الشاعرة اللبنانية الملتزمة "فاطمة السحمراني" لـ "الوفاق":

ثقافة المقاومة لابد أن تتجسد فناً وشعراً

حجاب المرأة رمز العفاف والطهارة والقداسة... الحجاب رمز الشرف والشرفاء

2022-10-29

الوفاق/ خاص/ موناسادات خواسته

الشعر لغة الأرض والسماء، موهبة الهية تختص الأرواح الطيبة التي في طيبتها تنشد الأبيات الشعرية، ولقد لمع كثير من الشعراء في سماء الأدب، ولكن الشعراء الذين ينشدون الأشعار الملتزمة النابعة من أعماق الروح، أشعارهم تجري على الألسن، وتواجه إقبالاً كبيراً، كأن ما يخرج ويصدر من القلب، يدخل على قلوب الآخرين ويترك أثراً  كبيراً في الروح، فمن بين هؤلاء الشعراء الملتزمين، الشاعرة اللبنانية الملتزمة بأشعارها وحجابها ونشاطها “فاطمة السحمراني”، حيث حصلت على جوائز عديدة في مختلف المهرجانات الدولية ومنها مسابقة بصمة الثقافية الأولى في العتبات المقدسة بكربلاء المقدسة، لقصيدتها “سفيري الى الحسين (ع)”، والمهرجان الدولي العاشر للشعر الرضوي باللغة العربية في ايران، وغيرها، كما أنها أنشدت شعرا تحت عنوان “عروس القدس” أهدته لـ “عهد التميمي”، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معها، وفيما يلي نص الحوار:

الدافع لإنشاد الشعر

بداية سألنا “السحمراني” عن الدافع الذي دفعها لإنشاد الشعر، فقالت: الله عز وجل خلق في نفسي حب الكلمة العربية والتعبير الشعري بها، لأعرب عن مكنونات وجدي وروحي وبما إن كل مكنوناتي موجهة ومصوبة لتصب في محور محمد وآل محمد (ص) وخط آل محمد (ص) الذين أرشدونا إليه فكان الهدف أن أكون خادمة لأهل البيت عليهم السلام وأكون صاحبة كلمة حق يراد بها الحق.

الأشعار الدينية والمقاومة  

بعد ذلك طلبنا منها أن تبيّن لنا  كيف وجدت الأشعار الدينية والمقاومة؟ وكيف تختار الموضوع؟ فهل هناك ظروف او مواقف خاصة؟، فهكذا ردّ علينا بالجواب: لا أجد قيمة للأبداعات الشعرية إن لم تكن هادفة. فوجود المقاومة شعراً وقلماً لا يقل قيمة عن وجود المقاومة سلاحاً وبندقية.

لا بد من المشهدية التي تخطف بال الشاعر لتكون نقطة انطلاق للكتابة بموضوع معين. هذه المشهدية قد تكون واقعية من مشهد بصري. او تكون حسية من مشهد أثار الإحساس أو جيش العواطف والمشاعر ثم انسكب من بال الشاعر كلاماً عذباً مموسقاً بأنغامٍ وأوزان تليق بأفكار الكاتب.

الغزو الثقافي

عندما سألنا الشاعرة اللبنانية أنه كيف يمكن نشر ثقافة المقاومة ومواجهة الغزو الثقافي في الحرب الناعمة التي يشنها العدو لنا عبر الفن والشعر؟، قالت: أكبر الغزو وأخطره هو الغزو الثقافي وفي مقابله المقاومة أي ثقافة المقاومة.

ولعل أكبر مدرسة يجب أن نبقى على مقاعد صفوفها مهما تقدمت بنا الحياة هي مدرسة الإمام الحسين عليه السلام الذي علمنا معنى أن نكون أحراراً وعلمنا ثقافة انتصار الدم على السيف فكل ما لدينا هو من عاشوراء لذا اجمل ما قد يكتب الشاعر وأعظمه في الدنيا والآخرة هو الكتابة لأبي الأحرار وسيد الشهداء عليه السلام.

اني أعرب عن كل الأسف أن الغزو الثقافي قد طال بعض الشعراء والمثقفين عبر بعض دول الخليج الفارسي الذين هم ادوات الإستعمار.

لكن إطلاق المهرجانات الشعرية والمسابقات البحثية والأدبية تساهم بشكل فعّال في الحفاظ على النهج القويم والرجوع إليه مهما كثرت عواصف الأخطار بالمتدينين.

قصيدة “سفيري الى الحسين (ع)”

وأما حول قصيدة “سفيري الى الحسين (ع)”،  وكيف جاءت الفكرة وما هي ردّات الفعل عند قراءتها في المهرجانات او عند الجمهور؟، قالت “السحمراني”: فكرة قصيدة “سفيري إلى الحسين (ع)” نشأت من المشاعر التي احتشدت أمام شاشة التلفاز التي كانت تنقل لنا مجريات اعتداءات التكفيريين على أهلنا في العراق ولا أنسى أن المشهد الواقع أمامي كان في الموصل.

وكان ولدي إلى جانبي وقد انفعل كما انفعلت فنظر ببراءة طفولته بوجهي وقال: لو تضعوني في جوف مدفع وتطلقوني نحو داعش لأنفجر بهم وأجعلهم مزقاً.

كتبت القصيدة بكل حب، بكل فخر، بكل أمل، أن يقبله سيدي أبا عبدالله الحسين عليه السلام في صفوف أنصاره.

مرة ً ظنوا اني أم لشهيد تفاعلوا وبكوا وأشفقوا (كما في أمسية حسينية في لبنان)، ومرةً صفقوا بحرارة للشعر للحماس للدم النابض في سطور القصيدة كما في (شادكان) في مهرجان كبير للسيد عبد الزهراء الكعبي رحمه الله في محافظة خوزستان، ومرة تساءلوا ما سر القصيدة وهل كتبتها لمشهد أم شهيد رأيتها أمامي (كما في مسابقة عكاظ الطف) وقد نلت بها المرتبة الأولى في المسابقة.

والمرة الأخيرة التي ألقيتها كانت في المكتبة الأدبية في النجف حيث وقفت أم لشهيد وراحت تنادي هذه الكلمات هي بلسان حالي أقولها لشهيدي (إعتنقتني بكل ما في القصيدة من وهج واندفاع وصبّت علي قبلات اكبارها وعنفوانها وفخرها).

الفن وثقافة المقاومة

وفي هذه الأجواء خلال الأيام الماضية حدث في ايران الحادث الإرهابي الأخير في مرقد شاهجراغ (ع) بإيران، سألنا الشاعرة اللبنانية عن رأيها بالنسبة للأحداث الإرهابية التي قام بها داعش ومسؤولية الفنان الملتزم في هذا المجال، فقالت: لم أظن بأني يوم من الأيام أرى هذه المشاهد في البلد الأمين إيران. لقد فار دمع عيني وتأججت محبرتي لتحمل ذخيرتها وتطلقها كرصاصة بوجه أعداء الله والإسلام.

ثقافة المقاومة لابد أن تتجسد فناً وشعراً، علماً وأدباً،وواقعاً يؤرخ بأقلام المبدعين.

فليُكتب المجد والتاريخ من دمنا

لا يكتب المجد إلا بالدم القاني

دعم القضية الفلسطينية عبر الفن

طلبنا من “السحمراني” لكي تتحدث لنا أنه كيف يمكن دعم القضية الفلسطينية عبر الفن؟ وكيف انشدت “عروس القدس”؟، فقالت: إن الإنشاد والرسم، والكتابات الأدبية والفنية وإنشاء المعارض الهادفة التي تنقل مجريات القضية الفلسطينية التي هي أم القضايا وأهمها وإجراء المسابقات الأدبية والفنية لتحريض المدعين على القيام بما يليق بالقضية كلها أساليب داعمة ورصاصة الحق في صدر العدو الغاشم.

“عروس القدس” كانت للطفولة في فلسطين لجرأة الفتاة الفلسطينية التي لا يرف لها جفن وهي تحمل الحجارة وتركض خلف الجنود الإسرائيليين الجبناء.

القدس كانت محطة الحضارات القديمة فناً وشعراً ولا تزال محوراً يتغنى بها المبدعون والعظماء.. القدس ترفع الشاعر قيمة وقدراً، وليس العكس.

الحجاب والمرأة الملتزمة

سألنا “السحمراني” التي هي ملتزمة بحجابها، عن رأيها بالنسبة للحجاب، نظراً لأن البعض يعتبرونه معوّق لنشاطات المرأة، وبما أنها ملتزمة ومحجبة وناشطة، هل الحجاب كان معوّقا لها؟، فقالت: حجاب المرأة رمز العفاف، والطهارة والقداسة.. الحجاب رمز الشرف والشرفاء، والدفاع عن الحجاب قضية بحجم الدفاع عن  أرض تغتصب وتستباح، لذا أهم وصايا الشهداء “حجابك أختي أفضل من دمي”.

الحجاب هويتي ووطني وحضني وحصني، وأنا أنثى، فكيف تكون الأنثى بلا هوية ولا وطن ولا حضن ولا حصن؟؟؟.

تأثير الشعر الملتزم

بعد ذلك طلبنا منها، كيف وجدت تأثير الشعر الملتزم والمقاوم على المجتمع والجيل الجديد؟، فقالت: إن الجيل الجديد أقرب إلى الشعر وأقرب إلى المقاومة وأقرب إلى الفهم بدليل إنه انجذب باللاشعور إلى (سلام فرمانده).

وحول الأثر والشعور الذي يتركه الإيمان وإنشاد الشعر الملتزم في روحها وحياتها، قالت “السحمراني”: الحمدلله على ما أنعم به عليّ فأحسن صياغة المشاعر شعراً لتدخل في قلوب المحبين كما خرجت من قلبي.

الثقافة الدينية والولاء المتأصل في روح الأديب يظهر جلياً واضحاً في أبياته، وينعكس جمالاً وسحراً على المتلقي.

وأخيراً قالت الشاعرة اللبنانية “فاطمة السحمراني”: أنا الأقل شعرا لكن أطمح بأن يكون لي ما لشعراء أهل البيت عليهم السلام من الشرف والمنزلة الرفيعة.

 

شاعرة لبنانية