ان التفكك الأسري يترك ندوبًا مؤلمة على الأطفال والمراهقين، ويؤثر عليهم عاطفيًا ونفسًا وتربويًا وأخلاقيًا وعلميًا.
فالتفكك الأسري له مخاطرَ وآثارًا سيئة على الأطفال، ومنها: النقص العاطفي، والمشاكل النفسية، والإهمال التربوي، وعدم الشعور الحقيقي بالانتماء للعائلة والأسرة، وقد يسلكون مسالك الانحراف والجريمة.
إن التفكك الأسري يشير إلى وجود اختلال واعتلال وتصدع في بناء وسلوك الأسرة والعائلة، ويؤدي إلى حدوث اختلافات وتصدعات ومشاكل مزمنة بين أفراد الأسرة الواحدة.
ومن سمات الأسرة المتفككة: غياب التعاون والتراحم والتحابب بين أفرادها، وشيوع التنافر وربما الكراهية والتباغض بينهم، وغياب الاحترام والتقدير والثقة المتبادلة بين أفراد الأسرة الواحدة.
والتفكك الأسري ينتج إما لأسباب مباشرة كانفصال الزوجين عن بعضهما البعض أو موت أحد الوالدين أو سفر أحدهما أو غيابه لفترة طويلة؛ وإما لأسباب غير مباشرة كغياب الانسجام والوئام بين الوالدين، وضعف التواصل والتفاهم والحوار بين أفراد الأسرة، والإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها.
من أهم أسباب التفكك الأسري: هو حدوث الطلاق، مما يخلق مشاكل نفسية وعاطفية وربما مادية للأولاد، ولذا نهى الإسلام عنه إلا في حالات استثنائية، فقد روي بسند صحيح عن رسول الله(ص): «مَا مِنْ شَيْءٍ أَبْغَضَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ بَيْتٍ يُخْرَبُ فِي الْإِسْلَامِ بِالْفُرْقَةِ، يَعْنِي الطَّلَاقَ»، وعن الإمام الصادق(ع) قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ – أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ، وَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ الْمِطْلَاقَ الذَّوَّاقَ».
ومن هنا لابد من عدم التسرع في طلب الطلاق والانفصال، ومعالجة المشاكل والخلافات الزوجية عبر الحوار والتفاهم والتصالح بين الزوجين حفاظًا على الأسرة والعائلة من التفكك والتشتت والضياع.
إن بعض الأسر والعوائل تعاني من آثار الطلاق السيئة، وخصوصًا ما يتركه من آثار سلبية على الأطفال والمراهقين، وما يسببه من تصدع في الأسرة، وتفكك بين أفراد العائلة، وانعدام التماسك والترابط بين أفراد الأسرة الواحدة، كما أنه قد يؤدي إلى غياب التربية السليمة والتنشئة الصحيحة للأطفال.
كذلك لابد من التأكيد على أهمية إبعاد الأطفال عن أية مشاكل أو خلافات تحدث بين الزوجين، وضرورة إشعارهم بالحب والعطف والحنان واللطف من والديهم حتى يكونوا أطفالًا أسوياء، ويتربوا تربية سليمة؛ وهذا ما يتحقق غالبًا مع ترابط الأسرة وتماسكها المتين.
ان تفكك الأسرة، له مخاطر وآثار سيئة لابد وأن تنعكس على الأطفال والمراهقين، ويأتي في مقدمتها شعورهم بالنقص العاطفي والنفسي، وهذا الشعور له تداعيات ومفاعيل خطيرة في تنشئة الأولاد وتربيتهم، وقد يؤدي بهم إلى الاضطراب السلوكي والقلق المرضي، وربما الاكتئاب، والإصابة ببعض الأمراض النفسية.
إن مشاهدة الأطفال لحالات الشجار والخصام وارتفاع الأصوات المستمر بين الزوجين لابد وأن ينعكس سلبًا على الحالة النفسية والعاطفية لهم، فإذا شاهد الأولاد أن الأب يضرب أمهم ويهينها ويمتهن كرامتها ويعتدي عليها بمختلف أنواع العنف الأسري، أو رأوا الأم تهين الأب بكلمات بذيئة أو بعبارات غير لائقة أو تصرفات تنم عن عدم الاحترام والتقدير؛ فهذه الصور السيئة من التعامل بين الزوجين لا شك أنها تنعكس سلبًا على نفسية الأطفال وتؤذي مشاعرهم، وتشعرهم بعدم الراحة النفسية، وغياب الحنان والعطف والحب، مما يؤدي إلى اضطراب الأولاد وقلقهم.
لذلك لابد من الحفاظ على تماسك الأسرة والحفاظ عليها، فالأسرة المتماسكة والمترابطة تكون سكنًا لجميع أفرادها؛ إذ يشعرون بالطمأنينة والراحة النفسية في ظلالها، ويتخففون من الآلام والمشاكل الحياتية في رحابها؛ لأنهم يشعرون بالأمان والعزة والفخر والوحدة في ظل أسرتهم المترابطة والقوية.
ان من مميزات الأسرة المترابطة شيوع قيم التعاون والتراحم والتحابب بين أفرادها، والمشاركة بفعالية في المناسبات التي تخص العائلة والأسرة، فتراهم يدًا واحدة في تحمل ومعالجة قضاياهم، وكالجسد الواحد يشد بعضه بعضًا في مساعدة بعضهم للبعض الآخر.
الشيخ عبدالله اليوسف