مختار حداد
في ظل العدوان الصهيوني المتواصل على فلسطين، يصبح للأدب دور مركزي في إبراز معاناة الشعب الفلسطيني وكشف جرائم الاحتلال. الأدب هنا ليس مجرد وسيلة تعبير فني، بل هو وثيقة تاريخية تحكي تفاصيل النضال، وتربط الأجيال بعضها ببعض، وتحفظ ذاكرة القضية حية في وجدان الأمة. الأدباء الفلسطينيون، ومن يسير على نهجهم، يساهمون في تشكيل ما يطلق عليه «أدب المقاومة»، الذي يعكس صمود الإنسان الفلسطيني في وجه الظلم، ويوصل صوت القضية إلى العالم بطريقة تتجاوز الحدود واللغات. وحول أهمية الأدب في التعريف بالقضية الفلسطينية وتعزيز المقاومة حاورت صحيفة الوفاق الكاتب والروائي الكبير الأردني أيمن العتوم ، وهو أحد أشهر الشعراء والكتاب الروائيين الأردنيين، وواحد من أشهر الكتاب الشباب في القرن الواحد والعشرين، وله دواوين شعرية كثيرة، وكذلك العديد من الروايات، وفيما يلي نص الحوار:
كيف تنظرون الى أهمية المشاركة في جائزة فلسطين العالمية للآداب التي تدعم رواية مظلومية الشعب الفلسطيني وصموده وإجرام الكيان الصهيوني بحقه، وما هو دورها في تحفيز الكتّاب؟
تأتي الجائزة في سياق السردية بمعنى أننا يفترض أن نقول سرديتنا لأنهم يقولون سرديتهم ونحن إن لم نقل سرديتنا ونقُل قصتنا القصيرة وروايتنا فإن الرواية أو السردية الصهيونية هي التي ستتغلب، فكما أن المعارك تدور بين جيشين وبين سلاحين وبين دولتين كذلك تدور المعارك بين سرديتين فلنا سرديتنا ولهم سرديتهم ويفترض أن نقدم السردية الصحيحة المؤمنة بحق الشعب الفلسطيني في تحرير بلاده. زرنا قصور العباسيين أثناء حضورنا مهرجان الجائزة، بنظركم من يتذكر أو يعرف شكل هذه القصور وكم عدد غرفها وطوابقها ولكن سنتذكر ما قاله المتنبي ” والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفة فلعله لا يظلم ” و ستتذكر أقوال الحكماء والفلاسفة والشعراء والروائيين الذين خلدت قصائدهم وأقوالهم ، فالفن أقوى من الموت كما يقولون والقصيدة والرواية والكلمة الصحيحة والحقة هي التي تقاتل عن حق الشعوب في تحرير أرضها.
ما أهمية جائزة فلسطين العالمية للآداب؟
هذه مشاركتي الأولى في الجائزة وهذه النسخة الثانية منها وهي قفزت قفزة كبيرة وتطورت، فحين نقول أن هذه النسخة الثانية من الجائزة تشعر أنها نسخة ثالثة أو رابعة وحتى خامسة لصداها الطيب في نفوس الناس، هذه الجوائز تساعد على انتشار القصة الحقيقية و الكلمة الحق وتساعد على أن تقاتل الكلمة كما تقاتل الرصاصة كما يقاتل السيف عن فلسطين .
لماذا كأديب ركزتم على القضية الفلسطينية في معظم كتاباتكم ؟
معظم كتاباتي تتحدث عن فلسطين، صدر لي ديوان ” خذني للمسجد الأقصى” كله عن فلسطين وأيضاً ديوان “طيور القدس” كله عن مدينة القدس المحتلة وصدرت لي ثلاث روايات عن فلسطين، الأولى بعنوان “إسمه أحمد” والثانية رواية “ستة” التي تروي قصة الأسرى الستة الذين خرجوا بنفق الحرية من سجن جلبوع قصته مشهورة وهم تغلبوا وقهروا إرادة العدو الصهيوني فخرجوا من سجن جلبوع بطريقة الحفر بالملعقة من تحت أرض السجن والرواية الثالثة تتحدث عن تضحيات غزة وهي رواية” الرعب”، أما لماذا أكتب عن فلسطين فلأنها قضية المسلمين المركزية ونحن دائماً نقول ممكن أن يختلف المسلمون على أشياء كثيرة ولكنهم يتفقون على القدس وهم ممكن أن يفترقوا على قضايا ومذاهب وأفكار متعددة ولكنهم يتفقون ويلتقون حين يتعلق الأمر بالمسجد الأقصى أو بفلسطين أو بالقدس.
هناك مساعي لحرف البوصلة وإشعال فتن في المنطقة وفي ظل هذه التطورات أتت عملية “طوفان الأقصى” كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟
البوصلة فقدت اتجاهها فجاء الطوفان ليعيدها لإتجاهها الصحيح أنا متيقن من أن السابع من اكتوبر / تشرين الأول كان إعادة اتجاه البوصلة نحو هدفها الصحيح وكما قال مظفر النواب بوصلةٌ لا تشير إلى القدس مشبوهة، فنحن البوصلة لدينا هي القدس والقضية الفلسطينية وبالتالي جاءت طوفان الأقصى من أجل أن تعيد لها بهائها، والأحداث التي لحقت بها قد تكون جليلة ولكن المعيار هو غزة وحق الشعب الفلسطيني والقضاء على هذا الاحتلال إنه ليس احتلالاً فحسب انه استبداد ، إنه استعمار بغيض يدمر الأرض والبشر والشجر والحجر والحيوانات هو فقط ليس ضد المسلم وليس ضد الفلسطيني بل هو ضد الإنسانية.
ما هي توصياتكم للكتّاب الشباب؟
أولى نصائحي لهم، لن تكون كاتباً جيداً إلا اذا كنت قارئاً نوعيًا أي قارئاً عميقاً مثقفاً فإذا اردت أن تنتشر فاجعل قراءتك معمقة ونصيحتي الثانية اختر القضايا المتفق عليها ولا تختر القضايا المختلف عليها فالمختلف عليه سوف يزيد من تحزب الناس حول ما تكتب إنما إجمعهم أنت على الخير، هناك قواسم مشتركة بين كل الناس قيم إنسانية عليا مثل الحرية ومحاربة العنصرية ومواجهة التمييز ومحاربة منع إعطاء الآخر الحق في التعبير هذه قضايا يجتمع عليها الناس فاكتب بها، والنصيحة الثالثة إجعل لفلسطين نصيباً مما تكتب سواء نثراً أم شعراً لأن هذه قضية لا يختلف عليها إثنان وبما أنه لا اختلاف عليها إذاً أنت تكتب في الإتجاه الصحيح.
كيف تنظرون إلى أهمية ترجمة جائزة فلسطين العالمية للآداب كتب مشاركيها إلى اللغات الأخرى؟
قامت الجائزة بما تقوم به دور النشر الكبرى و نحن بالفعل محظوظين يعني حين نصل إلى القائمة القصيرة أو حين يفوز عمل ما من أعمالنا أو من أعمال سوانا بالجائزة هذا يعني أن أبواب المجد قد فتحت لك لأن روايتك ستترجم للفارسية ويعرفك الذي يتفق معك في أمور كثيرة ولكنه لا يعرف لغتك والعكس أيضاً حين تترجم الروايات الفارسية إلى اللغة العربية، هكذا يكون التلاقي والتمازج الحضاري و الإنساني فهي فرصة كبيرة جداً ونحن بالفعل نشكر جائزة فلسطين العالمية للآداب على أنها من هذه الناحية لم تقصر أبداً بل هذا بالنسبة لنا أكبر جائزة أن يقرأ عنا الأخر وأن تُترجم أعمالنا إلى اللغات الأخرى.
وختم الكاتب العتوم برسالة للقراء والمتابعين :” أنا أقول لهم إقرأوا حتى يشيب الغراب وإبعثوا الحرارة في كتاباتكم وقاتلوا بالكلمة لأنكم جنودها و كما يقاتل الجنود الحقيقيون في المعركة بالسلاح فسلاحكم الكلمة فلا تخذلوا أمتكم بسلاحكم.