خبير في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لـ «الوفاق»:

سنشهد المزيد من التعاون بين الانسان والذكاء الاصطناعي

خاص الوفاق : فإن الذكاء الاصطناعي يتقدم بشكل مستمر؛ حيث يسعى الذكاء الاصطناعي العام إلى محاكاة جميع جوانب الذكاء البشري؛ في الواقع، هناك أنظمة مصممة ومدربة فقط لمهمة معينة. مثلاً برامج التعرف على الصوت، وبرامج تحليل البيانات، وبرامج الألعاب كلها أمثلة على الذكاء الاصطناعي المحدود.

2024-12-21

كبرى اميري

 

في هذه الأيام، يتم الحديث في كل مكان عن استبدال الانسان بالذكاء الاصطناعي. قد تتصور أن الذكاء الاصطناعي في المستقبل القريب سيستحوذ على كل شيء، بل حتى قد يدفع المبرمجين إلى الهاویة. إحدى أكبر المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هي إمكانيته في أخذ مكان القوة العاملة البشرية في مختلف الصناعات، وهو موضوع جدي ومهم في العالم. مع التقدم المتزايد في أنظمة الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكانها أداء مهام تُنجز اليوم بواسطة البشر. في معظم الأعمال التي تعتمد على كميات هائلة من المعرفة، من المحتمل أن يقوم المستخدمون بتعزيز أنفسهم من خلال التعاون مع الآلات بدلاً من التراجع عن تنفيذ هذه الأعمال؛ سيكون البشر والآلات في الوقت نفسه شركاء ومنافسين لبعضهم البعض. لقد حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً سريعاً في العديد من المهن البشرية مثل تشخيص الأمراض، وترجمة اللغات، وتقديم خدمات العملاء؛ بالطبع، هذا التقدم يثير الخوف في نفوس الناس من أن الذكاء الاصطناعي سيحل في النهاية محل القوى العاملة البشرية في جميع مجالات الاقتصاد؛ لكن مثل هذا الشيء ليس حتمياً أو حتى مرجحاً.

 

في هذا السياق، أجرت صحيفة «الوفاق» حواراً مع الخبير في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي السيد بهبود بشيري، فيما يلي نصّه:

 

يشير بشيري إلى أن تعريف الذكاء الاصطناعي بشكل عام يشمل جانبين: التعلم والاستدلال، ويقول: يُطلق على الذكاء الاصطناعي مجموعة من التقنيات والخوارزميات التي تتيح للآلات والأنظمة التفكير والتعلم كما يفعل البشر.

 

وفي توضيحه للجزء الأول من تعريف الذكاء الاصطناعي، قال بشيري: التعلم يعني قدرة النظام على تحسين أدائه بناءً على البيانات والتجارب السابقة. على سبيل المثال، يمكن للآلات استخدام خوارزميات التعلم الآلي لمحاكاة نمط سلوك إنساني بناءً على بيانات تتعلق بسلوك المستخدمين.

 

وأشار بشيري في توضيحه للاستدلال، الذي يعد الجانب الثاني من الذكاء الاصطناعي، إلى أن الاستدلال يعني القدرة التي تستخدمها الأنظمة لحل المشكلات واتخاذ قرارات معقدة بناءً على المعلومات والنماذج التي تعلمتها. على سبيل المثال، يمكن لنظام ذكاء اصطناعي تحليل الصور الطبية. وبناءً على الأنماط الموجودة، تحديد ما إذا كانت هناك حالة مرضية معينة أم لا.

 

ووفقاً لبشيري، فإن الذكاء الاصطناعي يتقدم بشكل مستمر؛ حيث يسعى الذكاء الاصطناعي العام إلى محاكاة جميع جوانب الذكاء البشري؛ في الواقع، هناك أنظمة مصممة ومدربة فقط لمهمة معينة. مثلاً برامج التعرف على الصوت، وبرامج تحليل البيانات، وبرامج الألعاب كلها أمثلة على الذكاء الاصطناعي المحدود.

 

وقال بشيري: إن الذكاء الاصطناعي أحدث تغييرات جذرية في الصناعات وحياتنا اليومية. مضيفاً: من السيارات ذاتية القيادة إلى المساعدين الافتراضيين مثل Siri وAlexa، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من التكنولوجيا الحديثة.

 

وظائف الذكاء الاصطناعي

 

وفيما يتعلق بوظائف الذكاء الاصطناعي، قال: في عالم اليوم، وظائف الذكاء الاصطناعي متنوعة وشاملة. وإحدى التطبيقات الرئيسية للذكاء الاصطناعي تتجسد في مجال تحليل البيانات؛ حيث أنه نظراً للحجم الهائل من البيانات التي يتم إنتاجها يومياً، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل هذه البيانات بسرعة ودقة واستخراج معلومات ذات مغزى منها. وأضاف: في عالم الطب، يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تحديد الأنماط المرتبطة بالأمراض وتقديم تنبؤات أكثر دقة.

 

وأشار بشيري إلى أن الروبوتات الذكية في المصانع والصناعة يمكن أن تقوم بأعمال متكررة وصعبة، مما يساعد على تقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية؛ مضيفاً: إن أتمتة العمليات هي مجال آخر مهم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتابع: أيضاً، في صناعة السياحة وخدمات العملاء، يمكن للدردشة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي الرد على استفسارات المستخدمين على مدار 24 ساعة وتقديم خدمات مخصصة.

 

وأكد هذا الخبير في مجال التكنولوجيا أن أحد المجالات الأخرى التي تم تحويلها بواسطة الذكاء الاصطناعي هو السيارات ذاتية القيادة، قائلاً: هذه السيارات تتطور وتتحسن بشكل متزايد. يمكن للسيارات ذاتية القيادة باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي التعرف على العقبات وحالة الطريق وظروف المرور واتخاذ القرارات اللازمة لقيادة أكثر أماناً. وأضاف: إن الذكاء الاصطناعي كأداة إبداعية أيضاً في طور الظهور، ويمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي المساعدة في إنتاج الموسيقى، وكتابة القصص، وتصميم الجرافيك وغيرها من الأنشطة الفنية.

 

وقال بشيري: لذلك، فإن وظائف الذكاء الاصطناعي في حياتنا تتوسع يوماً بعد يوم وتساعد في تحسين جودة الحياة وزيادة الكفاءة وخلق فرص جديدة.

 

هل يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّ القوى العاملة؟

 

وفي ردّه على سؤال حول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل القوى العاملة البشرية، قال بشيري: إن استبدال الذكاء الاصطناعي بالقوى البشرية هو موضوع كان دائماً مثيراً للجدل، من جهة، وبناءً على التقدم التكنولوجي، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي قادر على تولي العديد من المهام المتكررة والتي تستغرق وقتاً طويلاً. على سبيل المثال، في بعض الصناعات الإنتاجية، تقوم الروبوتات بسرعة ودقة عالية بأداء مهام خط الإنتاج، وهذا يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتقليل التكاليف؛ لكن بجانب هذه المزايا، يواجه استبدال القوى البشرية بالكامل بالذكاء الاصطناعي تحديات؛ حيث تتطلب العديد من الوظائف التفكير النقدي، والإبداع، والمشاعر الانسانية. فمثلاً، في مجالات الفن، والاستشارة، والتعليم، والصحة، تلعب العلاقات البشرية دوراً رئيسياً ولا يمكن لأي خوارزمية أن تحل محل البشر بشكل كامل.

 

 التعاون بين الانسان والذكاء الاصطناعي

 

وأشار بشيري إلى أن استبدال القوى البشرية بالذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى خلق تحديات اجتماعية واقتصادية، وقال: من بين هذه التحديات فقدان الوظائف وزيادة البطالة، وهذا الأمر يكون أكثر وضوحاً في الوظائف ذات الطبيعة المتكررة والبسيطة. وأضاف: لذلك، يُظهر المستقبل أننا سنشهد المزيد من التعاون بين الانسان والذكاء الاصطناعي بدلاً من الإزالة الكاملة للقوى البشرية. يمكن للبشر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة واتخاذ قرارات أفضل، بينما يستفيد الذكاء الاصطناعي من القدرات البشرية كمكمل. وبهذه الطريقة، من المتوقع أن تتغير سوق العمل في المستقبل وتظهر وظائف جديدة تتطلب مهارات متنوعة.

 

 مخاطر الذكاء الاصطناعي

 

وتحدّث بشيري عن مخاطر الذكاء الاصطناعي، قائلاً: بينما يمكن أن يحمل الذكاء الاصطناعي مزايا عديدة، إلا أن هناك أيضاً مخاطر وتحديات يجب الانتباه لها، وإحدى أكبر هذه المخاوف هي إساءة استخدام المعلومات. مضيفاً: يمكن للذكاء الاصطناعي، من خلال جمع وتحليل البيانات الكبيرة، الوصول إلى المعلومات الشخصية للأفراد. إذا تم استخدام هذه المعلومات بشكل غير صحيح أو غير مصرح به، فقد يؤدي ذلك إلى انتهاك الخصوصية وحتى سرقة الهوية.

 

واعتبر هذا الخبير في مجال التكنولوجيا التمييز الخوارزمي من المخاطر الأخرى، وقال: عندما يتم تدريب الذكاء الاصطناعي بناءً على بيانات تاريخية، قد تعزز هذه الخوارزميات الاختلافات الموجودة في البيانات. فمثلاً، إذا كانت البيانات تحتوي على سجلات غير متساوية عرقياً أو جنسياً، يمكن أن تنتج أنظمة الذكاء الاصطناعي توصيات وقرارات تمييزية.

 

وأشار بشيري إلى أن للذكاء الاصطناعي قيوداً يجب أخذها في الاعتبار، قائلاً: أحد أكبر القيود هو فهم ومعالجة المشاعر الانسانية؛ لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفهم المشاعر بشكل حقيقي؛ بل تعمل هذه الأنظمة بناءً على الأنماط والبيانات ولا يمكنها محاكاة الحالات العاطفية بدقة. مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي لا يمتلك مشاعر ولا يمكن أن يتأثر مثل البشر، تعمل هذه الأنظمة فقط بناءً على الخوارزميات والبيانات ويمكنها محاكاة المشاعر؛ لكنها لا تستطيع تجربة هذه المشاعر.

 

الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على خصوصية الانسان

 

وأكد بشيري أنه في بعض المجالات، يمكن أن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، قائلاً: إن هذا التفوق يمكن أن يكون خاصاً في معالجة كميات كبيرة من المعلومات وإجراء حسابات معقدة، بينما في مجالات الإبداع والتفكير النقدي، لا يزال البشر يتمتعون بالأفضلية.

 

وأشار إلى أنه يمكن أن يؤثر على خصوصية الانسان، قائلاً: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يهدد الخصوصية من خلال جمع البيانات الشخصية وتحليلها. مضيفاً: إن استخدام هذه البيانات يمكن أن يؤدي إلى انتهاك الخصوصية وفي النهاية إلى شعور بعدم الثقة بين الأفراد تجاه التكنولوجيا.

 

وشدد على أن الذكاء الاصطناعي يمكنه محاكاة أمثلة من الإبداع، مضيفاً: إنتاج الموسيقى أو الأعمال الفنية يعد من بين هذه المحاكاة؛ لكن هذا الإبداع يعتمد على البيانات والخوارزميات ولا يمكن أن يكون شعورياً أو ملهماً.

 

وتحدث بشيري عن مزايا وعيوب الذكاء الاصطناعي، قائلاً: تشمل مزايا الذكاء الاصطناعي زيادة الإنتاجية، ودقة عالية، وتقليل التكاليف؛ أما العيوب فتشمل فقدان الوظائف، والتمييز الخوارزمي، والمخاوف الأمنية. مضيفاً:: التأثيرات التي يمكن أن يحدثها الذكاء الاصطناعي على الانسان تتعلق بتأثيره في الحياة الانسانية، حيث يمكن أن يغير الذكاء الاصطناعي أنماط حياتنا، وكيفية العمل والتفاعلات الاجتماعية، ويمكن أن تكون هذه التغييرات إيجابية أو سلبية وتحتاج إلى اهتمام وإدارة دقيقة.

 

وفي الختام، أشار بشيري إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه تقليد القدرات العقلية للإنسان بشكل كامل، قائلاً: الذكاء البشري يعتمد على الخبرة، والعواطف، والإبداع، بينما يقوم الذكاء الاصطناعي فقط بأداء وظائف محددة بناءً على البيانات.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة