بيروت.. اللقاء (الجزء الحادي عشر)

خاص لوفاق : ستنشر ”الوفاق” على عدة حلقات مشاهداتها الخاصة من بيروت كتبها لها الدكتور محمد علي صنوبري رئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية، وفيما يلي الجزء الحادي عشر من هذه السلسلة:

2024-12-21

د.محمد علي صنوبري

 

كنت أعرف حسين مرتضى منذ كان یعمل في شبكة العالم، لكن هذه المعرفة كانت من طرف واحد.

 

مع أحداث الفتنة والحرب في سوريا وظهور الجماعة الإرهابية المدعومة من أمريكا والكيان الصهيوني  زادت معرفتي به. لقد درست كتبه ومقالاته المتعلقة بالحرب النفسية، ووجدت أن ثقافته الإعلامية قائمة على المعرفة والخبرة.

 

في إحدى رحلاتي إلى العراق بدعوة من هيئة الإعلام والاتصالات، التقيت بحسين مرتضى عشنا معًا لمدة عشرة أيام في مكان كان قطعة من الجنة. في المرة الأولى التي احتضنته فيها، كان يحمل عبق الشهداء، وفي آخر مرة رأيته فيها كنا نتبادل الآراء حول التوعية والتنوير والبصيرة في صفوف الجماهير والنخب. الآن أنا متواجد في بيروت وهو كذلك! كان يجب أن أراه وأعبر له عن محبة أصدقائي واحترامهم له ولحزب الله ولسيد شهداء الأمة سماحة السيد حسن نصرالله.

 

تيسرت الزيارة، لكن ليس بتلك السهولة! في البداية قلت له: السلام عليك يا أيها الشهيد الحي! وقلت: جئت لأكون مساعدك وأخدم في جبهة إعلام المقاومة.

 

فقال: أنت تنصحني بأن أنتبه لنفسي، لكنك جئت إلى بيروت وإلى أخطر مناطقها برفقة السيد عزيزي في ذروة الأزمة؟ قلت: عندما سمعت فتوى قائدنا التي قال فيها كل من يستطيع تقديم أي نوع من المساعدة لجبهة المقاومة فليفعل، قمنا بسرعة بتحضير سفرنا لنكتب ونوثق وننقل رواية الحق ورواية النصر في قلب الأزمة.

 

استمرت محادثتنا لمدة ساعة، فجأة، سمعنا أصوات عدة طلقات. قال: لا تقلقوا، هذا الصوت يعني إنذار الخطر! بعد ذلك نتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي لنرى أي منطقة ستتعرض للاستهداف.

 

تابعنا المقابلة إلى غرفة أخرى كانت تحتوي على خريطة كبيرة لمناطق جنوب لبنان. أوضح حسين مرتضى بفهم وإدراك جيدين ما هو هدف الكيان الصهيوني من دخوله إلى جنوب لبنان، واضطررنا لتقليل مدة اللقاء. ثم خرجنا معًا إلى خارج المبنى لنرى حجم الدمار.

 

في الشارع، شعرت بنفس ذلك الإحساس العميق مرة أخرى؛ إحساس السير في مسيرة الأربعين العظيمة، إحساس السير بين الحرمين، إحساس لا يمكن وصفه، كنت أرغب في البقاء هناك؛ وكأن المكان والجو هناك كانا يشيران إلى حالة من الرضا الإلهي، كان هناك عطر غريب يتصاعد في الشوارع، وكنت أشعر بسعادة غامرة، كانت إحدى يدي تحمل الكاميرا والأخرى تحمل عداد الصلوات الذي أخذته نذرًا للصلوات من أجل انتصار حزب الله.

 

وفي هذه الأجواء، سمعنا فجأة صوت انفجار كبير اهتزت له الأرض تحت أقدامنا، ثم أعادني صوت الانفجار وصداه المتكرر إلى الواقع ثم رأيت أصدقائي في السيارة قلقين وينادون عليّ أين أنت؟

 

وبعد تلقي ثلاث هدايا معنوية قيمة جدًا، وهي كتابان وفيلم وثائقي من انتاج الأستاذ حسين مرتضى، ودّعته وذهبنا، لكنني تركت قلبي عنده في ذلك المكان الأشبه بالجنة.

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة