أوروبا وذريعة حقوق الإنسان مرة أخرى!

الغرب ومن خلفهم أميركا دائما ما يستغلون حقوق الإنسان كذريعة للضغط على الدول ولتمرير أجنداتهم وأهدافهم السياسية

2023-01-27

جميل رحال

كل الأنظار اتجهت مؤخرا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خلفية أحداث الشغب التي حصلت في البلاد، وأصبحت ايران الشغل الشاغل للغرب ومصدرا لأدواتهم الإعلامية في المنطقة  والعالم، وكان الحدث الأبرز والأهم خلال الأيام الماضية، هو اجتماع البرلمان الأوروبي وما نتج عنه من قرارات أو دعوات استهدفت الجمهورية الإسلامية في ايران وتحديدا مؤسسة الحرس الثوري الإسلامي، حيث صوت البرلمان الأروربي لفرض مزيد من العقوبات على أية كيانات أو أفراد إيرانيين مسؤولين عن انتهاكات لحقوق الإنسان (على حد تعبيرهم) بالإضافة للتصويت على إدراج الحرس الثوري ضمن القائمة السوداء أو قائمة الجماعات الإرهابية بذريعة ما أسموه عمليات القمع والإعدام التي مارسها الحرس الثوري ضد المتظاهرين، وطالب الإتحاد الأوروبي كذلك بإدراجه، أي الحرس الثوري، على هذه القائمة.

واللافت في الأمر أنه على الرغم من الهالة الإعلامية التي صاحبت الإجتماع وما نتج عنه، إلا أنه وبحسب المختصين في القانون الدولي والمطلعين على المواد القانونية التي تؤطر عمل البرلمان الأوروبي، فإن هذا البرلمان ليس سلطة تشريعية مستقلة وإنما دوره لايتعدى أكثر من تقديم مقترحات للإتحاد الأوروبي، وهذا يعني أن هذه المطالبات تبقى في إطار الحملة الإعلامية، إلا في حال أقرها الإتحاد الأوروبي، ولكن ما هي الغاية من هذه الحملة الإعلامية وما هذه المطالبات ؟

اعتدنا سابقا وعلى مدار التاريخ، أن الغرب ومن خلفهم أميركا دائما ما يستغلون حقوق الإنسان كذريعة للضغط على الدول ولتمرير أجنداتهم وأهدافهم السياسية، وحتى نحدد بدقة ما هي أهدافهم هذه المرة ضد الجمهورية الإسلامية علينا أن نستعرض المقترحات التي تم التصويت عليها خلال الجلسة الأخيرة للبرلمان الأوروبي سواء كان التصويت بالموافقة أو الرفض.

وكما ذكرنا تم التصويت على فرض مزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية بالإضافة إلى المطالبة بإدراج مؤسسة حرس الثورة الإسلامية على قائمة الإرهاب والتصويت على هذه المقترحات جاء بالإيجاب، أما بالنسبة للتصويت على تعليق مفاوضات البرنامج النووي الإيراني فجاء سلبيا، ولم يؤيد البرلمان الأوروبي هذا الأمر، وهنا بيت القصيد، أي أن الغرب يلوح بتشديد العقوبات على ايران وفي ذات الوقت يبدي رغبة بعدم القضاء نهائيا على مفاوضات البرنامج النووي، ويتضح أن الهدف من كل ما يمارسه الغرب الآن من ضغوطات على الجمهورية الإسلامية والتلويح بتشديد العقوبات تحت عناوين وذرائع واهية، إنما هو لأجل الضغط عليها للحصول على تنازلات فيما يخص االبرنامج النووي، أي أن المقترحات التي تم التصويت عليها ليست إلا تصعيد إعلامي أو تلويح بخيارات مطروحة لإجبار الجمهورية الإسلامية على القبول بمطالب الغرب المتعلقة بالإتفاق، وفي حال تم  تقديم التنازلات تبقى هذه المقترحات في إطارها كمقترحات، أما في حال عدم تقديم التنازلات فقد يتم التصعيد أكثر وتعرض هذه المقترحات على الإتحاد الأروبي لتأييدها.

وبالعودة إلى الإتفاق النووي بين ايران من جهة ومجموعة 5+1 من جهة أخرى نجد أنه على الرغم من إيفاء ايران بجميع التزاماتها اتجاه الإتفاق إلا أن أميركا لم تكتف بذلك، واتضح أن الهدف الأميركي ليس فقط ضمان عدم سعي ايران للحصول على السلاح النووي، وإنما استهداف البرنامج الصاروخي الإيراني الذي هو حق لإيران في الدفاع عن نفسها، وبدا جليا أن ما تعمل عليه أميركا ومن خلفها الكيان الصهيوني هو أن تتخلى ايران حتى عن برنامجها الصاروخي، وما يجري حاليا من ضغوط تمارس على ايران تحت ذريعة حقوق الإنسان، ليس إلا حلقة جديدة من مسلسل التهديدات الغربي لإجبار ايران على التخلي عن قدرتها العسكرية.

المصدر: الوفاق خاص