“آلة القتل لم تتوقف للحظة واحدة منذ أكثر من شهرين، وبأساليب وأسلحة غير معهودة ومحرمة دوليًا، فالاحتلال الصهيوني يواصل سعيه لإنهاء أي معالم للحياة في شمال قطاع غزة”، كلمات بسيطة اختصر فيها الفلسطيني خالد المصري الأهوال التي يعيشها السكان في شمال القطاع جراء جرائم الاحتلال.
ومنذ أكثر من شهرين يواصل جيش الاحتلال حصاره لبلدات بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا والمناطق السكنية التابعة لها، ويفصلها عن كامل القطاع، في عملية عسكرية هي الأعنف منذ عدوانه على غزة قبل أكثر من عام.
مجازر مروعة
ويروي المصري، ، شهادته المروعة عن المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال بحق السكان في شمال القطاع، مستغلًا غياب التغطية الإعلامية والتكتيم الذي يفرضه على المناطق التي يتحرك بها عسكريًا، مبينًا أن الاحتلال مسح بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون عن الخريطة وأباد سكانهما.
“ذقنا ألوانًا من العذاب”، يفيد المصري بأن الاحتلال يعتمد وسيلتان رئيسيتان في القضاء على ملامح الحياة في شمال القطاع، إما بقتل السكان أو إجبارهم على النزوح لمناطق الوسط والجنوب.
ويضيف: “مئات الطائرات المسيرة من نوع كواد كابتر والتي تحمل أسلحة نارية وقنابل تتحرك في مختلف المناطق وتستهدف كل ما هو متحرك من السكان، وتعدم بدون أي رحمة كل مظاهر الحياة في شمال القطاع، وتحول الكثيرين لطعام للكلاب الضالة”.
ويشير إلى أنه “نجا والعشرات من أبناء عائلته أكثر من مرة من الموت بأعجوبة، وخسروا عددًا منهم خلال محاولات الهرب المستمرة من آلات القتل الإسرائيلي”، متابعًا: “من يصاب بنيران الاحتلال محكوم عليه بالموت في ظل عدم وجود إمكانيات طبية لعلاجه”.
روبوتات مفخخة
وللمعاناة فصول متعددة، ترويها غالية القصاص، إحدى الناجيات من مجازر الاحتلال الإسرائيلي، والتي خرجت مرات عدة من تحت أنقاض المنازل التي دمرتها الروبوتات المفخخة في بلدة بيت لاهيا، مؤكدة أنها نجت بأعجوبة في كل مرة.
وتقول القصاص، إنها كانت في منزل رفقة نحو خمسين فلسطينًا فروا من جرائم الاحتلال في مختلف المناطق، عندما داهمت المنزل عددًا من الروبوتات المتفجرة ودمرته بالكامل، ما أدى إلى استشهاد جميع من في المنزل باستثناء ثلاثة هي كانت أحدهم.
وتوضح أنه “وقبل الانفجار الذي أدى إلى انهيار المنزل سمعت أصواتاً غريبة لتحرك آليات، والتي تبين لاحقًا أنها الروبوتات المفخخة التي يرسلها جيش الاحتلال لتدمير المنازل”، وقالت إنها والمتحصنين في المنزل لم يحصلوا على الوقت الكافي للنجاة من آلة التدمير الإسرائيلية.
وتضيف القصاص: “ذقنا الويلات ونرفض النزوح بالرغم من ذلك، خاصة وأننا ندرك أن بقاءنا هو الأمل الوحيد من أجل إفشال مخططات الاحتلال الإسرائيلي بتحويل الشمال إلى ثكنة عسكرية وإعادة المستوطنين إلى غزة من بوابة بلداته”، مؤكدة تصميمهم على البقاء برغم القتل المتواصل والحرمان من الطعام والماء.
معاناة الحواجز العسكرية
وعلى حواجز الاحتلال العسكرية التي نصبت في شمال القطاع، يتفنن جيش الاحتلال بإذلال وإهانة الفلسطينيين، وتحديدًا فئة الشباب، فيما يجبر بعض النساء على إجراء مقابلات صحافية مع وسائل إعلام عبرية للحديث بالسوء عن المقاومة، يقول خالد بصل، في شهادته على جرائم الاحتلال بشمال القطاع.
ويقول بصل، إن “جيش الاحتلال أرغمه والعشرات من الشباب على خلع ملابسهم بالكامل والتفتيش العاري خلال نزوحهم من مخيم جباليا إلى بلدة بيت لاهيا”، مؤكدًا أن بعض النساء والأطفال تعرضوا لمعاملة قاسية للغاية.
ويفيد بأنّ “جيش الاحتلال كان يجبرنا على الظهور ببعض المقاطع المصورة لإظهار معاملته الآدمية معنا؛ إلا أن الحقيقة أننا خرجنا من حواجزه عراة وتحت وابل من الرصاص والقصف وتحت رحمة طائراته المسيرة”.
ويضيف: “جيش الاحتلال وللتسلية أقدم على تفجير طائرة كواد كابتر في مجموعة من النازحين، بعد أن نجحوا في عبور أحد حواجزه، الأمر الذي أوقعهم بين شهيد وجريح، كما منع أي من النازحين من تقديم العلاج أو المساعدة لهم”.
ويشير إلى أن “رائحة الموت تعج في مختلف الأماكن في شمال القطاع، والجثث ملقاة في مختلف الشوارع والأزقة”، قائلًا: “يبدو أن الاحتلال يقاتل بجيش من المرتزقة عديمي الرحمة، وسيواصل العمل لقتل الحياة في شمال غزة.
أحمد بركات