د. محمد العبادي
في غزوة مؤتة التي حدثت في السنة الثامنة للهجرة، جعل النبي الأكرم(ص) زيد بن حارثة أميراً على الجيش، وكان النبي(ص) قد أعطى تعليماته العسكرية، وقال: إنْ “قُتِل زيد فجعفر، وإنْ قُتِل جعفر فعبدالله بن رواحة”، وقد استشهد جميع القادة في تلك المعركة .
إنّها تجربة ميدانية غنيّة تعلّم منها المسلمون أن تكون لهم قيادات ميدانية بديلة، وهذا الأمر لا يقتصر على الساحة العسكرية فقط؛ بل على الساحات الأمنية والسياسية والثقافية والاجتماعية أيضاً.
في 2024/11/2، أجرت وكالة أنباء فارس حواراً مع الناطق الرسمي بإسم الحرس الثوري الإيراني العميد علي محمد نائيني، وذكر كلمة مهمة حول طبيعة الإحتياطات والقيادات البديلة في عمل محور المقاومة، حيث قال: “مع أن قتل الأبرياء في الحرب أمر مرير ومؤلم، وأن فقد القادة والمحاربين يعد خسارة؛ لكن محور تنظيمات محور المقاومة وخاصة تلك التي في الخطوط الأمامية قوية جداً؛ بحيث أن يوجد عند كل تشكيل وفئة ميدانية وعملياتية على الأقل خمسة من القادة البدلاء من ذوي الخبرة في القيادة أو الأمرة”.
إنّ هذه الوفرة في وجود قيادات سياسية وعسكرية وأمنية واضحة في تنظيم حزب الله وغيره من قوى المقاومة. ويوم أمس الإثنين أطلق حزب الله أكثر من ٣٤٠ صاروخاً ومُسيَّرة انقضاضية على أهداف عسكرية وأمنية في قلب تل أبيب وحيفا وصفد وغيرها، بحيث أطلقت صفارات الإنذار لمئات المرّات وهرول إلى الملاجئ ملايين الصهيونيين.
يومياً يقوم حزب الله بعشرات العمليات العسكرية وخاصة في الأسابيع الأخيرة.
إنّ هذه العمليات والإصابات للأهداف تكشف عن وجود قيادات ميدانية ذات خبرة لها إشراف أمني وعسكري .
لقد عودنا العدو أن يتكتم على خسائره لأنها خسائر كبيرة لو اطلع الصهاينة عليها لولّوا فراراً إلى الدول التي جاؤوا منها، وذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أمس الثلاثاء، جزء من الخسائر الكبيرة، حيث جاء فيها: “أنه في المستوطنات الواقعة على طول خط المواجهة مع لبنان لا يوجد تقريباً أي مبنى لا يتطلب التجديد أو الهدم وإعادة الإعمار.. وأن هجمات حزب الله دمّرت وألحقت أضراراً بـ٨٨٣٤ مبنى و٧٠٢٩ مركبة و٣٤٣ موقعاً زراعياً”.
إنها القيادات الجديدة قد أوجعت العدو وأصابت قوته العسكرية واقتصاده في مقتل .
وعلى الصهاينة تدور الدوائر لأن أوزار الحرب الإقتصادية والأمنية والسياسية ستتكشف بعد أن تنجلي غبرتها.
نعم، خسرنا قادة كبار في مقدّمتهم سيد شهداء المقاومة السيد حسن نصر الله؛ لكن لم نخسر الحرب، وربحنا نتائجها الحالية والاستراتيجية، وعلى قادة الإحتلال الصهيوني أن يُفكّروا بالرحيل، فهذه الأرض وسمائها ليست أرضهم، وإنما هي أرض فلسطين وأرض لبنان وأرض سورية والأردن ومصر وهي أرض البلاد العربية والإسلامية، وسيدافع عنها أبناء محور المقاومة، لأنهم ينتسبون إلى الأمّة الإسلامية ومقدّساتها.