نشرت صحيفة “تاغس تسايتونغ” مقالاً تناول فيه الوضع السيئ لـ”كاير ستارمر”، رئيس وزراء بريطانيا، وتهيؤ الظروف لصعود اليمين المتطرف في البلاد. وذكرت الصحيفة أن ستارمر فقد ثقة كبيرة خلال فترة رئاسته القصيرة للوزراء.
يتعرض حزب العمال بقيادة ستارمر للسخرية المستمرة بسبب تعديلاته المتكررة للأهداف وضعف التواصل. وفي الوقت نفسه، تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم حزب الإصلاح اليميني المتطرف بقيادة “نايجل فاراج” على حزب العمال.
وفي هذه الظروف، يعتزم فاراج الاستفادة من علاقاته الجيدة مع “دونالد ترامب” لتحقيق أهدافه. ولم يكن الوضع بالنسبة لكاير ستارمر أسوأ مما هو عليه الآن. فمنذ فوز حزب العمال في الانتخابات العامة في يوليو وتوليه رئاسة الوزراء البريطانية، فقد قدراً كبيراً من الثقة.
بدأت الأزمة عندما ألغت الحكومة البريطانية المزايا الشتوية لعشرة ملايين متقاعد محتاج. ثم تراجعت حكومة ستارمر لاحقاً عن سياسات التقشف المحافظة وعادت لتقديم مساعدات إضافية للعائلات التي لديها أكثر من طفلين. كما أثار ستارمر استياء الشركات الصغيرة والمزارعين والمجالس المحلية في جميع أنحاء البلاد بزيادة غير متوقعة في الضرائب. وبعد فترة قصيرة، اضطر “سو غراي”، مدير مكتبه، للاستقالة بسبب تقارير عن ارتفاع راتبه.
وفيما يتعلق بعلاقته مع الاتحاد الأوروبي، حاول ستارمر الابتعاد عن خطة البداية الجديدة مع بروكسل، خوفاً من اتهامه بمحاولة إعادة بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. كما ظلت مشكلة الهجرة غير المحلولة عبئاً ثقيلاً عليه. وأدت برامجه الغامضة وخطواته المترددة في القطاع الاجتماعي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار.
إن حقيقة أن ستارمر ليس لديه رؤية لبلاده وأنه يواجه التحديات الجديدة داخل وخارج بريطانيا بنفس وصفات المحافظين، قد أضعفت سمعته بشكل خطير في الشتاء.
وفي هذه الأثناء، أصبح مؤيدو حزب العمال في حالة عصبية شديدة. فشعبية الحزب بين الناخبين تتراجع يوماً بعد يوم. ووفقاً لأحدث استطلاعات الرأي، لم يعد بإمكان الحزب الاعتماد على أكثر من ربع الناخبين. كما أظهر استطلاع جديد للرأي أن حزب الإصلاح الشعبوي اليميني بقيادة نايجل فاراج قد تجاوز حزب العمال.
وفي هذا السياق، يلعب فشل حزب المحافظين في استعادة مكانته بعد الهزيمة الانتخابية القاسية في الصيف دوراً مهماً في صعود اليمين المتطرف في بريطانيا. فبدلاً من الاستفادة من المسار التنازلي لحزب العمال، لم يختر المحافظون بعد مساراً واضحاً وصحيحاً لأنفسهم.
وبالتالي، من بين اللاعبين الرئيسيين، نايجل فاراج وحده هو من اكتسب شعبية مستمرة مؤخراً. يبلغ متوسط نتائج استطلاعات الرأي لحزب الإصلاح الخاص به حالياً أكثر من 20 في المئة. ويتزايد عدد أعضاء الحزب باستمرار، كما ينضم إليه المزيد من المحافظين البارزين. وقد بدأ الحزب، من خلال 400 جمعية محلية، في إرساء الأسس لوجود دائم في الساحة السياسية.
ومع ذلك، وبسبب خصائص قانون الانتخابات البريطاني، فإن حزب الإصلاح اليميني المتطرف لديه خمسة نواب فقط في مجلس العموم على الرغم من حصوله سابقاً على أكثر من أربعة ملايين صوت في الانتخابات. وما زال في وضع مالي ضعيف نسبياً في الوقت الحالي.
وفي هذا السياق، نشرت بعض وسائل الإعلام أخباراً تفيد بأن إيلون ماسك يعتزم منح فاراج 100 مليون دولار قريباً.من جانبه، يصمم فاراج الآن على الاستفادة الكاملة من علاقاته الجيدة مع دونالد ترامب بدءاً من العام المقبل. وهو يرى نفسه شخصية مقربة من ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة، وكحلقة وصل مستقبلية بين لندن وواشنطن.
وبشكل عام، لم يعد لدى فاراج أي شك في أنه يمكنه إحداث ثورة حقيقية في السياسة البريطانية في السنوات القليلة المقبلة، نظراً للاستياء المتزايد بين الناس من الأحزاب الحاكمة. ويرى نايجل فاراج نفسه حالياً رئيس الوزراء القادم والمنتصر في المعركة ضد الحزبين القائمين، والمؤشرات الحالية تبدو جيدة جداً لنجاحه.
يتزايد نفور البريطانيين من كلا الحزبين الرئيسيين. ويدرك حزب ستارمر أكثر فأكثر مدى حاجته إلى توحيد حزب العمال وتحقيق نجاحات سريعة ومقنعة للحكومة في هذه الظروف.
إذا فشل كير ستارمر، فسيعزز ذلك بلا شك اعتقاد العديد من الناخبين بأن أياً من الأحزاب “القديمة” غير قادر على تحسين أوضاع البلاد. و”نايجل فاراج” يستعد حالياً لهذا السيناريو.