تقرير خاص للوفاق:

سوق الفلافل في اهواز.. نكهة شعبية يفضلها الزبائن والمشاهير

يختلف طعم الفلافل من مكان لآخر بحسب طريقة تحضيره وبحسب رغبة الزبائن ايضا  وعليه نكهة خاصة الا وهي نكهة الكرم والسخاء من قبل اصحاب المحلات

2023-01-25

 

عاشور الكناني

يقلّب بصور الماضي ويستذكر لحاضاتها الفانية، هنا مع والده وهنا مع  اخيه الاكبر واخرى مع  الاصغر، وهنا مع عربة الفلافل التي كانت منها  بداية حكايتنا.

منذ خمسة عقود ونيف ومازالت تلك العربة تحكي لنا بملامحها القديمة قصة انطلاق مهنة الفلافل  لكن على لسان خالد ابن المرحوم الحاج عيدان الشريفي، يقول خالد: ان حكاية هذه العربة حكاية ذكريات واشتياق وشكرا للنعمة،كنت في العاشرة من عمري وانا امضي ساعات النهار مع والدي وتعلمت منه مالم يتعلمه الكثير من فن التعامل مع الزبائن وطهي الفلافل واعدادها لهم بطريقة شعبية كانت سر نجاح المهنة فيما بعد.

في عام 1970 هُجّرنا من العراق ولم يكن لدينا خيار سوى العيش في ايران وتحديدا في اهواز على اعتبارها الاقرب ثقافيا لنا، لم يكن والدي يملك اي مهنة انذاك كان يصل كل يوم في وقت متأخر من الصباح في شارع جانبي صغير مترب ليقيم هذه العربة المتواضعة مع باقة كبيرة من الخضار، كان يجلس بهدوء في الزاوية وكأنما امتعض من الدهر وتقلبات ايامه لكنه شيئا فشيئا تراجعت قواه. من جانب آخر كنا صغارا لانعلم من الحياة شيئاً سوى اللعب دون تكاسل رغم حراراة الصيف الملتهبة وسرعان ما كبرنا واستشطنا قوة في وجه صخب الحياة ومعترك المعيشة، كانت قصتنا اشبه بالمد والجزر يوما لنا ويوم علينا.

مسميات عدة

شارع انوشه او شارع لشكراباد او شارع الفلافل مسميات عدة اشتهر بها هذا الشارع وسرعان ما اخذ طابعا اعلامیا ممیزا على مستوى البلاد بعد ان کانت بوادر انطلاقه من عربات وبسطات متواضعة تحولت فیما بعد الی محلات ومطاعم شعبیة  علی الاطلاق آلت الى اعتماد اغلبية سكان الحي عليها بطريقة شعبية سياحية حضارية حتى اصبحت اكلة الفلافل  فيما بعد طبقا يتسامرون به الاهوازيون اناء الليل واطراف النهار.

اختلاف طعم الفلافل من مكان لآخر

 

هنا يختلف طعم الفلافل من مكان لاخر بحسب طريقة تحضيره وبحسب رغبة الزبائن ايضا  عليه نكهة خاصة الا وهي نكهة الكرم والسخاء من قبل اصحاب المحلات حيث يشيد الجميع هنا على كرم اهالي المحلات بأنهم لايكترثون للزبائن عند تقديمهم المال مقابل الطعام حين الخروج من المحلات، ابو حيدر وهو من الاوائل الذين امتهنوا تلك المهنة في الشارع ان مطعمة الشعبي لاكلات الفلافل والذي يستقطب المآت في كل ليلة ان عماله لا يراقبون الزبائن حين تقديمهم المال وفي بعض الوقت ينصرف بعض الزبائن دون تقديم المال بسب الزحام والنسيان لكنهم يأتون بعد فترة ويسددون ماكان عليهم من الطلب، اما الزبائن القاطنين في المحافظة والمدينة فأنهم يتصلون هاتفيا مع ابو حيدر ويطلبون منه رقم البطاقة البنكية لتسديد فاتورة الفلافل، ظاهرة غلبت على مطاعم الفلافل في حي لشكر اباد فالجميع يذكرون هذه الظاهرة التي قل نضيرها في مناطق وبلدان اخرى .

 الفلافل اكلة الفقراء وطبق الاغنياء

يقول ابو محمد والذي يقول انني لاافارق هذا الشارع منذ طفولتي لدي ولع ان ازوره مع العائلة، انه هنالك عدة اسباب استقطب من خلالها الشارع الزبائن مع عائلاتهم بكثرة، الاول ان وجبة الفلافل  تعتبر من أرخص الأكلات في اهواز، ويمكن لأسرة مكونة من ثلاثة او اربعة أفراد أن تتعشى بمبلغ دولار واحد، وهذا ما يجعل سعره منخفضا مقارنة ببقية الأطعمة والمأكولات التي ارتفعت أسعارها خلال السنوات الأخيرة.

 القهوة العربية

لا يقتصر سوق  انوشة او سوق الفلافل بحركة التجارية النشيطة والمتزايدة يوما تلو الاخر  على وجبات الفلافل، بل تستقطب القهوة العربية -التي تقدمها بعض المحال التجارية المحاذية لمحلات الفلافل وكذلك الخلطات الخليجية التي عادة ماتكون سهرة لاغلبية الشباب وتسامرهم “.ولا تخلوا  في السوق الكتابات العربية والفارسية على اللوحات التي تحمل أسماء مختلفة ومتنوعة ولكل اسم له معنى ودلالة على اسم صاحب المطعم او المحل عندها وانت تتجول  ترى مشهدا جميلا مع تراصف وتقارب المحال المتجاورة مع بعضها للبعض الاخر .

معلومة  متفق عليها

يقول اغلبية سكان الحي  أن منشا الفلافل  هي أكلة مصرية دخلت العراق ومن ثم نقلها المعاودون (المهجرون إلى إيران في عهد النظام العراقي السابق قبل أكثر من 30 عاما) إلى جنوب إيران على اعتبارها المنطقة الاقرب جغرافيا وثقافيا له.

سوق الفلافل أصبح واجهة لشخصيات عديدة

وانت تتجول في اروقة الشارع وبين زحام السيارات ودوي اصحاب المحلات وبمناداتهم لاكرلاهم الشعبية فجأة تشاهد لاعبا رياضيا او ممثلا اوبعض الوقت شخصية سياسية او اعلامية وهم ينبهرون بکرم اهله وبطریقتهم الشعبیة التي اصبحت سر نجاحه وشهرته، الشاعر محمد الهليجي شاعر معروف على مستوى البلاد يقول وانا في عمر السابعة عشرة وانا اتجول في الشارع ومنذ ذلك الحين دأبت على التجوال فيه ومشاهدة اناسه ومحلاته واكلاته ورأيت الكثير من الشخصيات يتجولون فيه ويتذوقون من اطعمته ما لذ وطاب ان سر نجاح السوق الشعبي هنا في الاهواز يعتمد على سببين مهمين الاول هو العادة او الاسلوب الاجتماعي والشعبي المتخذ والذي يرحب بالقاصي والداني دون تمييز وبلغتهم الشعبية، اما الاهم من ذالك كله فهو عدم وضع قيود على مقدار الطعام الذي يريد الزبون تناوله وكذلك عدم الطلب من الزبون ان يحاسب بعد الاكل اذ انه يستطيع ان يمضي دون حساب بحيث هنالك العديد من اللافتات المكتوب فيها ان الزبون باستطاعته ان يأكل مايريد دون ان يدفع اي شيء في حال عدم توفر المال المطلوب مقابل الغذاء وهذا هو من اهم المميزات التي تميز بها الشارع ومحلاته الشعبية.

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة