انضمت سويسرا الى مجموعة الدول الأوروبية ومن بينها فرنسا وبلجيكا التي نظّمت الاتحادات العمالية والنقابات فيها مظاهرات مطالبة بتعديل الرواتب للتعامل مع التضخم الذي اجتاح أوروبا منذ تغذيتها للحرب الغربية الروسية في أوكرانيا. اذ شارك حوالي 3000 موظف حكومي في منطقة لوزان، وأضرب المعلمون في حوالي 30 مدرسة وثانوية ومؤسسات تعليمية أخرى، ويعد هذا التحرّك “أكبر تعبئة منذ الاحتجاج على إصلاح صندوق المعاشات التقاعدية في عام 2013”.
تزامنت المظاهرات أيضًا مع إعلان البنك الوطني السويسري، خسارة 132 مليار فرنك سويسري (143 مليار دولار) للسنة المالية 2022، وهي أكبر خسارة في تاريخ “المركزي” الممتد 116 عاماً، بحسب شبكة “سي إن بي سي”. وهذا سيحمل تداعياته على الأوضاع الاقتصادية والمالية وبالتالي الاجتماعية في البلد.
كما قدّرت توقعات أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية لعام 2023 أن يؤدي التباطؤ الاقتصادي الحالي إلى زيادة في نسبة البطالة التي قد تصل إلى 2.3%. فيما تحدّت موقع “Swissinfo” أن معاناة معيشية طالت كبار السن والمتقاعدين، اذ ينزح 1 من أصل 5 مسنين تحت خط الفقر وسط انعدام المدخرات أو الموارد المالية الاحتياطية التي تغطي الدخل المحدود عادةً.
وقد أنهت سويسرا في العام 2022 مرحلة معدلات الفائدة السلبية، مع رفع البنك المركزي السويسري هذه المعدلات تدريجيًا والتي وصلت في شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي الى 1%. اتبعت سويسرا هذه السياسة لأول مرّة منذ 15 عامًا لمواجهة معدلات التضخم المتصاعدة بعد أن كان البنك المركزي قد حافظ على أسعار الفائدة ثابتة عند -0.75% منذ العام 2015.
وحول نسب التضخم، يتحدّث الاعلام عن ملامسته الـ %5. وكانت تقارير المكتب الفيدرالي للإحصاء (FSO) قد أشارت العام الماضي الى وصول التضخم الى أعلى مستوى له منذ 29 عامًا عندما بلغ 3.4% في حزيران / يونيو، وهو أكثر مما توقعه الاقتصاديون، ولأول مرة يتجاوز التضخم في سويسرا 3% منذ عام 2008.
الى جانب ذلك ارتفعت تكاليف الطاقة والوقود، فيما كانت هيئة الكهرباء السويسرية قد حذّرت الأسر من ارتفاعات كبيرة في الفواتير لعام 2023، كما حذّرت عدد من قطاعات الصناعة من أنها ستضطر إلى نقل زيادات التكلفة إلى المستهلكين. وعلى الرغم من كلّ ما تعانيه سويسرا الا أن الحديث عن الركود لا يزال بعيدًا، وهي أفضل حالًا من الدول الأوروبية الأخرى، فتاريخيًا يعد الاقتصاد السويسري من الأكبر والأكثر استقرارًا ليس فقط في أوروبا بل في العالم.