د. محمد العبادي
يمكن قراءة الموقف الإيراني من خلال ما يصدر عن وزارة الخارجية من مواقف وتصريحات أو بيانات، ومن خلال ما يقوله وينطق به الإعلام، ومن خلال ما يقوله كبار المسؤولين، وهمسات الشعب ونبضه عن ما يجري في سورية، ويبدو أن بيان وزارة الخارجية الإيرانية كان قد أحاط بما يقوله الشعب الإيراني وقادته وإعلامه، ولهذا جاء بيان الخارجية الإيرانية دقيقاً وتحدث عن مفردات مهمة، وهي: “وحدة الأراضي السورية، الدعوة للحوار الوطني الشامل، ورفض التدخلات الأجنبية، والحفاظ على أرواح السوريين وضيوفهم، وحماية البعثات الدبلوماسية، وحماية الأماكن المقدسة، إستمرار العلاقات التاريخية وإقامة علاقات تعاون بين إيران وسورية في مختلف المجالات..”.
إيران كانت لديها علاقات تاريخية وثيقة مع النظام السوري السابق، وتلتقي هذه العلاقات عند مشتركات كثيرة مثل وجود عدو مشترك لهما، يتمثل بالعدو الصهيوني ومن ورائه أمريكا، ودفاع إيران عن الحق السوري في استعادة أراضيه المحتلة، ودعم ايران للفصائل الفلسطينية التي تسعى لتحرير أراضيها المغتصبة، ووجود مصالح أمنية واقتصادية ومشتركات ثقافية، وتقارب المواقف السياسية.
إنّ إيران كانت قلقة مما يجري في البلدان العربية المجاورة لها، وساورتها مخاوف أمنية، ومن حقها أن تبحث عن مصالحها وأمنها، سيما وأن لديها قوميات ومذاهب واديان مختلفة على جغرافيتها الواسعة .
لقد دعمت إيران استقرار سورية، لأن عدم استقرارها له ارتدادات وامتدادات في داخل أراضيها، ولهذا جاء بيان وزارة خارجية الجمهورية الإسلامية ليؤكد على وحدة الأراضي السورية.
كما إنّ إيران شاهدت تجربة الحكم في العراق وليبيا وافغانستان وتونس والسودان، فلم ترَ تلك الدول الاستقرار ولم تشعر بالأمن إلا بالوفاق والحوار الوطني الشامل ولو تم إقصاء فئة أو جهة فإنّ ذلك ينعكس سلباً على تضامنها الإجتماعي وسلمها الأهلي، وحتى عندما كانت علاقتها مع النظام السوري السابق جيدة كانت تدفع باتجاه الحوار الوطني الشامل، وتدعو إلى النأي عن الأجندة الأجنبية وتدخلاتها الشيطانية.
إن التلاقي الوطني لجميع أطياف الشعب السوري يمثل حاجة وطنية ملحة وهو ما أكد عليه بيان وزارة الخارجية الإيرانية في أن يكون الحوار الوطني يضم جميع الأجنحة والاتجاهات والفئات.
إن الشعب السوري من الشعوب التي تحمل إرثاً ثقافياً واجتماعياً وحضارتها وتاريخها يشهد على حسن تعاملها مع ضيوفها ومقدساتها، وبناء عليه دعا بيان وزارة الخارجية الإيرانية إلى الحفاظ على أرواح السوريين، وحماية ضيوفها، والحفاظ على مقدساتها وأماكن البعثات الدبلوماسية.
إن إيران تنظر إلى المستقبل وتدعو إلى إستمرار علاقاتها المتشعبة مع الشعب السوري وفتح باب التعاون في المجالات الاجتماعية الاقتصادية والأمنية والسياسية، وأنها تنظر إلى مصالح البلدين وازدهارهما في فتح باب التعاون في المجالات المختلفة.
إن النزاعات والاختلافات لو وقعت واقعتها في سورية ستؤدي إلى توقف عجلة التنمية، وستأخذ بالبلد نحو التخلف وعدم الاستقرار، ولهذا تدعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى نبذ الخلافات وخاصة الخلافات السياسية من أجل بقاء عزة وكرامة الشعب السوري.
إن مصلحة الشعب السوري تقتضي أن يسلك الجميع سبيل الحكمة والعقلانية، والابتعاد عن الأساليب الإنفعالية والتي تؤثر على سمعة سورية وسمعتها الطيبة، بل مكانتها الدولية. إن سورية بحاجة إلى الاستقرار وهو لايتم إلا بالتضامن الداخلي ، ومد يد التعاون مع الخارج وخاصة مع الدول العربية والإسلامية.