماية السيادة اللبنانية.

 

2- حماية السيادة اللبنانية: أي اتفاق يجب أن يحفظ للبنان حقه في أرضه وأجوائه دون تدخل العدو.

 

3- رفض تحقيق الاحتلال سياسيًا ما عجز عن تحقيقه ميدانيًا: المقاومة لن تسمح للعدو بتحقيق مكاسب سياسية تحت غطاء التفاوض.

 

الخلاصة: الصمود يصنع النصر

 

حزب الله اليوم يقف على أعتاب “اليوم الثاني” بثقة وثبات، مؤكدًا أن المقاومة ليست قوة عسكرية فقط، بل نموذج لإدارة المعارك بحكمة وحرفية. العمليات النوعية في الميدان، ورفض الخضوع في السياسة، يثبتان أن لبنان قادر على حماية سيادته وفرض معادلات جديدة في وجه أعدائه.

 

– في الميدان: المقاومة تدير المعركة باحتراف، وتؤكد قدرتها على استنزاف العدو وإلحاق خسائر فادحة به.

 

– في السياسة: المفاوضات لن تكون وسيلة لتحقيق تنازلات، بل أداة لإجبار العدو على الانصياع للحق اللبناني.

 

في ظل هذه الإنجازات، يتأكد أن معادلة الردع والمقاومة ما زالت قائمة، وأن إرادة المقاومة والشعب اللبناني قادرة على تجاوز التحديات وكتابة فصل جديد من الصمود والنصر.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص