لقد حاول علماء التربية قديماً وحديثاً أن يهتدوا إلى منهجٍ تربويّ شامل يُعنى بتحديد الأساليب والقيم والمعايير الكفيلة بدراسة ما يناسب مراحل الطفولة المختلفة. وقد بذلوا في هذا الصدد جهوداً كبيرة وشاقّة ومتواصلة حتّى استطاعوا التوصّل إلى مبانٍ ومقترحات وتوصيات تُعدُّ – من وجهة علمية – قيّمة ونافعة، إلاّ أنهم لم يتمكّنوا – مع ذلك – من تحديد المنهج الدقيق الذي يمكن الاستناد إليه في معالجة المشاكل المعقّدة، التي تكتنف تلك المرحلة الحسّاسة من عمر الإنسان، كما أخفقوا في حلِّ الصعوبات المتزايدة يوماً بعد آخر، التي تواجه المؤسّسات التربوية والآباء والأمهات والمربّين في هذا المجال.
ولعلّ من المؤسف حقاً أنّ تتوجّه أنظار كثير من المسلمين، وخاصةً العاملين منهم في حقل التربية، إلى مدارس الغرب التربوية ليتلّقوا عنهم مناهجهم التربوية، وأن يفوتهم أنّ في الشريعة الإسلامية المنهج التربويّ المتكامل الذي يعالج ويقدّم المباني والأساليب الناجعة لجميع ما استُعصي عليهم حلُّه، وأنَّ في سيرة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وفي سيرة أهل بيته الطاهرين عليهم السلام معيناً لا ينضب من الوصايا والإرشادات، والتعاليم والتوجيهات التي لو استخدمت في الحقل التربويّ، ووظّفت في مجالاته المتعدّدة، لكانت كفيلة بترسيخ أروع القيم والمثل العليا في نفس الطفل.
إنَّ المنهج الإسلاميّ الذي يمكن تحديد معالمه وقواعده بالاستناد إلى القرآن الكريم والسُنّة النبوية المطهّرة، وما أُثر عن الأئمة المعصومين عليهم السلام يهدف إلى تحقيق تربيةٍ متّزنة للطفل تبدأ من قبل أن ينعقد جنيناً في رحم الأمّ، وتستمرّ معه إلى أن يشبَّ عن الطوق، مروراً بمراحل الحمل، والولادة والرضاعة، والطفولة المبكرة.
وهذا الكتاب – تربية الطفل في الإسلام – الصادر عن مركز المعارف للتأليف والتحقيق يُعنى بتربية الطفل وكيفية إعداده نفسياً.
الوفاق